اختتمت مساء السبت فعاليات المهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة، في دورته السادسة عشرة. وهي الدورة التي تأتي في سياق الرهان على تقدّم الفيلم المغربيّ، والوقوف عند حصيلة الفيلم المغربيّ خلال السنة الماضية، ومدى تطوره من جميع النواحي (كتابة السيناريو، الإخراج، التشخيص، التصوير، الإنتاج الخ). وبعد أسبوع من الفرجة والانتظار والتوقع، تمّ الإعلان عن نتائج مسابقة الفيلم الطويل حيث فازت بالجائزة الكبرى المخرجة المغربية العراقية طالا حديد عن فيلمها "إطار الليل". وهي النتائج التي أثارت ردود أفعال من طرف بعض المتتبعين الذين اعتبروا تقييم لجنتي التحكيم مجانبا للصواب. وقد جاءت باقي الجوائز كالتالي: عزيز داداس جائزة أحسن دور رجالي عن فيلم دالاس. أمال الأطرش جائزة أفضل دور نسائي عن فيلم دالاس. عادل أبا تراب جائزة ثاني دور رجالي عن فيلم كاريان بوليوود. هدى الريحاني جائزة ثاني دور نسائي عن فيلم عايدة. عبد القادر لقطع جائزة أحسن سيناريو عن فيلم نصف سماء. كزافييه كاسترو جائزة أحسن صورة عن فيلم عايدة. كريم الروندة جائزة أحسن صوت عن فيلم الشعيبية. محمد مفتكر جائزة أحسن إخراج عن فيلم جوق العميين. ومهما يكن من أمر، فالذي يمكن قوله بكلّ موضوعيّة بأن نصف الأفلام الطويلة تقريبا، هذه السنة، لم تكن في مستوى المشاركة في المسابقة الرسمية، وذلك لاعتباراتٍ من بينها: ضعف تماسك السيناريو، والاعتماد للربط بين أحداث القصص التي تحكيها على عنصر الصدفة والانتقال غير المبرّر لا دراميّا ولا فنّيّا، وحضور المباشرة أحيانا في حوارها الطاغي على باقي عناصر الحكي، وسذاجة القصص المحكاة أحيانا، وكذا انعدام التوازن بين الحوار والصورة، وحضور الطلاسيم والهذيان والضبابية رغم المجهودات المبذولة في التشخيص والتصوير وجوانب أخرى. هذه ملاحظات عامة عن مستوى الأفلام دون ذكر أسمائها، غير أنها لا تنفي، بل تؤكد وجود أفلام فيها مجهود ملحوظ على مستويات عدة كالتشخيص والموسيقى التصويرية مثلا، أو التصوير والتشخيص والانتقال بسلاسة بين الحاضر والماضي أو توابل صناعة أفلام الحركة وما يرتبط بها من مؤثرات أو غير ذلك (جوق العميين، عايدة، دالاس على سبيل المثال). ومن خلال حصص المناقشات التي عقبت عرْض الأفلام، أو الندوات الموازية، يتّضح أن السينما المغربيّة ما زالتْ تنتظر من مخرجيها أعمالا ناضجة وغير متسرعة في إنجازها، أعمالا يجد فيها المتفرّج المغربيّ وفي موضوعاتها نفسه وجوانب من تاريخه القريب والبعيد أو من واقعه الحالي الذي يحبل بالظواهر والقصص والوقائع الاجتماعية والسياسية والفنية وغيرها . ليس المهم أن تحكى لنا حكايات متنوعة ومختلفة فحسب، وإنما الأهم هو أن تُقدَّمَ لنا هذه الحكايات بجمالية وحرفية ورؤية سينمائية واضحة للإنسان والعالم. ومن بين التساؤلات التي طرحت كذلك السؤال المتعلق بمدى افتقار السينما المغربية إلى النص الكلاسيكي. ذلك أن بعض مخرجينا يعتقدون بأن السينما ليس مجالا فقط لحكي القصص بل السينما هي انطباعات وهي تعبيرات سينمائية ، وهذا ما خلق فقرا على مستوى النص وتماسكه.