سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإسماعيلي العلوي: التقيت الحسن الثاني على انفراد ليتحدث معي حول موضوع «انقلاب الدليمي» حكى أنه أخبر الملك بثلاثة أسماء أخرى تشاطر الجنرال الدليمي رغبته في الانقلاب عليه
هناك العديد من الشخصيات التي ساهمت في صنع التاريخ المغربي، سلبا أو إيجابا، توارت إلى الخلف ولم تستعذب يوما لعبة الأضواء، ولأن التاريخ لا تصنعه الشخصيات «الشهيرة» فقط، فإن الكثير من المعلومات ضاعت في أتون الصراع السياسي والحسابات الشخصية. عبد الكبير العلوي الإسماعيلي، صاحب دار نشر منشورات «الزمن» الشهيرة، واحد من هاته الشخصيات، التي كان لها دور حاسم في قضية الصحراء في الكثير من المحطات، وإذا كان يرفض صفة «عميل المخابرات المغربية»، فإنه يؤكد أنه تعاون معها في الكثير من اللحظات الحساسة. على كرسي الاعتراف، يحكي العلوي الإسماعيلي أسرارا غاية في الحساسية عن قضية الصحراء ودور إدريس البصري وعلاقاته المتشعبة مع النظام الليبي، كما يتوقف عند لقاءاته بالملك الراحل الحسن الثاني، ويشرح كيف أخبره في إحدى الجلسات الخاصة أنه يتوفر على معلومات تؤكد قرب القيام بمحاولة انقلابية جديدة بالمغرب. – تمت المناداة عليك من طرف من؟ بعد حوالي ثلاثة شهور من تسليمي للتسجيلات التي تتضمن اعترافات صريحة من طرف الجنرال الدليمي حول رغبته في الانقلاب على النظام. يومها اتصل بي عبد الواحد بلقزيز وقال لي سأذهب إلى فندق «سوفيتيل» بمدينة الرباط في حدود العاشرة ليلا، ثم ستأخذني سيارة إلى وجهة أخرى، لم يخبرني بها. سارت السيارة في اتجاه طريق زعير، ولم ينبس السائق بأي شيء طوال مسافة الطريق، والحال أنه انتابتني شكوك من أن لقائي هذه المرة سيكون مع جلالة الملك الحسن الثاني. عند نقطة معينة أنزلني السائق، قبل أن يصل الملك بسيارة عادية جدا. في البداية سألني عن أحوال الصحة والعائلة والعمل والصحافة، وكان يتحدث إلي بأدب بالغ، ولم يدخل في صلب الموضوع الذي استدعاني من أجله إلا بعد مضي دقائق. لم يفتأ الملك أن سألني بشكل مباشر: من هي الأسماء التي ترجح أنها تريد الانقلاب علي بالإضافة إلى الجنرال الدليمي؟… – -أقاطعه- لكن قلت في حلقة سابقة إن التسجيلات كانت تحتوي على مكالمات لشخصيات شاطرت الدليمي الرغبة في الانقلاب على الملك. مشكلتك أنك تقاطعني باستمرار. أنا لم أتراجع قط عما قلته في الحلقة السابقة، بل إن الملك الراحل الحسن الثاني أراد أن يعرف أكثر حول الموضوع، مما يعني أنه أخذ الأمور بجدية أكبر. على العموم أخبرته بالأسماء التي توصلت إليها بكثير من البرهان، إذ ليس من السهل إقناع الحسن الثاني بأي شيء دون أن تدلل عليه. أتذكر أني أخبرته بثلاثة أسماء، ليخاطبني بعد ذلك: «متعاودش تخرج هاد الأسماء على لسانك وإذا استجد أي شيء ترى أنه سيفيدني، يمكنك أن تظل على تواصل مع السيد عبد الواحد بلقزيز، وليس أحدا آخر» مضيفا بلهجة صارمة «أريد أن يبقى كل شيء طي السرية وأن لا يعلم أحد بموضوع اللقاء ولا بمضمونه، وإذا احتجت أي شيء، مهما كان، في سبيل البحث عن الأسماء التي يمكن أن تكون متورطة في الرغبة في الانقلاب، أخبر بلقزيز، فقد أعطيته التعليمات بأن يلبي جميع ما تريد». وأتذكر أيضا أن الملك قال لي إنني لست بحاجة للحديث مع أي مستشار ملكي في الموضوع، أو حتى أن أفصح عن طبيعة المعلومات التي أتوفر عليها لأي أحد، وأضاف «وإياك أن تذكر اسم المستشار الذي رفض في البداية استقبال صديقيك اللذين كانا يتوفران على التسجيلات». – من هي الأسماء التي أخبرته بها؟ أعتذر عن الإجابة. – تعتذر للمرة الثانية عن الإجابة رغم أن الموضوع مضى عليه أكثر من ثلاثة عقود والحسن الثاني ذهب إلى دار البقاء، لمَ تصر على إخفاء هذه الأسماء؟ أنا لا أخفي شيئا، إنما ثمة أشياء يجب أن تبقى سرية، وما أقدر على الاعتراف به قلته لك وسأقوله في لحظات مقبلة. ما يمكن أن أقوله في هذا الصدد أن هاته الشخصيات من الداخل المغربي، ومشهورة جدا. – هل انتهت محاورتك مع الحسن الثاني عند ذلك الحد؟ نعم، ولن أنسى أنه كان حريصا جدا أن لا يعرف حتى أقرب المقربين منه أمر التسجيلات أو اللقاء به على انفراد بطريق زعير، وبيان ذلك أنه حذرني أن أذكر اسم المستشار الملكي أو اللقاء بأي أحد منهم للحديث عن موضوع الانقلاب. – لم يتسرب الكثير عن المحاولة الانقلابية التي كان الدليمي يريد القيام بها، فما هو معروف أنه كان رجل ثقة الحسن الثاني قبل حادثة السير الشهيرة؟ صحيح جدا. فالدليمي كما جميع الانقلابيين الآخرين، لم يكن يعطي يوما الانطباع أنه يسعى للانقلاب على الملك، والحق أنه كان مقربا جدا منه، بل وممسكا بكل شيء تقريبا في المغرب، وكان الآمر الناهي، لكن نواياه كانت مثل نوايا أوفقير، ولا تختلف إلا في بعض التفاصيل الصغيرة والسياقات، مع تسجيل أن أوفقير خبأ الأمر إلى آخر لحظة.