صادقت الحكومة في مجلسها الأخير على التعديلات التي تقدم بها وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، المتعلقة بتشديد العقوبات على الملتحقين بصفوف الجماعات الإرهابية، في كل بؤر التوتر وخصوصا سوريا والعراق، ومن أهم بنوده اعتبار الإشادة بالإرهاب جريمة إرهابية. وهو القانون الذي من شأنه أن يعزز الترسانة القانونية للمغرب في مواجهة التهديدات الإرهابية، التي ما زالت لحد الآن تحت السيطرة، بفضل يقظة الجهات الأمنية المكلفة بمحاربة الجريمة الإرهابية، سواء المرتكبة خارج المغرب أو داخله أو كانت هناك نية لارتكابها. وفي خضم النقاش حول الإرهاب ومحاربة الإرهاب، تم تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، منها واحدة كانت تعتدي على المواطنين بمدينة طنجة، وهي مرتبطة بالتنظيمات الإرهابية الدولية. ومع كل ذلك كشف مصطفى الرميد في حوار صحفي عن مصطلح جديد، يبشر به المهتمين، ويتعلق الأمر بالمقاربة التصالحية لحل ملف السلفية الجهادية. المصالحة مع من؟ وبأية طريقة ووفق أية معيار ومقياس؟ وما الغرض منها؟ فالمقاربة التصالحية، التي أخرجها الرميد في وقت حرج، جاءت بعد فشل مقاربة العفو، التي أطلقها وزير العدل والحريات وتدخل لدى جلالة الملك، باعتباره الوحيد المخول بإصدار العفو، وأعطى ضمانات شخصية من أجل إطلاق سراح قادة السلفية الجهادية أو شيوخها كما تواضع الإعلام على وصفهم، وإطلاق سراح عناصر أخرى وكلهم تحت ضمانات الرميد. فإذا كان محمد الفيزازي، أحد شيوخ السلفية الجهادية، قد أعلن توبة نصوحا مما كان فيه، وتراجع عن أفكاره السابقة، بعد أن تبين له أنه رغم علمه وكبره في السن فقد كان مغررا به، فإن عمر الحدوشي، ما زال متمسكا بأفكاره وما زال موقعه يحمل شعار الكلاشينكوف. وبين هؤلاء وأولئك هناك أبو حفص وحسن الكتاني، المنخرطان في العمل السياسي والجمعوي، ما زالا يغوصان في أعماق بحر من اللبس واللا معنى، وما زال خطابهما مختلطا بالأفكار التكفيرية، إن لم نقل داعشيان لم يبايعا البغدادي علانية. فالمقاربة التصالحية إذن هي محاولة فاشلة لإنقاذ ماء وجه الرميد، الذي أعطى وعودا قبل وصوله إلى الحكومة بحل ملف السلفية الجهادية، خصوصا وأنه كان يترأس منتدى كرامة لحقوق الإنسان الذي تبنى هذا الملف، وهي محاولة أيضا لإنقاذ ماء وجه صديقه وخليفته في رئاسة المنتدى عبد العالي حامي الدين، الذي عقد ندوة لحل ملف السلفية الجهادية. وإذا تركنا جانبا القيادة الفكرية للسلفية الجهادية أو الشيوخ والمنظرين، فإن الذين خرجوا بالعفو أو خرجوا بعد أن أنهوا مدة محكوميتهم، يوجدون حاليا بسوريا والعراق لممارسة العنف، ومنهم من يستعد هنا والآن في المغرب لممارسة الجهاد ضد شعب تحسده دول العالم على الأمن والاستقرار. فهل يعي الرميد جيدا أنه يلعب بالنار؟ فما يطرحه هو ممارسة بئيسة لحملة انتخابية، تهدف إلى استقطاب أصوات مهمة من داخل صفوف الجماعات الإرهابية، ومن عائلات المعتقلين الجهاديين. إن مكافحة الإرهاب بالمغرب، التي أكدت صوابية الجهات القائمة عليه، أنقذت المغرب من كوارث خطيرة، وكل محاولة للعودة للمربع الأول هي حرب ضد المغرب من أجل مصالح سياسية ضيقة.