طغى موضوع التدبير المفوض على النقاش العمومي في المغرب، مباشرة بعد الاحتجاجات التي شهدتها مدينة طنجة ضد شركة "أمانديس"، بسبب الارتفاع المهول للفواتير؛ فبعد التقرير الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات، والذي رصد أهم اختلالات القطاع، خرج المجلس الاقتصادي والبيئي بمشروع تقرير في الشأن نفسه. مشروع التقرير الذي أعدته اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا الاقتصادية والمشاريع الإستراتيجية، تحت عنوان "التدبير المفوض للمرافق العمومية في خدمة المرتفق"، دعا إلى إشراك المستهلكين في جميع خطوات التدبير المفوض، الذي تعتمده الجماعات مع شركات القطاع الخاص، مطالبا ب"تمكين المستهلكين الزبناء من توضيح وشرح الأسعار، وطريقة احتسابِ فواتير خدمات الولوج واستهلاك الماء والكهرباء والتطهير السائل". ولتجاوز إشكال المراقبة التي أدت إلى العديد من الاختلالات في قطاع تدبير النظافة والماء والكهرباء والتطهير السائل، سجل مشروع التقرير، الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، "أن اللجوء إلى خبرات أجنبية من أجل مصاحبة المشاريع، في مختلف مراحلها، من شأنه عزيز القدرات التي تكونت داخل المؤسسة العمومية"، معتبرا أنها "يمكن أن تكونَ سوقا محتَملَة لتطوير مقدمي خدمات مغاربة، قادرين على تصدير مهاراتهم على الصعيد الدولي، في هذا النوع من العقود والمشاريع". إلى ذلك حذر مشروع التقرير، الذي ستصادق عليه الجمعية العامة للمجلس اليوم الخميس، من "توسيع اللجوء إلى مقدمي الخدمات الخواص في المجالات التي تعتبر إستراتيجية، والتي تدخل ضمْن المهام السيادية للدولة،"، مؤكدا أنها "تطرح مسألة الضمانات التي يمكن أن تقدمها الدولة لضمان شروط الولوج، والإنصاف المستقبلي لهذه المرافق بالنسبة للمواطنين". وقال واضعو مشروع التقرير: "يمكن اعتبار توسيع مجال تدخل القطاع الخاص في المرافق العمومية، إذا لم يكن تأطيره القانوني محكما بما يكفي، بمثابة تملص للدولة من مسؤوليتها"، مسجلا أنه "ستصاحب ذلك مخاطر اجتماعية تتهدد المستخدمين والمواطنين المرتفقين على حد سواء". وضمن المعطيات الرقمية التي كشفها مشروع التقرير، فإنه "برسم سنة 2013 أدت التفويضات الخاصة في قطاعات توزيع الكهرباء، والماء، والتطهير السائل، والنقل الحضري بواسطة الحافلات، والنظافة، خدمات لساكنة يفوق عددها 13.5 مليون نسمة"، موضحا أن "التدبير المفوض للمرافق العمومية سجل رقم معاملات بلغ حوالي 15 مليار درهم، وشغل حوالي 35 ألف شخص". واعتبر مشروع التقرير أن "حضور التدبير المفوض قوي في الاقتصاد المغربي؛ ذلك أنه حقق منذ بداية العمل بعقود التدبير إلى حدود سنة 2013 استثمارات تراكمية بلغت ما يقرب من 42 مليار درهم"، مشددا على ضرورة "ضمان استقلالية المصلحة الدائمة للمراقبة، من خلال تمكينها من الوسائل البشرية والمادية اللازمة للاضطلاع بمهامها، وإبعاد وضعيات تنازع المصالح، بدءا من إلغاء التعويض المالي المباشر للمسؤولين عن مراقبة الشركات المفوض لها".