انطلقت، اليوم الجمعة بفاس، فعاليات الملتقى الدولي الأول في موضوع "الفضاءات الجديدة للهوية.. صناع التطرف"، بمشاركة باحثين وأكاديميين وخبراء مغاربة وأجانب. وانصرف المشاركون بعد الجلسة الافتتاحية للملتقى، التي احتضنتها القاعة الكبرى البطحاء التابعة لعمالة فاس والتي يعرف محيطها حضورا أمنيا مكثفا، لتناول محاوره من خلال تنظيم ورشات وتقديم عروض ومداخلات تلامس مجموعة من القضايا والإشكالات التي تهم على الخصوص، فضلا عن طرق إنتاج التطرف وسبل مواجهتها، "التطرف والقطائع الاجتماعية"، و"علم الأديان والروحانيات في مواجهة التطرف"، و"الدين والسياسة". وحسب الورقة التقديمية للملتقى، فإن هذا الأخير، الذي سيتواصل على مدى ثلاثة أيام والذي ينظمه المركز الدولي للحوار والبحث حول الهويات الذاتية والاجتماعية (إدريس)، يروم مناقشة وفهم ظاهرة التطرف وبحث تعقيداتها وأسبابها المتعددة والمتداخلة؛ وذلك عبر دراسة المقاربات الفكرية والعقائدية والمجتمعية لهذه الظاهرة، وفهم مرتكزاتها وآليات اشتغالها، إلى جانب إدراك جذورها وأسباب بروزها في المجتمعات الحديثة. وذكر فوزي الصقلي، مدير الملتقى، في تصريح له لهسبريس، أن اختيار موضوع الملتقى جاء من أجل توضيح العلاقة بين مسألة البحث عن الهوية والهويات في العالم كله، ونظرا كذلك لكون موضوع الهوية أصبح الآن في صلب الأحاديث السياسية في جميع المجتمعات، و"التي توظف، في بعض الأحيان، بشكل إيديولوجي"، يؤكد فوزي الصقلي. مدير مركز "إدريس" أوضح متحدثا، في هذا السياق لهسبريس، أن القلق الذي يعيشه الشباب في البحث عن الهوية يدفعهم إلى اعتناق بعض المفاهيم المتطرفة، التي تجيب عن حالة القلق لديهم، وتعطيهم جوابا يأتي من الخارج، مبرزا أن ذلك يتجلى في مجموعة من السلوكات الأوتوماتيكية، التي تشكل استلابا للذات متمثل في إعطاء الهوية للآخر من أجل التكفل به. المتحدث ذاته أبرز أن الملتقى سيحاول مقاربة ظاهرة التطرف ليس بالزمن السياسي أو الإعلامي، وبشكل من العجلة والتهويل؛ ولكن باعتماد مقاربة تنفذ إلى جذور الظاهرة وإلى أسبابها الحقيقية، أخذا بعين الاعتبار زمن البحث، الذي ينطلق من الواقع والممارسة الواقعية؛ "فمن خلال هذا اللقاء، تكلم إمام جامع القرويين إلى جانب علماء النفس والأنثربولوجيين وعلماء السياسة وعلماء الأديان، لفهم شيء ليس سهلا للفهم"، يوضح فوزي الصقلي، الذي أكد أن مركز "إدريس" سيستمر في عمله من أجل الفهم الشمولي لهذا الواقع الذي يعيشه العالم، ولإعطاء علاجات ووصفات للوقاية من ظاهرة التطرف الشعبوي والسياسي والديني. ويعرف الملتقى الدولي الأول في موضوع "الفضاءات الجديدة للهوية.. صناع التطرف" مشاركة متخصصين من مختلف المشارب العلمية؛ من بينهم دنيا بوزار وأحمد عبادي وآسية علوي بنصالح ومحمد الطوزي وبيير كريستوف كاتيلينو وعبد الله الوزاني ورشيد بنزين وكورتني إيدوين، بالإضافة إلى إدريس الفاسي الفهري وفيكتور باليجا وبوستينزا وجون مارتان، وغيرهم. وتجدر الإشارة إلى أن تأسيس المركز الدولي للحوار والبحث حول الهويات الذاتية والاجتماعية (إدريس) جاء بمبادرة من كل من فوزي الصقلي، الباحث الأنتربولوج ؛ وشارل ميلمان، الباحث الفرنسي المعروف في علم النفس.