نقابة تعليمية ترفض أي ابتزاز يطال ملف الأساتذة الموقوفين وتطالب بالوفاء بالالتزامات والحد من الانتهاكات    موظفو الجماعات الترابية ينسحبون من الحوار مع وزارة الداخلية    برئاسة المغرب .. مجلس حقوق الإنسان الأممي يرفض الإعادة القسرية للمهاجرين    الملك محمد السادس يوجه خطابا إلى القمة الثالثة والثلاثين لجامعة الدول العربية    ميناء طنجة.. تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 30% حتى متم أبريل    تقرير: إحداث أزيد من 42 ألف مقاولة ذات شخصية معنوية نشطة بجهة الشمال    الملك: التهجير القسري للفلسطينيين أمر مرفوض وقطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية الموحدة    محمود عباس يتهم حماس ب"توفير ذرائع" لإسرائيل لتهاجم قطاع غزّة    بمشاركة المغرب.. إنطلاق أعمال الدورة ال 33 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة    مقترح "إلغاء الفار" ينتظر تصويت الأندية الانجليزية    بسبب عدم الامتثال.. شرطي مرور يشهر سلاحه والسلطات تحقق    حادثة غريبة.. استخراج جثة شابة بعد أكثر من سنة على وفاتها    المغاربة أكثر العمال الأجانب مساهمة في نظام الضمان الاجتماعي بإسبانيا    ولاية أمن طنجة تحتفل بالذكرى ال 68 لتأسيس الأمن الوطني    طقس الجمعة.. أمطار ضعيفة و متفرقة وتشكّل سحب بالشمال وحرارة بالجنوب    المغرب يثير من جديد موضوع استقلال الشعب القبايلي في الامم المتحدة    القمة العربية: الملك محمد السادس يعتبر محاولة إسرائيل فرض واقع جديد في غزة "أمرا مرفوضا"    على هامش تكريمه.. البكوري: مهرجان الريف يسعى لتقريب الإبداعات الناطقة بالأمازيغية إلى الجمهور التطواني    عائلات "مغاربة ميانمار" تحتج بالرباط .. وناجية تكشف تفاصيل "رحلة الجحيم"    هذه حجم الأموال التي يكتنزها المغاربة في الأبناك.. ارتفعت بنسبة 4.4%    وفاة الفنان أحمد بيرو أحد رواد الطرب الغرناطي    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    بعثة نهضة بركان تطير إلى مصر لمواجهة الزمالك    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    إطلاق مجموعة قمصان جديدة لشركة "أديداس" العالمية تحمل اللمسة المغربية    باحثون يعددون دور الدبلوماسية الأكاديمية في إسناد مغربية الصحراء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    صعود أسعار النفط بفضل قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    ظاهرة "أسامة المسلم": الجذور والخلفيات...    الاستعادة الخلدونية    مطالب لوزارة التربية الوطنية بالتدخل لإنقاذ حياة أستاذ مضرب عن الطعام منذ 10 أيام    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد الجامعي .. حكيم في "محراب الصحافة" فضّل النزاهة بدل الموضوعية
نشر في هسبريس يوم 03 - 06 - 2021

حينما يرحل شخص عزيز، غالبا ما يَشخص أمامك في شريط لأبرز الأحداث معه أو عاصرتها رفقته، كما هو حال الإعلامي والسياسي البارز السي خالد الجامعي، الذي رحل عنا الثلاثاء.
كان لي شرف معايشة هذا العلم المغربي، حزبيا وهو يمثل بالنسبة لي، رمزا لعلامة "لا"، "الثورة" / المعارضة داخل البيت نفسه، حزب الاستقلال، النظرة نفسها نحو الرجل كان يتقاسمها عدد من الشباب الحزبي الاستقلالي، خاصة ذوي النزعة اليسارية داخل هذا التنظيم المحافظ (وبشكل أبرز نشطاء من الحركة الأمازيغية)، أواخر التسعينيات، وهو الذي كان مسؤولا على قطاع الشباب والطفولة في اللجنة التنفيذية للحزب حينها، وقد كان مساهما في تأسيس فعل الجامعة الصيفية/ الفكرية والسياسية للشبيبة الحزبية، ثم مشرفا رفقة القيادية الاستقلالية نعيمة خلدون على المؤتمر الثامن للشبيبة الاستقلالية في بوزنيقة، نهاية سنة 1998.
كان لي شرف اللقاء بالسي خالد بشكل يومي، في مقر جريدتي "العلم" و"لوبينيون"، لسان حال حزب الاستقلال، في مقر طريق الدار البيضاء سابقا، وهو في آخر أيامه قبل إحالته على "المعاش" (إداريا) سنة 2004. كان، حينها، في أوج خلافه مع قيادة الحزب بسبب مواقفه السياسية.. كنت أراه منتفضا بطريقة لباسه، نظراته، ابتسامته وحديثه "العروبي"، الذي كنت أجده يشبه طريقة نجيب السالمي/ سعيد حجاج، رئيس القسم الرياضي لجريدة "لوبينيون" الفرنسية.. لا أعرف لماذا..؟
دعمني السي خالد في تجربتي المتواضعة حينما كنت أصدر صحيفة العاصمة الجهوية، من مالي الخاص، موازاة مع اشتغالي في جريدة "العلم"، بترخيص من مديرها الصحافي والأديب السي عبد الجبار السحيمي، بداية الألفية الثانية.. كان دعمه الكبير حينما تجده يثق فيك ويمنحك حوارا وأنت شاب نكرة في حقل إعلامي يتربع على عرشه كبار الأدباء ورجال الفكر من المدرسة اليسارية/ الاتحادية والاستقلالية.
غير أن أكثر ما أتذكر في علاقتي بالسي خالد وهو درس مختصر وكبير من الرجل، وما زلت أردده في المجالس والمنتديات المهنية، أن أقنعني ذات يوم سنة 2008 وصحح لي مصطلحين متداولين في قبيلة الصحافة، يتعلق الأمر بمفهومي الموضوعية والذاتية في المادة الصحافية. ثنائية جدلية كثيرا ما كانت موضع نقاش.
كنت بصدد إعداد تحقيق عن رجل دولة، شخصية سياسية عمومية مشهورة جدا، في قالب بورتريه في إحدى المنشورات الصحافية الأسبوعية، ذائعة الصيت حينها، والمتشنحة في علاقتها مع "المخزن"/ الدولة، فطلبت من السي خالد شهادة في حق الشخصية موضوع التحقيق، والتي كان يعرفها جيدا.
طلبت منه الحديث بكل موضوعية، فقاطعني، متحدثا بتواضع، دون استعلاء ولا أستاذية، قائلا بلغة "عروبية"/ بدوية (بتصرف): ليس هناك شيء اسمه موضوعية، وكل ما يلقنونه لكم في معاهد الصحافة حول هذا الأمر فهو مغلوط. الذاتية دائما حاضرة، سواء بشكل واع أم لا، فلا يمكنني الحديث عن شخص أو قضية بمعزل عن تجربتي الذاتية، رصيدي الفكري وحالتي النفسية اتجاه هذا الشخص"..
وزاد مسترسلا: لكن يمكنني أن أقترح عليك مصطلحا آخر يعوض الموضوعية وهو الأنسب في تقديري، أي: النزاهة. سأحاول الحديث بصدق عن هذا السيد الذي تعد تحقيقا بشأنه بما له من إيجابيات وسلبيات معا.. دون زيادة ولا نقصان، وأنت تصرف كذلك بنزاهة في طرح المعطيات التي سأمدك بها...
كان السي خالد معلما، والحق يقال إني لم أكن "نزيها" في كتابة التحقيق/ البورتريه، حصل الأمر بدون سوء نية وبشكل غير مقصود؛ فقد كان همي هو أن أظهر نفسي موضوعيا في معالجتي للمادة الصحافية، مسلطا الضوء على سلبيات شخصية التحقيق، وأن أعمل على إبراء ذمتي من معرفتي بها وصداقتي بمحيطها أمام مدير النشر وهيئة التحرير، فلم أوفق، لأني لم أكن أمتلك مسافة محترمة من تلك الشخصية العمومية، فظلمتها من حيث لا أدري في التركيز فقط على سلبياتها (وإن كانت كلها المعطيات التي أوردتها صحيحة) من حيث لا أدري.. دون الاهتمام بما هو إيجابي أيضا، فغابت عني النزاهة حينها.. (قد يقول قائل إن الصحافة ليست مهمتها إبراز الإيجابيات، لكن أيضا ليست من مهمتها حجبها).
وهكذا، أتذكر جيدا هذا الدرس المهني الذي لن أنساه في حياتي؛ بل أصبحت كلما سمعت كلمة موضوعية أحاول أن أصوبها مع مخاطبي بنظيرتها النزاهة، كما تبنيتها مقتنعا من السي خالد..
اليوم، تودعنا السي خالد الجامعي، رحمة الله عليك. شكرا لك على كل ما قدمته للمغرب وشبابه، سياسيا وإعلاميا. لم تبخل قط في الرد وتقديم المشورة والمساعدة في فهم كثير من التاريخ السياسي المعاصر والآني، كلما طرقت بابك.
كانت أمنيتي أن ألتقيك من جديد في أول زيارة تتاح لي بالمغرب؛ لأنني بصدق توحشت نزور بيتك في ديور الجامع بالرباط، الذي كان مثل الزاوية، لا ترد طالب معرفة أو أصدقاءك من أبناء الشبيبة.. اشتقت إلى نصائحك وكلامك الخاتر الحكيم، في محراب الصحافة، لأستمتع باستنتاجاتك وقراءاتك للأحداث بنزاهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.