أكد رئيس مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، إلياس العماري، أمس الأربعاء، أن المجلس الجهوي استثمر الصلاحيات المخولة للجماعات الترابية، للانخراط في فتح علاقات جديدة داخل نموذج فكري جديد، ينفتح بدرجة أكثر على آسيا، ويرجع بالمغرب إلى عمقه الأفريقي، مع الإستمرار في تطوير العلاقات مع الشمال. وقال العماري، خلال كلمة له في افتتاح أعمال الدورة التاسعة لمنتدى "ميدايز"، الذي ينظمه معهد أماديوس بمدينة طنجة حتى العاشر من دجنبر الجاري، أن تنظيم مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة لمؤتمر "ميد كوب"، في شهر يوليوز الماضي، يعكس انخراط هذه المؤسسة في دينامية جديدة، واكبت التوجه العام لدى ممثلي المجتمع المدني و شعوب دول الجنوب، الذي يميل إلى تثوير البراديجات (النماذج الفكرية) التقليدية، و يفتح المجال لعلاقات جديدة لا تولي وجهها فقط نحو الغرب أو الشرق، وإنما تتجه نحو تعزيز العلاقات جنوب-جنوب، و تقوية العلاقات الإقتصادية المتوازنة التي تراعي شروط التنمية المستدامة، وفق منطق خال من القطبية و التبعية. وأوضح رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، أنه في داخل القطبية الثنائية التي تحكمت في رسم الاصطفافات الدولية من بداية القرن العشرين إلى الثمانينيات، كانت تنشط فعاليات المجتمع المدني التي انتبهت، مبكرا، إلى المخاطر التي تنتظر العالم والكون جراء التسابق المفرط على الرفع من الإنتاج مقابل الرفع من الرغبة في الاستهلاك لمراكمة الثروات من خلال استغلال واستنزاف كل شئ من طرف الشركات العابرة للقارات. وتابع المسؤول الجهوي في كلمته للمشاركين في افتتاح "ميدايز"، أن المجتمع المدني، عمل على إثارة الأسئلة ذات الإنشغال بالقضايا البيئية والمناخية، ليس فقط من أجل حماية الطبيعة و الكوكب الأرضي، و إنما من أجل حماية الأمن الغذائي للبشرية خصوصا في دول الجنوب. لافتا إلى أن "هاجس توفير الأمن الغذائي للشعوب، و حماية كوكبنا الأرضي من مخاطر التغيرات المناخية، كان ضمن الأولويات التي شددت عليها أشغال مؤتمر كوب 22 بمراكش". "ونحن، في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، انخرطنا في هذه الدينامية الجديدة التي واكبت الإعداد لكوب22، بتنظيمنا لمؤتمر الأطراف لدول البحر الأبيض المتوسط حول المناخ شهر يوليوز الماضي" يتابع رئيس مجلس جهة طنجةالحسيمة، الذي أكد على أن طنجة، ومن خلالها المغرب " ليست مجرد بوابة لأوروبا نحو أفريقيا، و إنما هي، أيضا، ملتقى للطرق التي تفتح أفريقيا على أوروبا و آسيا و جنوبأمريكا، إنها ليست مجرد جسر لاستجلاب ثروات الجنوب، وإنما هي أرضية لجلب الثروات نحو الجنوب، و لنشر القيم الروحية الإنسانية النبيلة القائمة على السلم والكرامة.". وتحت شعار "من التجزيئ إلى الاستدامة"، انطلقت بمدينة طنجة أعمال المؤتمر الدولي "ميدايز"، الذي ينظمه معهد "أماديوس"، بمشاركة أزيد من ثلاثة آلاف مشارك و120 متدخلا من مستوى عال ، من بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء وأصحاب القرار السياسي وأرباب كبريات المقاولات وخبراء وممثلو المجتمع المدني، بهدف وضع مفهوم التنمية المشتركة المسؤولة في صلب الرهانات الافريقية وستمكن من معالجة الصيغ الملموسة لإعادة تعريف العلاقات جنوب-شمال وتعزيز العلاقات جنوب-جنوب. وحسب المنظمين لهذه الدورة، والتي تمثل الحدث الأبرز بعد مؤتمر "كوب 22" بمراكش (انعقد ما بين 7 و 18 نونبر الماضي )، ستشكل مناسبة لمناقشة الدورس الأولى المستفادة من أشغال مؤتمر "كوب 22" والتوجهات الاقتصادية والطاقية التي يتعين اتباعها في مستهل الرئاسة المغربية من أجل تعزيز ما سيتمخض عنه مؤتمر مراكش وآفاق تنمية افريقيا وركائز التنمية البشرية والمستدامة، ممثلة في الصحة والتربية وانعدام المساواة القائمة على النوع والأمن الغذائي والحضور شبه الدائم للتهديد الإرهابي وتعدد المخاطر الأمنية واصطدام الهويات في أوروبا وإفريقيا وفي العالم العربي. وحسب المنظمين فسيعطي الملتقى الكلمة، خلال هذه الدورة، للقطاع الخاص، وسيوفر أرضية للمفاوضات بين القطاعين العام والخاص عبر إطلاق قمته الأولى للأعمال، التي تطمح إلى أن تجمع في طنجة عددا كبيرا من رؤساء مقاولات المجموعات الكبرى المنحدرين من البلدان الصاعدة وكبار الفاعلين في القطاع المالي إلى جانب مسؤولين سامين من القطاع العام حول العديد من المواضيع، من قبيل الانتعاشة الهائلة لمقاولات بلدان الجنوب والابتكار في خدمة النمو الاقتصادي وفرص الأعمال في بلدان الجنوب وكذا التقاسم الجديد للأدوار بين القطاعين العام والخاص. ويعد معهد "أماديوس" الذي يوجد مقره بالعاصمة الرباط، مجموعة تفكير مغربية ، مستقلة، تأسست في سنة 2008 . وتهدف إلى المساهمة في إثارة النقاش العمومي المغربي والمغاربي في أفق التفكير بصوت عال في الموضوعات التي تشغل بلدان الجنوب.