الحكومة تصادق على مشروع قانون يهم صلاحيات اللجنة المعنية بتنفيذ مهام المندوب العام لإدارة السجون    بسبب الاقتطاع من رواتبهم.. موظفون يعتصمون بمقر جماعة أولاد عياد    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    طنجة رابع أهم وجهة سياحية بالمغرب    "كارثة" في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وتوخيل يصب غضبه على التحكيم    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه نظيره البلجيكي وديا استعدادا لأولمبياد باريس    حيار.. مرسوم منح بطاقة شخص في وضعية إعاقة "لحظة تاريخية" في تعامل التشريع الوطني مع هذه الفئة الاجتماعية    طنجة تواصل تأهيل مدينتها العتيقة وتستهدف ترميم 328 بناية جديدة مهددة بالانهيار    عامل إقليم تطوان يترأس اجتماعا موسعا لتدارس وضعية التعمير بالإقليم    اعتقال 5 أفراد على ذمة المتاجرة في حبوب الهلوسة في طنجة    لقاح أسترازينيكا: فهم الجدل بأكمله في 8 أسئلة    بايتاس: الحكومة لا تتهرب من مناقشة جدل لقاح أسترازينيكا في البرلمان    دراسة أمريكية: ارتفاع الحرارة يزيد من انتشار مادة سامة داخل السيارات    رسميا.. وزارة بنموسى تعلن مواعيد الامتحانات الإشهادية وتاريخ انتهاء الدراسة    سيطرة مطلقة لفرق شمال القارة على الكؤوس الإفريقية لكرة القدم ونهضة بركان ضمن الكبار    كونفرنس ليغ | أستون فيلا يحل ضيفا على أولمبياكوس في مهمة انتحارية بعد هاتريك الكعبي    وزارة الحج والعمرة السعودية: لن يسمح بدخول المشاعر المقدسة لغير حاملي بطاقة "نسك"    سلطات مراكش تواصل مراقبة محلات بيع المأكولات بعد حادث التسمم الجماعي    بحضور الملك..الحموشي يشارك في احتفالات الذكرى 200 لتأسيس الشرطة الإسبانية    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    المجلس الاقتصادي والاجتماعي يدعو إلى مقاربة مندمجة لتسريع إدماج الشباب بدون شغل ولا يتابعون الدراسة أو التكوين    ضربات إسرائيلية على قطاع غزة وواشنطن تهدد بوقف بعض الإمدادات العسكرية لإسرائيل            مرضى السكتة الدماغية .. الأسباب والأعراض    ملتمس الرقابة يوسع الخلاف بين المعارضة وتبادل للاتهامات ب"البيع والمساومة"    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية    ارتفاع أسعار النفط مدعومة بتقلص مخزونات الخام الأمريكية    المغرب يدخل القطيع المستورد من الخارج الحجر الصحي قبيل عيد الأضحى    أفق جديد لسوسيولوجيا النخب    "طيف سبيبة".. رواية عن أطفال التوحد للكاتبة لطيفة لبصير    الكشف عن ثاني مصنع أيسلندي لالتقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه    من بينها المغرب.. سبع دول تنضم لمبادرة "طريق مكة"    علم فرنسا يرفرف فوق كلية الطب بالبيضاء لتصوير "حرب العراق" (صور)    ترقب استئناف المفاوضات بمصر وحماس تؤكد تمسكها بالموافقة على مقترح الهدنة    الصحة العالمية: مستشفى أبو يسف النجار برفح لم يعد في الخدمة    جوائز الدورة 13 لمهرجان مكناس للدراما التلفزية    متحف "تيم لاب بلا حدود" يحدد هذا الصيف موعداً لافتتاحه في جدة التاريخية للمرة الأولى في الشرق الأوسط    مركز السينما العربية يكشف عن أسماء المشاركين في فعالياته خلال مهرجان كان    مهرجان تطوان الدولي لمسرح الطفل يفتتح فعاليات دورته الخامسة عشرة    ريال مدريد يضرب بايرن ميونخ 2-1 ويتأهل رسميا لنهائى أبطال أوروبا    المرزوقي: لماذا لا يطالب سعيّد الجزائر وليبيا بالتوقف عن تصدير المشاكل إلى تونس؟    الصين توصي باستخدام نظام بيدو للملاحة في الدراجات الكهربائية    البرهان: لا مفاوضات ولا سلام إلا بعد دحر "تمرد" الدعم السريع    تسليم هبة ملكية للزاوية الرجراجية    ملتقى طلبة المعهد العالي للفن المسرحي يراهن على تنشيط العاصمة الرباط    ضربة موجهة يتلقاها نهضة بركان قبل مواجهة الزمالك    كأس العرش.. الجيش الملكي يتجاوز نهضة الزمامرة ويتأهل إلى دور ربع النهائي    "ريال مدريد لا يموت".. الفريق الملكي يقلب الموازين في دقيقتين ويعبر لنهائي "الأبطال"    كيف أنهت "البوليساريو" حياة الأطفال؟    الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان    أخنوش: الحكومة خفضت مديونية المملكة من 72 إلى 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام    الداخلة على موعد مع النسخة ال 14 من الأيام العلمية للسياحة المستدامة    الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (593)    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبادرة الأطلسية إرادة ملكية ورؤية استرتيجية لإفريقيا.
نشر في أكادير 24 يوم 18 - 00 - 2024

أطلق جلالة الملك محمد السادس نصره الله مبادرة جيواسترتيجية، سمية بالمبادرة الأطلسية، حيث حيث نسجت خيوطها ومعالمها بناء على معايير منسجمة ومعقولة اتخذت أبعادا شمولية تمازجت فيها الرؤية الإستراتيجية لصاحب الجلالة ، والرؤية الصادقة في تحريك المياه الراكدة في التي تحجب مقدرات عدد كبير من الدول الأفريقية، وخاصة منها تلك التي ليس لها منفذ بحري لاستشراف مستقبل واعد لشعوبها الصديقة والشقيقة.
وتهذف هذه المبادرة التي عرفت لغطا اعلاميا كبيرا خلال الأيام القليلة الماضية، إلى فتح الباب على مصراعيه أمام شراكات متعددة، لتوفر البيئة الحاضنة للعمل الاقتصادي الأفريقي المشترك، عبر فك العزلة عن دول الساحل والصحراء (بوركينا فاسو والنيجر وتشاد ومالي)، عبر السماح لها بمنفذ بحري هي أحوج ما تكون إليه في هذه الفثرة.
وغني عن البيان أن هذه المبادرة جائت واضحة في مرتكزاتها وأهذافها، وصريحة في تفاصيلها، ومحاورها التي تعكس إستيعابا مغربيا حقيقيا بكل المتغيرات التي تُحيط بأفريقيا في هذه المرحلة التي تعرف عدد من التحولات متعددة الأبعاد، والمتغيرات السياسية والجيو استرتيجية الكبيرة وخاصة في الأشهر الأخيرة والتي عرفت عدة انقلابات بيضاء على عدد من الأنظمة التابعة للإستعمار الفرنسي، والتي تتطلب بالضرورة مقاربات سياسية واقتصادية وكذلك أمنية ذات طابع إستراتيجي واضحة.
وتقتضي هذه المقاربات الإنسجام مع الإهتمام المغربي المتزايد بأفريقيا الذي أعطى زخما لأعمال منظمة الاتحاد الأفريقي لم يكن متاحا في السابق بل تعد إسهامات المملكة وخاصة في الخمس سنوات الأخيرة قيمة مضافة في العمل الإفريقي المشترك.
وشكل حتى الآن هذا التحرك الدبلوماسي المغربي في إفريقيا نوعا من التمازج الفعلي بين السياسي والإقتصادي والأمني وفق رؤية متكاملة بأبعاد إستراتيجية أملتها التحولات الكبرى بانعطافاتها الآنية وانعكاساتها المستقبلية.
أهذاف المبادرة الأطلسية
تعزيز التعاون على قاعدة رابح – رابح
تعد هذه المبادرة التي اتخذت سياقا متنوعا بدا مغايرا لأنماط المبادرات التي عرفتها المنطقة، جاءت لترسم معادلات جديدة اقتضتها طبيعة المرحلة، والفهم الحقيقي لاحتياجات دول المنطقة التي تريد إعادة تموضعها إقليميا ودوليا، ولا تخفي رغبتها الملحة في التخلص نهائيا من الموروث الإستعماري الذي مازال يُعيق انطلاق إقتصاداتها نحو أفق أوسع.
ولهذا السبب، بدأ صدى هذه المبادرة يتردد في عدة عواصم من واشنطن إلى مدريد مرورا بالعواصم الأفريقية المعنية بها، وسط حراك دبلوماسي مغربي نشيط يتسم بالهدوء والواقعية لتوفير شروط إنجاح المبادرة التي نحسب أنها ستعيد تشكيل المشهد الجيواستراتيجي لأفريقيا.
تعزيز تمسك المغرب بعمقه الإفريقي
وتستهدف هذه المبادرة التي تعكس إلى حد بعيد تمسك المغرب بعمقه الأفريقي، وقدرته على المساهمة في رسم والإنخراط الفعلي في كل التحولات التي تعرفها وتعيشها أفريقيا، وخاصة منها منطقة الساحل والصحراء، ناهيك عن إرساء تكامل واندماج حقيقيين في منطقة أفريقيا الأطلسية .
تعزيز التكثلات البين إفريقية
ويتضح من خلال العناوين الكبرى لهذه المبادرة حيث أنها أخذت بعين الاعتبار كل الحسابات والمعادلات التي تستهدف التشبيك الإقليمي لتعزيز أسس التعاون الإقليمي من منطلق ترتيب الأولويات عبر التركيز على الجانب الإستراتيجي الذي يبقى صالحا لوقت طويل للعديد من المقاربات.
المشروع الإسترتيجي لأنبوب الغاز المغرب _نيجيريا
من المعلوم أن أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا هو مشروع إستراتيجي ليس منفصلا عن المبادرة الأطلسية، بل هو جزء أساسي منها، وتكن أهميته البالغة في كونه سيعبر 13 دولة أفريقية هي نيجيريا وبنين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو، وغامبيا والسنغال وموريتانيا والمغرب قبل أن يصل إلى إسبانيا وعبرها إلى بقية الأسواق الأوروبية.
ويُعد هذا المشروع الذي قال عنه العاهل المغربي الملك محمد السادس إنه مشروع "... من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الأفريقي والتنمية المشتركة، مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة"، ويعد أطول أنبوب غاز بري وبحري في العالم، حيث يصل طوله إلى أكثر من 5600 كيلومتر.
الهاجس الأمني لمحاربة الارهاب والهجرة السرية
أما بالنسبة للموضوع الأمني، فإن المغرب ومن منطلق وعيه بالمخاطر والتهديدات الأمنية في المنطقة، عمل على تأسيس "منظمة حلف شمال الأطلسي الأفريقي" خلال اجتماع عُقد في الرباط يوم الثامن من يونيو 2022 بمشاركة 21 دولة أفريقية مطلة على المحيط الأطلسي الأفريقي.
وتهدف هذه المنظمة إلى تكريس الحوار السياسي والأمن والسلامة والعمل المشترك ضد التهديدات الإرهابية، وتأمين أنبوب الغاز من نيجيريا إلى المغرب، إلى جانب صياغة خطط العمل الأمنية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والقرصنة البحرية والهجرة غير الشرعية
الهاجس الاقتصادي والتنموي للدول الإفريقية
وعلى هذه القاعدة، يمكن القول إن الرهان على المسار الذي أطلقته هذه المبادرة يتجاوز في مجمل جوانبه التطلعات الوطنية للمغرب، إلى التأسيس لأبعاد إستراتيجية إقليمية ودولية يراكم من خلالها مساحة الإنجازات التي تتعدد وتتغير وفق معادلة الإرادة والرغبة في المساهمة في رسم خارطة اقتصادية تكاملية جديدة ستفرضها التحولات الجيواستراتيجية التي تشهدها المنطقة.
كما أن اقتصادات تلك الدول الأفريقية المطلة على الأطلسي تستحوذ على 57 في المئة من التجارة الحرة في أفريقيا، وهي قادرة على جذب 60 في المئة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما يعني أن هذه المبادرة ستعطي قيمة مضافة تدفع إلى الجزم بأن مرحلة جديدة بدأت تتبلور لمفهوم الشراكة على قاعدة رابح – رابح في هذه المنطقة المطلة على الأطلسي.
خلاصة
وتأسيسا على ماسبق وبإستقرائنا لأهم محاور ومرتكزات هذه المبادرة الملكية الشجاعة نستشف أنها تأخذ بعين الاعتبار كل الحسابات والمعادلات التي تستهدف تعزيز التكثل والتعاون الإقليمي الافريقي من منطلق ترتيب الأولويات عبر التركيز على الجانب الإستراتيجي بعيد المدى الذي يبقى صالحا لوقت طويل للعديد من المقاربات.
وتحضى مسألة ترتيب الأوليات بأهمية كبيرة، بل تعد نقطة مفصلية، حيث دعمل المغرب قبل ذلك إلى توفير قاعدتين أساسيتين لتجاوز الإكراهات التي قد تعيق تقدم هذه المبادرة، تناولتا البعدين الاقتصادي والأمني، وفق معادلات ناشئة تكون فيها قواعد الحسابات واضحة وجلية. يراعى فيها كل الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية وحتى الثقافية وتعطي للمملكة المغربية تقلها ومحوريتها الإقليمية التي تستحقها.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.