في الحقيقة.. أوّلاً مرّة اهتمّ أغلبية المغاربة بتفاصيل أشغال الدورة العادية 38 المؤتمر قمّة الإتحاد الإفريقي وخاصّة الجانب المتعلّق بانتخابات نواب رئيس مفوضية السّلم والأمن الإفريقي... فما إن عرفت اسماء المتنافسين حتّى حوّلها الإعلام الجزائري إلى معركة وجودية وفرصة تاريخية يسجل فيها على الاقل اول انتصار دبلوماسي قارّيّ على مرشّحة المغرب لنفس المنصب... ومن أجل هذا الهدف بالضبط تعبّات الدولة الجزائرية واستنفرت كل إمكانياتها اللوجستيكية والبشرية من أجل الفوز على المغرب في هذا النزال الانتخابي.. بحيث تشير المعطيات الواردة من هناك بأن أكبر وفد في هذه الدورة العادية هو جزائري حيث بلغت حجوزات لوحده في فندق "هيلتون" 75 غرفة، وتضاعفت مع وصول الرئيس ليلة الخميس بحجز الأجنحة الراقية والشقق ليصل الوفد الجزائري ما يقارب 123 فرد كل هذا الحشد وبهذا الثقل ابعد من أن يصدق المرء أن الجميع جاء لممارسة الدبلوماسية في العلن.. فنحن أمام جيش وليس وفداً مدنيّاً وبالمناسبة الوفد المغربي لا يتجاوز أطر وموظفي السفارة المغربية باديس أبابا تحت رئاسة وزير خارجية المغرب السيد بوريطة لكن السؤال الذي حيّر أغلبية المراقبين هو مغادرة رئيس جمهورية الجزائر السيد عبد المجيد تبون وبشكل مفاجئ أشغال الدورة العادية دون حضور احتفالات الفوز على المغرب بشعار ( وان تو ترى ڨيڨا لانجري) كما فعل البعض بقاعة المؤتمر مباشرة بعد إعلان الفوز وفي الجولة السادسة. نعم غادر الرئيس وبشكل فوريّ بعد أن اكتشف ان منصب نائب رئيس المفوضية لا يستحق مليار دولار.. وأموال الحقائب الأخرى ذهبت أدراج الريّاح.. مادام ان منصب الرئيس قد حسم بشكل نهائي لصالح صديق المغرب ومن دولة لها قنصلية بمدينة العيون غادر بسرعة لانه اكتشف الفخ الدبلوماسي المغربي بحيث اوهم العصابة بأهمية مقعد النيابة كي يستفز الكراغلة ويوجه بوصلتهم نحو هذا المقعد الثانوي والغير المؤثر أمام توفير الدعم اللازم الهادئ لمقعد الرئيس وهو الأهم.. وهي مناسبة كي نعود إلى الوراء شهرين قبل الآن ونقف عند تصريح لهذا الرئيس الحالي للمفوضية قائلا: (.. وعلى المستوى الشخصي أنا مرشّح لتمثيل بلدي بمنصب رئيس المفوضية للسلم والأمن بعد شهرين من الآن.. لذلك التمس دعم المملكة المغربية لترشيحي) هو تصريح موجود على النيت على هامش ندوة صحفية مشتركة مع وزير الخارجية المغربية السيد بوريطة الذي كان في الموعد باسم المملكة المغربية ووزنها داخل القارة ووسط دول وشعوبها.. علما ان المنافسة على هذا المنصب الرئاسي كانت قوية بين المغرب وأصدقائه ومحور جنوب أفريقيا مما يدل على فاعلية المغرب ووزن الدبلوماسية المغربية التي لم تعمر عودتها إلا تسع سنوات فقط وهو ما غاب عند بعض الأصوات داخل المغرب بعد فقدان المنصب النيابي هو القياس عليك أن تفوز بالأصل.. أمّا الفروع فلاسلطة لها.. ولأن الكراغلة أغبياء بالطبيعة وحاقدون بالوراثة ركّزوا على اصبع المغرب حتّى سقطوا في فخ دبلوماسي مطروز بالطرز الفاسي الذي في تحييد اي دور للعصابة داخل هذه المفوضية.. لذلك غادر بسرعة.. لأنه سقط في الفخ.. فخ الفوز بالمنصب لكنه لم ينتصر على المغرب رغم المليار دولار فخ منصب لا تأثير له على مجريات الأمور والأحداث كما تريدها العصابة لأن للرئيس الحالي للمفوضية قبل أن يترشح زار دوحة الرباط.. واستبرك بارض الشرفاء والاولياء وكان النصر مبينا لنا ولحلفائنا.. كما أن النصر هناك كان بطعم الهزيمة.. كالعادة