تقترب أسراد الجراد القادمة من ليبيا والجزائر من واحات الجنوب الشرقي، في الوقت الذي تتواصل فيه جهود السلطات المحلية لمواجهة أي زحف لهذه الحشرات، قد يهدد الغطاء النباتي والثروة الحيوانية بالمنطقة. وفي المقابل، أطلقت جمعيات بيئية تحذيرات من استعمال مبيدات كيميائية محظورة دوليا في القضاء على هذه الحشرات، لما لها من آثار سلبية على البيئة وصحة الإنسان. في هذا السياق، عبرت جمعية "أصدقاء البيئة" عن مخاوفها من لجوء السلطات إلى استعمال المبيدات التي سبق استخدامها خلال الثمانينات والتسعينات لمكافحة الجراد، مؤكدة أن هذه المواد الكيميائية قد تؤدي إلى أضرار جسيمة بالنظم البيئية الهشة، سيما في المناطق الصحراوية التي تعد موطنا للحيوانات البرية النادرة، مثل الغزلان والنعام. وإلى جانب ذلك، نبهت الجمعية إلى خطورة تسرب المواد السامة إلى التربة والمياه الجوفية، مما قد يؤثر بشكل مباشر على صحة السكان المحليين والثروة الحيوانية والنباتية. ودعت الجمعية التي يرأسها جمال أقشباب الجهات المختصة إلى اعتماد حلول بيئية بديلة، مثل المبيدات البيولوجية والعضوية، والتي تعد أقل ضررا مقارنة بالمبيدات الكيميائية المحظورة. ويأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه مصادر محلية بالجنوب الشرقي أن الجراد بدأ في غزو مناطق قريبة من جماعة زاكورة، مثل منطقة "الشكاكة" غرب امحاميد الغزلان، مما يستوجب تحركا سريعا لمكافحته. هذا، وشهدت المنطقة تساقطات مطرية مهمة خلال شهري شتنبر وأكتوبر الماضيين، ساهمت في انتعاش الغطاء النباتي، في حين يرى الفاعلون البيئيون أن أي قرار باستخدام مواد كيميائية خطيرة سيكون تهديدا مباشرا للمكتسبات البيئية التي تحققت. ويوصي هؤلاء بضرورة انتقاء المبيدات المستعملة لمكافحة الجراد بعناية، والتنسيق بين وزارتي الفلاحة والداخلية لضمان اتخاذ تدابير وقائية لا تؤثر سلبا على السكان والبيئة، معتبرين أن الحلول المستدامة هي السبيل الأمثل لحماية الموارد الطبيعية، والتصدي لآفة الجراد دون الإضرار بالتوازن البيئي.