لم يعد لمقدمي نشرات الأخبار بقنوات فيصل العرايشي من مطالب سوى استرداد مكتسبهم القديم كاشي لا يسمن ولا يغني من جوع، لا تتعدى قيمته 300 درهم يتقاضاه المقدم على كل مرور متجاوزين عما يقدمونه من برامج حوارية بصفر درهم. منذ أن تحولت الإذاعة والتلفزة المغربية إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أجهزت على هذا الكاشي، وأضافت عليه عدم اقتناء الملابس لهم منذ ما يفوق ثلاث سنوات، طرقوا كل أبواب المدراء وفي كل مرة يكون الجواب اللامبالاة. الآن قرروا إما إيجاد الحل وإما رفع تظلمهم إلى الديوان الملكي. 300 درهم قيمة تعويض ما كان يتلقاه مقدمو النشرات الإخبارية بالشركة الوطنية ككاشي فقط على كل مرور. تعويض مثير للابتسام حقا. مقدم نشرة تلفزية يتقاضى تعويضا في شكل كاشي لا يتعدى 6000 ريال، كاشي على هزالته «طار» في الهواء، ولم يعد يتمتع به أي مقدم منذ أن تحولت دار الإذاعة والتلفزة المغربية إلى شركة وطنية للإذاعة والتلفزة عام 2006. هذا المبلغ يمكن اعتباره في عداد صدقة، لا يأخذ بعين الاعتبار مخاطر الأنتين المحتمل أن تترك آثارها على أي مقدم، منها ما يهم تعرضه لأشعة الإنارة القوية داخل الاستوديو، أو تلك الناجمة عن الاستخدام اليومي لمساحيق التجميل على وجهه. لم يتم الإجهاز على هذا المكتسب إن جاز تسميته بهذا الوصف، بل جرى الإجهاز على مكتسب آخر يهم اللباس. منذ ثلاث سنوات ونصف لم يقتن أي مقدم لباسا جديدا. كيف يمكن إذا تصور واجهة القناة وصورتها ممثلة في المقدمين والمقدمات يظهرون طيلة هذه المدة إما بلباسهم القديم، وإما كل واحد تيدبر راسو براسو. في زمن دار الإذاعة أو التلفزة وسطوة أم الوزارات عليها، كان النظام الساري يمنح كل مقدم قيمة مالية محددة في 12 ألف درهم سنويا، لا يتقاضاه نقدا، بل تحدد له الإدارة عددا محدودا من المحلات، يختار من بينها محلا أو محلين، يقوم بجولة داخل أي واحد منه، وكلما بدا له هذا اللباس أو ذاك يناسب ذوقه يقتنيه دون أن يدفع سنتيما، مكتفيا بتقديم قسيمة طلبية. بيد أن هذا النظام أمسى من الماضي المتحسر عليه ، بدل أن تحسن إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مستواه، أرست قواعد نظام جديد قبل خمس سنوات تقريبا، سرعان ما انتهى إلى الفشل، أحدثوا منصبا جديدا «وهادشي فاش حادقين»، استقدموا متخصصة في هذا الشأن، وأصبح دورها الاهتمام بلباس المقدمين، تختاره وفق مقاييس تأخذ بعين الاعتبار انسجامه مع ألوان البلاتو والإنارة ومعطيات أخرى، وأضحت المخاطبة الوحيدة مع الإدارة في أمور الملبس. اشتغلت المسؤولة الجديدة فعلا، وتمكنت من ربط تعاقدات مع محلات تسوق ماركات ذات جودة. لم يدم مفعول هذا التغيير طويلا، وسرعان ما توقفت آليات النظام الجديد نتيجة التأخر الكبير لإدارة الشركة في دفع مستحقات أصحاب المحلات حسب ما أفادنا مقدمون. ولم يعد لمسؤولة اللباس القدرة أن تواجه أحدا، كلما طرقت باب محل من المحلات غير تلك القديمة إلا ويطاردها السؤال نفسه «كيفاش غادي تخلصونا». قد يتساءل البعض أين كان المقدمون كل هذا الوقت ؟ ولماذا التزموا الصمت منذ سبع سنوات على حرمانهم من كاشي تقديم النشرات؟ لم يلتزم المقدمون الصمت منذ 2006 حينما جرى حرمانهم بجرة قلم من هذا الكاشي، بلغوا احتجاجهم. وعبروا عن رفضهم لهذا القرار الجائر حسب وصفهم، استحملوا الوضع عاما واحدا، وتحركوا العام الموالي له، عقدوا اجتماعا مع مدير الأخبار أوانئذ علي بوزردة، تفهم الموقف وأحال الملف على مدير الموارد البشرية ما قبل المدير السابق محمد بوزيدي، استغرب هذا الأخير حسب مقدمين حضروا لقاءه، وجود تعويض عن الظهور، لم يستجب لطلبهم تحت هواجس حسابات مالية. استأنف بعدها المعنيون بالأمر عملهم، يحدوهم الأمل أن يتغير هذا المدير أو ذاك. لعله يأتي مدراء جدد مستوعبين لأصول العمل التلفزي. ظلت دار لقمان على حالها، ضاق مقدمو النشرات درعا بهذا التجاهل، وقرروا تحريك ملفهم من جديد، طلبوا لقاء مع الرئيس المدير العام فيصل العرايشي، كان الجواب «أتوا بجدول أعمال الاجتماع. بالفعل قدموه فورا، ولم يتلقوا أي جواب حتى الآن. تبين أن ملفهم تحول إلى كرة تتدحرج بين مكاتب المسؤولين، جرى دحرجته من مدير الموارد البشرية، إلى مدير الأخبار، ولم يسفر هذا المسار البيروقراطي الطويل عن حلحلة ملفهم المطلبي البسيط «لم يبق أمامنا سوى الديوان الملكي أن نرفع إلى أعلى سلطة بالبلد مطالبنا لحلها كما يحل مشاكل كل المغاربة. يئسنا من الانتظار. طرقنا كل الأبواب» يقول المقدم رضا ليلي، وإذا كان بعض المسؤولين يسوقون مبرر عدم كفاءة كل المقدمين لاستحقاق كاشي زهيد «من المسؤول عن اختيار هؤلاء إذا؟ شكون لي طلعهم؟ إذا لم نكن صالحين أو لدينا القدرة لإنجاز هذه المهمة نحيدو. ولا مشكل لدي شخصيا» يجيب رضا ليلي .