مشروع الحزام الأخضر بغابة المزار : 13 هكتار من شتلات الأشجار تحتضر ..فهل من منقذ؟ تعتبر الغابة المحادية للمزار من الجهة الغربية والجنوبية امتدادا طبيعيا لهذا الحي منذ القدم ، فلقد كانت متنفسا حيقيقا ومجالا إيكولوجيا مهما لما تحتويه من حيوانات وأنواع من الطيور والوحيش( الحجل ..الأرانب البرية..أنواع من الطيور المهاجرة) ،وكانت تتوفر على العديد من أنواع الأشجار التي ساهمت في تثبيت الكثبان الرملية المتواجدة بها كالكاليبتوس وميموزة ، وبحكم التطور الديمغرافي وتوالي سنوات الجفاف تعرضت لأبشع استغلال ، وظهرت عادات سيئة للإنسان في تعامله مع الغابة خصوصا الرعي الجائر واستغلال الخشب ،ومما زاد من الإهمال كون الغابة حكم عليها التقسيم الجماعي بأن تكون تابعة للجماعة القروية القليعة رغم كونها تعتبر امتدادا طبيعيا وتاريخيا لحي المزار وقصبة الطاهر، وبذلك تحولت في فترة وجيزة إلى مجرد كثبان رملية عارية متحركة نحو الحي المذكور بصورة تستدعي التدخل الآني والعاجل للجهات المسؤولة . وإيمانا من جمعيات المجتمع المدني وساكنة الحي المزار التي يفوق عددها 30 ألف نسمة أقدمت جمعية المعرفة وهي إحدى الجمعيات النشيطة في وقت سابق في العمل الجمعوي لتحمل مسؤولية التخطيط لمشروع ضخم يتمثل في إقامة حزام أخضر محادي للحي للحد من زحف هذه الكثبان ، بحيث لوحظ أن أغلب الأراضي المطلة على الغابة والتي كانت تستغل في الفلاحة قد أصبحت امتدادا للرمال التي تتزحزح بفعل الرياح الموسمية وضعف الغطاء النباتي ،وكان الهدف منه هو حماية منطقة المزار من التصحر من خلال إعادة تشجير الحزام الأخضر،وخلق متنفس طبيعي لساكنة أيت ملول ،والرفع من الغطاء النباتي بجهة سوس ماسة درعة . وفي وقت وجيز تم التعاقد مع الشركاء المتمثلين في المندوبية السامية للمياه والغابات التي وفرت السياج لمساحة إجمالية تبلغ 13 هكتار وتوفير الشتلات من أشجار متنوعة مخصصة لغرض تثبيت الرمال مع توفير مراقب لهذا المشروع المهم والذي يدخل في صميم اهتمام المديرية ،وتكفل الشريك الثاني وهو المجلس البلدي لأيت ملول بتوفير حارس لهذا المشروع وتوفير وسائل النقل في حدود إمكانيات الجماعة وصهريج للري ،بينما كانت مساهمة الشريك الثالث وكالة الجنوب مادية بالدرجة الأولى ،ويبقى دور جمعية المعرفة في العملية هو توفير اليد العاملة التي تطوعت بشكل تلقائي وبعدد كبير لكون الساكنة تعرف تماما أهمية المشروع وهكذا تم البدء بعملية "الطريش " وهي طريقة تقليدية كانت تستعمل قديما وذلك بزرع نوع النباتات يساهم في تتبيث الرمال ،وتم إعطاء انطلاقة المشروع يوم الأحد 05 فبراير 2006 ،والذي علقت عليه الساكنة آمالا كبيرة بحضور السيد عامل صاحب الجلالة على إقليم انزكان أيت ملول وبحضور فاعلين جمعويين وسياسيين يمثلون المنطقة ،وتم تقسيم المشروع على ثلاثة أشطر ،ولكن لسوء الحظ كانت بداية المشروع في نهايته فبعد الانطلاقة وغرس الشطر الأول تدخلت عدة عوامل لتكون السبب في فشله ونذكر منها : *الجمعية المحتضنة غير مؤهلة تقنيا وعلميا لمسايرة مثل هذا المشروع الضخم التي تتطلب تدخل الجهات الرسمية في العملية ( المياه والغابات المجلس الجماعي..) *انقسام المكتب المسير لجمعية المعرفة مما أدى إلى انسحابها من حي المزار لتحل محلها جمعية المستقبل. *بعد الشجيرات المغروسة عن مياه الري التي يتم تحميلها بالصهريج . *تدخل الجماعة كان محدودا لكون الغابة توجد خارج مجالها الترابي . *المبادرات الفردية وحماس السكان اصطدم بتعنت المكتب المسير للجمعية المحتضنة للمشروع. إن أهمية هذا المشروع كبيرة ولن يعرف بقيمته سوى الأجيال القادمة التي قد تجد المزار امتدادا طبيعيا لصحراء من الرمال الزاحفة ،ويبقى أمل استمراريته والنهوض به وإحيائه رهين بتدخل الجهات والمنابر الإعلامية. وبالرغم من المجهودات الفردية لبعض الغيورين على المنطقة الذين مازالوا يحملون على أكثافهم قنينات المياه من فئة 5لترات لري ما تبقى من الشتلات فلقد تعرض المشروع للفشل ولم تتمكن الشجيرات من مقاومة تغيرات المناخ وزاد من تدهور المشروع اقتحام السياج المحيط به من عدة جهات وبذلك أصبح وشيكا الحديث عن مشروع الحزام الأخضر بغابة المزار أن يكون مجرد ذكرى عابرة. بقلم سعيد مكراز