حفل تكريم للمناضلين الحزبيين والكفاءات المغربية بالخارج، وعدد من السياسيين البلجيكيين    إلموندو: الاعتراف البريطاني بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية "آخر مسمار في نعش جبهة البوليساريو الانفصالية"    عطلة استثنائية بإدارات الدولة والجماعات الترابية يوم الاثنين 9 يونيو 2025    انتخاب محمد ملال، بالإجماع، كاتبا إقليميا للحزب بالصويرة    المقاولة المغربية تعيش حالة اختناق غير مسبوقة في غياب التحفيز وضعف التنافسية    الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة    وقفة احتجاجية بآسفي تجسّد مأساة عائلة النجار في غزة    تأهباً للمونديال.. الوداد يستهل استعداداته بالمعمورة وبنهاشم يستبعد أسماء بارزة عن المعسكر    ماكرون يشيد بأشرف حكيمي بعد التتويج التاريخي بدوري الأبطال    حكيمي يترجم موسمه الاستثنائي مع سان جرمان بلقب ثان في مسيرته الاحترافية    أخبار الساحة    حسنية أكادير تضمن البقاء في قسم الصفوة وأولمبيك الدشيرة يصعد لأول مرة    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    الذهب يرتفع في ظل تراجع الدولار وتهديد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة    أكادير وإنزكان تعلنان إجراءات استثنائية لتنزيل القرار الملكي بعدم ذبح الأضاحي في عيد الأضحى 2025 (وثيقة)    اكاديميون يناقشون أزمة السياسة والسياسي في لقاء بالرباط    نص رسالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في دورة سنة 2025 لملتقى 'إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة'    المغرب تحول إلى عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية (رؤساء أربعة برلمانات إقليمية بأمريكا اللاتينية)    أطباء بلا حدود تحمّل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى أثناء توزيع المساعدات في رفح    كيوسك الإثنين | وفد من ساو تومي وبرينسيب يستكشف فرص الاستثمار بالعيون    79 معتقلا في احتفالات سان جرمان    قافلة "حفظ الذاكرة إقرار للعدالة والإنصاف" تجوب المغرب أواخر يونيو المقبل    تأهل نهضة بركان إلى ربع النهائي بفوزه على الكوكب المراكشي (3 – 0)        الفيضانات في غرب الصين تدمر عشرات المنازل والطرق    سلا.. توقيف قاصر كان يسوق دراجة نارية بشكل استعراضي أمام دورية للشرطة رفقة زملائه    إغلاق مؤقت للمجزرة الجماعية بأكادير    محاولة تهريب أكثر من أربعين أفعى توقف رجلا في مطار هندي    انقطاع الماء يثير استياءً واسعاً في آسفي وفيدرالية اليسار تُحمّل السلطات المسؤولية    تصفيات مونديال 2026: المنتخب الايطالي يفتقد خدمات مدافعيه بونجورنو وأتشيربي    لدغة أفعى تُنهي حياة أربعيني بجماعة بوقرة بإقليم وزان    حادث مروع بطريق الحرارين في طنجة يودي بحياة شاب ويصيب مرافقه بجروح خطيرة    المغرب ينتزع أربعة عشرة ميدالية ، منها أربع ذهبيات خلال بطولة العالم للمواي طاي بتركيا    بريطانيا تدعم خطة الحكم الذاتي المغربية بشأن الصحراء    الماضي حاضر مُتجدد    بنشليخة والمجرد مقابل غراندي وسويفت..    برشيد تفوز بذهبية "جائزة التبوريدة"    مع العلّامة الفقيه المنوني .. زكاة العلم إنفاقه    معرض "أخوة الروح بالألوان المائية" يجمع الإبداع والدبلوماسية الثقافية بالرباط    "لا ميريديونال" تعزز أسطولها البحري بسفينة جديدة لتوسيع الربط مع المغرب    البنك الشعبي يستأنف خدماته الإلكترونية بعد خلل تقني أربك الزبناء    يوميات حاج (2): في الإحرام تتساوى الرتب وتسقط الأقنعة الزائفة    لمنور "أفضل مطربة عربية" بألمانيا    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    مع اقتراب العيد.. المغاربة منقسمون بين المصلحة العامة وشعيرة الذبح    إسبانيا.. مدينة غافا تعيش على إيقاع الأيام الثقافية المغربية    عطل تقني يظهر أرصدة زبناء البنك الشعبي ب"صفر درهم" والبنك يوضح    فرنسا.. مقتل شخصين واعتقال 559 عقب أعمال شغب إثر فوز سان جيرمان بدوري الأبطال    "البوليساريو وإيران": كتاب جديد يفضح أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    سقوط قتلى وعشرات الجرحى بنيران إسرائيلية على نقطة لتوزيع المساعدات في رفح    موسم الحج لسنة 1446 ه .. الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    يوميات حاج (1): في الطريق إلى مكة المكرمة .. رجفة القلب تسبق التلبية    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية نورا والمنتخب الوطنى
نشر في أخبار اليوم يوم 17 - 11 - 2009

أردت أن أكتب هذا الأسبوع عن سيدة مصرية اسمها نورا هاشم محمد، لكن النصر العظيم الذى حققه منتخبنا الوطنى على منتخب الجزائر فى كرة القدم، لا يمكن تجاهله.. من هنا قررت أن أكتب عن الموضوعين معا
:
لا يوجد ما يميز نورا هاشم محمد لأنها مثل ملايين المصريات: سمراء ومتوسطة الجمال وفقيرة.. وقد تزوجت من عامل بسيط اسمه هانى زكريا مصطفى وأنجبت منه ولدين وخاضت معه كفاحا يوميا ضاريا من أجل لقمة العيش وتربية الولدين.. وذات يوم أحست نورا فجأة بإعياء شديد..
كانت مباراة منتخبنا الوطنى مع منتخب الجزائر، معركة مصيرية ظهر خلالها معدن المصريين الأصيل فتناسوا خلافتهم ووقفوا جميعا صفا واحدا خلف منتخبهم الوطنى. ولما كان الإعلام الجزائرى قد تورط فى السخرية من منتخبنا القومى بطريقة بذيئة فقد قام الإعلاميون المصريون بالرد على ذلك بوابل من الإهانات الموجعة للجزائريين..
وعندما صرحت المطربة الجزائرية وردة بأنها ستشجع فريق الجزائر أحس مصريون كثيرون بالغضب وتساءلوا : كيف تجرؤ وردة على تشجيع الفريق الجزائرى وهى التى تعيش فى مصر وتنهل من خيرها منذ عقود..؟ وطالب بعض المدونين على الإنترنت بمنع دخول وردة إلى مصر عقابا لها على تقاعسها عن تشجيع منتخبنا الوطنى.
فى البداية أرجعت السيدة نورا إحساسها بالإعياء إلى قلة النوم وكثرة عملها فى البيت، وقد أخفت الأمر عن زوجها هانى حتى لا تزيد من متاعبه. لكن تعبها زاد حتى رقدت فى الفراش.. عندئذٍ أصر هانى على اصطحابها إلى عيادة خاصة ودفع الكشف للطبيب الذى فحصها ونصح بنقلها فورا إلى المستشفى.
حرص سيادة الرئيس مبارك على حضور تدريب المنتخب الوطنى وقضى وقتا مع اللاعبين ليشد أزرهم قبل المباراة..
والحق أن رعاية الرئيس مبارك للرياضيين معروفة، ولعلنا نذكر عندما مات ألف وأربعمائة مصرى غرقا فى حادثة العبارة الشهيرة.. فإن حزن الرئيس مبارك آنذاك على الضحايا لم يمنعه من حضور تدريب المنتخب الذى كان يستعد لمعركة مصيرية أخرى فى نهائى كأس أفريقيا..
عندما وصل هانى زكريا وزوجته نورا إلى مستشفى صدر إمبابة، كانت الساعة الثانية صباحا.. كشف الطبيب على نورا بسرعة وقال إن حالتها عادية ولا تحتاج إلى مستشفى ثم انصرف، حاول هانى أن يلحق به ليتناقش معه لكنه لم يسمح له بمقابلته..
رجع هانى إلى موظف الاستقبال ورجاه أن يساعده حتى يتمكن من علاج زوجته.. عندئذٍ قال له موظف الاستقبال بوضوح:
إذا أردت أن تعالج زوجتك. ادفع الآن مبلغ 2000 جنيه..
أثناء مباراتنا مع الجزائر، وبالرغم من الخشونة المتعمدة من الجزائريين فقد مارس لاعبونا أقصى درجات ضبط النفس. كما ظهر تدين المصريين العميق واضحا أثناء المباراة وقبلها.. فارتفعت دعوات ملايين المصريين إلى الله لكى يسجل الفريق المصرى هدفين على الأقل..
وظهر المطرب ايهاب توفيق فى التليفزيون وطلب من المشاهدين جميعا الدعاء للمنتخب، مؤكدا أن فى مصر رجالا صالحين كثيرين وهؤلاء قطعا دعاؤهم مستجاب..
أصيب هانى بالذهول عندما استمع إلى المبلغ المطلوب منه، وسأل موظف الاستقبال بصوت خافت إن كان مستشفى صدر إمبابة مازال يتبع الحكومة المصرية؟
أخبره الموظف، بفتور، أنه مازال يتبع الحكومة لكنه يجب أن يدفع ألفى جنيه.. قال هانى إنه فقير ولا يملك هذا المبلغ.. لم يرد الموظف عليه وانصرف إلى قراءة أوراق أمامه.. بدأ هانى فى التوسل للموظف حتى يسمح بعلاج زوجته.
صباح يوم المباراة، صرح الناقد الرياضى المعروف ياسر أيوب فى التليفزيون، بأنه فى حالة فوز المنتخب على الجزائر والتأهل للمونديال..
فإن كل لاعب فى المنتخب سوف يحصل على مكافأة مالية قدرها 6 ملايين جنيه مصرى من الدولة واتحاد الكرة.. ولما بدا على وجه المذيعة بعض الاستغراب من ضخامة المبلغ.. قال ناقد رياضى آخر:
اللاعبون فى المنتخب يستحقون أكثر من ذلك، لأنهم يبذلون مجهودا خرافيا من أجل إدخال الفرحة على قلوب المصريين.
لما يئس هانى من إقناع موظف الاستقبال فى مستشفى صدر إمبابة، أخذ زوجته التى بدأت تترنح من الإعياء والحمى وذهب بها إلى مستشفى صدر العمرانية، حيث كشف عليها الطبيب هناك وقال إنه يشتبه فى أنها مريضة بإنفلونزا الخنازير، وأخبره بأنه لا يستطيع علاجها فى المستشفى لأنها غير مجهزة لمثل حالتها. ونصحه باصطحاب زوجته إلى مستشفى أم المصريين حيث توجد التجهيزات الطبية اللازمة..
لا يقتصر حب الرياضة على الرئيس مبارك لكنه يمتد أيضا إلى ولديه جمال وعلاء، وقد حرص الاثنان على الذهاب إلى الاستاد لتشجيع المنتخب وذهب معهما معظم الوزراء وكبار المسئولين بمن فيهم وزير الصحة الذى جلس بجوار السيد جمال مبارك مباشرة.. وقد رأينا فرحة كل هؤلاء الغامرة عندما أحرز عمرو زكى الهدف الأول فى مرمى الجزائر.
شكر هانى الطبيب وأخذ زوجته نورا وهرع إلى مستشفى أم المصريين، حيث توسل إلى المسئولين هناك حتى ينقذوا زوجته التى بدأت تبصق دما، لكن الطبيب فى أم المصريين طمأنه تماما وقال إن حالة زوجته عادية ولا تحتاج إلى الحجز فى المستشفى.. ونصحه بالعودة بها إلى مستشفى صدر العمرانية لأنها الجهة المتخصصة فى حالتها..
بعد الهدف الأول، وبالرغم من الجهد الكبير والروح القتالية، لم يستطع لاعبونا أن يسجلوا فى مرمى الجزائر لمدة 90 دقيقة كاملة.. وقد بان الغضب على وجوه كبار المسئولين الجالسين فى المقصورة.. حتى إن السيد علاء مبارك لم يتمالك نفسه وأشاح بيده اعتراضا على إضاعة منتخبنا عدة فرص لأهداف مؤكدة.
عاد هانى من جديد، وهو يكاد يحمل زوجته نورا، إلى مستشفى صدر العمرانية، ولأول مرة يرتفع صوته غاضبا فى وجه الطبيب:
لماذا أرسلتنى إلى مستشفى أم المصريين إذا كان علاج زوجتى هنا..؟
أكد له الطبيب أن تشخيصه صحيح وأنهم فى مستشفى أم المصريين يتهربون من علاج المرضى.. وطلب منه شهادة رسمية من مستشفى أم المصريين بأن حالة نورا عادية وليست خطيرة.. عندئذٍ اعتذر هانى للطبيب عن حدته فى الكلام وأخذ زوجته من جديد إلى أم المصريين وطالبهم بإعطائه شهادة بحالة زوجته الصحية..
والحق أنهم هذه المرة عاملوه بلطف، وأكدوا له انهم سيعملون التحاليل اللازمة لزوجته نورا لكن عليه أن يعود بها فى الثامنة صباحا، لأن مسئولة التحاليل غير موجودة (تبين بعد ذلك أنها كانت موجودة لكنها أرهقت من العمل فطلبت من زملائها صرف المريضة نورا بأى طريقة)..
كادت المباراة تنتهى وفى الوقت بدل الضائع، تمكن عماد متعب من إحراز الهدف الثانى فى مرمى الجزائر، ورقصت مصر كلها طربا.. بل إن الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة، نسى وقار منصبه والكاميرات المسلطة عليه، وقفز من مكانه واحتضن جمال مبارك ليهنئه بالنصر العظيم.
عاد هانى بزوجته نورا إلى مستشفى صدر العمرانية ليودعها حتى الصباح ثم يأخذها بعد ذلك لعمل التحاليل فى أم المصريين، وكانت حالة نورا قد ساءت لدرجة أنهم وضعوها على جهاز التنفس الصناعى ولم تلبث أن لفظت أنفاسها الأخيرة قبل أن تتمكن من إجراء التحاليل اللازمة لتشخيص حالتها.. ماتت نورا هاشم محمد وهى لم تتجاوز الخامسة والعشرين، وتركت زوجها هانى وولدين صغيرين..
ولعلنا البلد الوحيد الذى يموت فيه الناس بهذه الطريقة.. على أن مأساة نورا هاشم محمد لا يجوز أن تعكر صفو فرحتنا بالنصر على الجزائر.. لقد استجاب الله لدعائنا وجعلنا نحرز هدفين نظيفين..وهكذا أذقنا الجزائريين من كأس الهزيمة وسوف نسحقهم بإذن الله فى مباراتنا المقبلة...
مبروك لمصر الوصول إلى المونديال ورحم الله السيدة نورا هاشم محمد...
..الديمقراطية هى الحل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.