ألقى أكاديميون وباحثون في مجال المناخ، في ندوة حول "التحولات المناخية من خلال المخلفات الأثرية منذ مليون سنة"، الضوء على التداعيات الوخيمة التي تتسبب فيها التحولات المناخية على سطح الكرة الأرضية. وأبرز الباحثون في هذا اللقاء، الذي تنظمه وزارة الثقافة، على مدى ثلاثة أيام، بتعاون مع المتحف الوطني بباريس، وجامعة كيبيكبمونريال، ومختبرات "لوكس وجيوتوب"، أن هذه التغيرات التي يتسبب فيها ارتفاع درجة حرارة الأرض بفعل الانحباس الحراري تشمل ذوبان الثلوج وحصول تساقطات مطرية كثيفة وانجراف التربة واندلاع حرائق على مستوى الغابات والأعاصير. وأكدوا أن علم الأركيولوجيا والتراث يقدم معطيات علمية حول ارتفاع درجة حرارة الأرض ومختلف التغيرات المناخية وعواقبها الوخيمة، ويساعد على التنبؤ بالنتائج المستقبلية لهذه الظواهر التي بات سطح الأرض يعرفها حاليا. وذكر محمد عبد الجليل الهجراوي، الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، في كلمة بالمناسبة، أن ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الثلوج قد يدفعان المحيطات إلى اكتساح مناطق من اليابسة، مضيفا أن مياه المحيط الأطلسي كانت قبل آلاف السنين تتواجد بمناطق تمثل اليابسة حاليا ودفعتها البرودة التي عرفها العالم إلى التراجع. وتوقع حصول نتائج وخيمة على كوكب الأرض بسبب تواصل ارتفاع درجات الحرارة الذي يتمخض عن ظاهرة الانحباس الحراري، مشيرا إلى أن علم الآثار والجيولوجيا يثبت أن هذه الظواهر "ليست غريبة وكانت تقع عبر التاريخ". وخلص إلى أن التحولات المناخية ستفرض حصول تغييرات على نمط عيش الإنسان كما حصل منذ تسعة آلاف سنة تقريبا حينما تحولت مناطق من المغرب من أراضي خضراء إلى ما يعرف حاليا بالمناطق الصحراوية بالمملكة، وما تسبب فيه هذا التغيير من ظواهر على رأسها ترحال الساكنة بحثا عن وسائل العيش. من جهته، أشار أستاذ الجيومورفولوجيا بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، محمد رؤوف الكراي، إلى ما تتعرض له بعض مناطق العالم، بالخصوص المغرب العربي، من تغيرات على مستوى الأمطار حيث باتت المنطقة تشهد تساقطات مطرية أقوى وأكثر كثافة زمنيا تتسبب في حصول فيضانات بسبب تراجع الغطاء النباتي. وأوضح أن السهول في المنطقة باتت تتعرض بشكل أكبر لظاهرة الفيضانات، فيما بات انجراف التربة يطغى على المناطق الجبلية والمنحدرات بسبب تغير مفعول التساقطات الغزيرة. وتوقع تعرض بعض المناطق المطلة على الواجهات البحرية للمنطقة المغاربية لظواهر تسونامي مختلفة الحدة والخطورة. وخلص إلى أن التغيرات المناخية ظاهرة عالمية، داعيا الحكومات المغاربية إلى الانخراط في البرامج والمبادرات العالمية الرامية لمكافحة التغيرات المناخية والمطالبة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتقليص من هذه الظاهرة. ويشارك في هذا اللقاء، وهو ثالث ملتقى للدول الفرنكوفونية بعد مونريال (2010) وباريس (2013)، أكثر من 60 باحثا من المغرب وفرنسا وكندا وألمانيا وإيطاليا وتونس والجزائر والسنغال. وأشارت ورقة وزعت بالمناسبة إلى أن "التحولات المناخية ظاهرة قديمة جدا"، موضحة أن "الكون عرف تقلبات مناخية كبرى منذ أقدم العصور" و"أن الأركيولوجيا والتراث يساعدان على التنبؤ بالنتائج المستقبلية لارتفاع درجات الحرارة الذي يعرفه الكون حاليا".