بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    تمديد هدنة الرسوم الجمركية يرفع أسعار النفط    كرة القدم.. المدافع زابارني ينتقل إلى باريس سان جيرمان    زياش قريب من العودة للدوري الهولندي    المغرب يمد يد العون للبرتغال بطائرتي كنادير لمواجهة حرائق الغابات (فيديو)            بسبب جرائم حرب الإبادة في غزة.. فرنسا توقف تجديد تأشيرات عمل موظفي "إلعال" الإسرائيلية    "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية        مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        انقطاع مؤقت لحركة السير على الطريق الوطنية على مستوى المقطع الرابط بين سيدي قاسم و باب تيسرا    "شين أنتر" تشارك تجربتها مع شباب الجالية المغربية خلال أيام الأبواب المفتوحة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    النقابة الوطنية للإعلام والصحافة تدين اغتيال صحافيي "الجزيرة" وتدعو لجبهة عربية لمواجهة السردية الصهيونية    اعتقال عسكريين في مالي بعد محاولة انقلابية على المجلس الحاكم    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    الرئيس الكوري يزور الولايات المتحدة لبحث قضايا الأمن والشراكة الاقتصادية    وفاة السيناتور الكولومبي أوريبي.. الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإجراء تحقيق "معمق"    ضبط وحجز 1.8 طن من الآيس كريم غير صالح للاستهلاك بموسم مولاي عبد الله أمغار    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    كان يُدَّعى أنه يعاني من خلل عقلي.. فحوصات تؤكد سلامة الشخص الذي اعترض السيارات وألحق بها خسائر بطنجة ومتابعته في حالة اعتقال    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    بعد نشر الخبر.. التعرف على عائلة مسن صدمته دراجة نارية بطنجة والبحث جار عن السائق    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    إسبانيا: إجلاء أزيد من ألف شخص بسبب حرائق الغابات    حكومة سانشيز تطعن في قرار بلدية خوميا بمنع صلاة العيد.. والقضاء الإداري يترقب        المغرب يشارك في معرض بنما الدولي للكتاب    "لبؤات كرة المضرب" يتألقن بناميبيا    مبادرة مغربية تطالب العالم بتصنيف البوليساريو ضمن المنظمات الإرهابية    بورصة البيضاء تنتعش بنتائج إيجابية    الملك محمد السادس يهنئ رئيس تشاد    نادي الفتح الرباطي يتعاقد مع أمحيح    "ويبنز" يتصدر تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    كريستال بالاس يخسر استئناف قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم باستبعاده من الدوري الأوروبي    كرة القدم.. النصر السعودي يتوصل إلى اتفاق مع بايرن ميونيخ لضم الدولي الفرنسي كينغسلي كومان (إعلام)    عمالة الحسيمة تحتفل باليوم الوطني للمهاجر    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    الدولة والطفولة والمستقبل    توقيف "داعشي" كان يحضر لعمليات ارهابية    الخطوط المغربية تعزز شبكة "رحلات بلا توقف" انطلاقا من مراكش نحو فرنسا وبلجيكا    أشرف حكيمي يتمسك بطموح الفوز بالكرة الذهبية رغم انزعاج باريس سان جيرمان    وفاة أسطورة كرة القدم اليابانية كاماموتو عن 81 عاما    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة \"العين\" أو \"التقواس\"..ثقافة يغديها الجهل و تدمر حامليها وعلاقاتهم الاجتماعية والأسرية
نشر في أخبارنا يوم 02 - 03 - 2012


كيف حولت «العين الشريرة» حياة بعض الناس إلى جحيم؟
أصبت بحمى والسبب أني اشتريت معطفا جديدا وجارتي «قوسات عليا».. تعرضت لحادثة سير والسبب أني التقيت جاري هذا الصباح و نظر إلي نظرة «مريبة»، رسب ابني هذا العام والسبب أن إحدى قريباتي تنظر إلى أبنائي نظرة حسد و «أصابتهم بالعين» ... قصص كثيرة وتفاصيل متعددة لمغاربة يفسرون كل ما يحدث لهم من أحداث بقوة خفية هي «العين الشريرة».
«العين» أو «التقواس» ثقافة انتشرت بشكل رهيب في المجتمع المغربي لدرجة حولت حياة بعضهم إلى جحيم بسبب حذرهم المفرط من الجيران والاقارب والزملاء والأصدقاء، فالجميع متهم بتوفره على «عين شريرة» مؤذية إلى أن يثبت العكس. والغريب في هذه الثقافة أنها لا تميز أحيانا بين الجاهل والمثقف وبين المواطن العادي والسياسي المحنك.
«التجديد» تفتح هذا الملف وتسائل مختصين وباحثين في علم النفس والاجتماع وتستعرض رؤية الدين لهذه الثقافة المنتشرة بين المغاربة من مختلف المستويات الاجتماعية.
**
مغاربة يفسرون كل ما يصيبهم من أحداث سيئة ب"التقواس"
تصيب السليم فيمرض، والمجتهد فيرسب والقوي فيضعف، بسببها تقع الخصومات وحوادث السير ويفتقر الغني ويموت الصبي.. إنها بعض مما يمكن أن تسببه عين «القواسة» على بعض المغاربة، نظرات لها تأثير مدمر على كل من تصيبه، سببها أشخاص «قواسون» لهم مواصفات خاص وتاريخ من نشر الأذى بين الناس.
«خمسة وخميس في عين العديان»، «عين الحسود فيها عود» ، «شكيكو» « ما شافنيش بعين الرحمة» هذا جزء من قاموس يتداول يوميا كجزء من الرصيد اللغوي المغربي، يعبر عن حالة القلق والخوف التي يعيشها عدد من المغاربة الخائفين على ذواتهم وأبنائهم وممتلكاتهم من أعين «القواسة» التي لا تبقي ولاتذر، هذا الخوف يجعل المرء يتجنب باستمرار مخالطة «ذوي العيون السود» و»لحجبان لملاقيين» ويرفض الكشف عن أي جديد في وضعه المادي أو الاجتماعي.
مريضة بسبب العين
متعبة.. لا أستطيع الوقوف.. حرارتي مرتفعة.. الجميع يسأل عن السبب في كل مرة تظهر عليها هذه الأعراض تفسيرها واحد: جارتي «عَيْنَاتْني»، ابنتها سقطت من فوق السلالم وأصيبت بكسر في قدمها والسبب نفس الجارة «القواسة». تقول أسماء، وهي سيدة في منتصف العقد الثالث من عمرها وأم لطفلين، إنها سهلة الوقوع تحت تأثير «العين» فهي بعيد تعرضها لنظرات «عين شريرة» تسقط طريحة الفراش وتمرض لأيام رغم محاولاتها حماية نفسها وأبنائها من ضرر عين الحاسدين، «أسماء» تحرص على أن لا تتحدث عن نفسها وأبنائها أمام الناس وتعتبر كل من يريد الدخول في مناقشة مواضيع خاصة بها وبأبنائها «حسود» يريد إصابتها بالأذى.
«القواسة سَقْطُوني»
محمد في 21 من عمره يقول إنه كان تلميذا مميزا إلى حدود السنة الأولى باكلوريا، ويضيف «كنت مصدر افتخار والدي فأنا متفوق دائما ومجتهد وأحصل على درجات متميزة في نهاية كل عام دراسي»، كان جميع سكان الحي يلقبونه ب»المجتهد» وفي نهاية كل عام دراسي كانوا يرددون «محمد بلا مانسولوه راه هو الاول»، لكن ما حدث - يشرح محمد- منذ السنة الأولى باكلوريا أحسست بتراجع مستواي الدراسي وإهمالي لدروسي حتى أنني رسبت في امتحان الباكلوريا وبعد رسوبي غادرت مقاعد الدراسة، محمد يجزم بأن سبب تراجعه في التعليم هم «القواسة» ويؤكد «بقاو حاضييني حتى سقطت وخرجت من المدرسة»!
خالتي مريضة بالعين
تحكي لمياء ل»التجديد» قصة خالتها التي تؤمن بالعين كثيرا وتؤمن بتأثيرها عليها وعلى أبنائها وتشرح لمياء « إذا استقبلت خالتي ضيوفا في إحدى المناسبات كأن ينكسر كأس أو صحن أو التوى كاحلها، فإنها تقول «كنت أعرف أن هذا الأمر سيقع»»، وتضيف أن خالتها تعتقد بأنها فريسة سهلة للنظرات السيئة لكل المحيطين بها وبانها مستهدفة واولادها بعين «القاواسين» التي لا ترحم، وتفترض لمياء أن المعاناة التي عاشتها خالتها بعد وفاة زوجها وتكريسها حياة لتربية أبنائها الثلاثة ربما تكون السبب في اعتقادها بأذى «العين» إلى درجة الهوس. وتضيف لمياء أن « أولادها أيضا يؤمنون بنفس الشيء لدرجة أن أحد أولادها أنجب مؤخرا توأما ولم يخبر أحدا حتى والدته خوفا من أن تصيبهم العين»، الغريب، حسب لمياء، أنها عقب أي زيارة يقوم بها أحد لبيتها، تحدث لها أشياء من قبيل الخصام أو مرض أو ما شابه.
لهذا السبب ترفض لمياء أن تزور خالتها مرارا وتكرارا وتضيف «لست أنا وحدي بل العديد من أفراد العائلة يتجنبون زيارتها حتى لا يتهموا بالتسبب في أذاها، حتى إذا جددت منزلها أو اشترت أشياء جديدة فإن العائلة يتجنبون سؤالها عن الثمن أو تهنئتها لأن ذلك سيفسر بأن الجميع «يراقبها» و يتحين الفرص لإيقاع الأذى بها حتى أخواتها و المقربين منها».
نظرات قاتلة
ليلى تحكي ل»التجديد» قصتها مع العين وتقول إنها كانت في إحدى المرات لدى البقال وأحست بتسارع دقات قلبها وبأن شيئا حادا انغرس في ظهرها حتى كادت تختنق، واستمر الحال ثوان معدودة قبل أن تسترجع أنفاسها، عندما استدارت ليلى لمحت بواب العمارة ينظر ناحيتها، لكنه أشاح بنظره بمجرد ما استدارت، نفس القصة تكررت عندما كانت تتجه إلى منزلها أحست بنفس الحالة وكأن نفس الشخص ينظر إليها وتشرح ليلى أنها «تأكدت في المرة الثانية أن نظرات البواب غير بريئة، ومغرضة» خاصة وأن الجيران يتداولون فيما بينهم أن الرجل «عَيْنُه مَا مَزْيَانَاشْ».
العين تزيل النعم
«السعدية» في العقد الخامس من عمرها تقول إن العين الشريرة تزيل النعم وتسبب المرض وقد تصل إلى حد قتل الإنسان، وتحكي «السعدية» قصة ابنتها «حسناء» التي كانت في طفولتها جميلة وشعرها حريري وطويل وكثيف، كان الجميع يحسدها على شعرها الذي كان محط انتباه الجميع أينما حلت، لكن وبسبب «إحدى الجارات «القَوَاسَات» التي لا «تصلي على النبي» أصيبت ابنتي وهي في التاسعة من عمرها بمرض التُونْيَا « وأدى إلى تساقط شعرها، وأصبحت «حسناء» التي كانت محط إعجاب الجميع في الحي والمدرسة والعائلة موضع شفقتهم بعد أن أصبحت «صلعاء» ولم تجدي زيارات الأم للأطباء والعشابين والمشعوذين نفعا، وبسبب هذه الجارة -تقول السعدية- انطوت ابنتي على نفسها وأصبحت تحب العزلة والجلوس منفردة في إحدى غرف البيت، وهو ما رافقها إلى يومنا هذا وهي على مشارف نهاية العقد الثاني من عمرها وتضيف «ادعيتها لله من كانت السبب في هذه المصيبة التي غيرت مجرى حياة ابنتي».
عين الجهل
أينما حللت وجدت ل»ثقافة العين» سلطة، ثقافة لا تفرق بين الأمي والمثقف، ثقافة تجد لها مكانا حتى في عقول بعض الساسة، ثقافة تستند إلى فهم خاطئ للدين تارة وعلى «التجارب» تارة، وعلى الحكايات والأساطير أخرى. ثقافة تدمر في صمت بنى اجتماعية أساسية، تخرب الأسر والصداقات، والعلاقات الانسانية منها والتجارية.ثقافة تفسد فهم سنن الكون وأسباب العيش... ربما كانت «ثقافة العين» تحريفا لمكانة العين التواصلية بين بني البشر، بصفتها مركز التواصل بينهم، ومنبع معاني الحب والتقدير، بل ومعاني الخوف ومصدر تهديد... عضو يجمع مثل هذه القدرات والميزات لا يمكن أن يسلم من»عين الجهل»
كيف حولت «العين الشريرة» حياة بعض الناس إلى جحيم؟
أصبت بحمى والسبب أني اشتريت معطفا جديدا وجارتي «قوسات عليا».. تعرضت لحادثة سير والسبب أني التقيت جاري هذا الصباح و نظر إلي نظرة «مريبة»، رسب ابني هذا العام والسبب أن إحدى قريباتي تنظر إلى أبنائي نظرة حسد و «أصابتهم بالعين» ... قصص كثيرة وتفاصيل متعددة لمغاربة يفسرون كل ما يحدث لهم من أحداث بقوة خفية هي «العين الشريرة».
«العين» أو «التقواس» ثقافة انتشرت بشكل رهيب في المجتمع المغربي لدرجة حولت حياة بعضهم إلى جحيم بسبب حذرهم المفرط من الجيران والاقارب والزملاء والأصدقاء، فالجميع متهم بتوفره على «عين شريرة» مؤذية إلى أن يثبت العكس. والغريب في هذه الثقافة أنها لا تميز أحيانا بين الجاهل والمثقف وبين المواطن العادي والسياسي المحنك.
«التجديد» تفتح هذا الملف وتسائل مختصين وباحثين في علم النفس والاجتماع وتستعرض رؤية الدين لهذه الثقافة المنتشرة بين المغاربة من مختلف المستويات الاجتماعية.
**
مغاربة يفسرون كل ما يصيبهم من أحداث سيئة ب"التقواس"
تصيب السليم فيمرض، والمجتهد فيرسب والقوي فيضعف، بسببها تقع الخصومات وحوادث السير ويفتقر الغني ويموت الصبي.. إنها بعض مما يمكن أن تسببه عين «القواسة» على بعض المغاربة، نظرات لها تأثير مدمر على كل من تصيبه، سببها أشخاص «قواسون» لهم مواصفات خاص وتاريخ من نشر الأذى بين الناس.
«خمسة وخميس في عين العديان»، «عين الحسود فيها عود» ، «شكيكو» « ما شافنيش بعين الرحمة» هذا جزء من قاموس يتداول يوميا كجزء من الرصيد اللغوي المغربي، يعبر عن حالة القلق والخوف التي يعيشها عدد من المغاربة الخائفين على ذواتهم وأبنائهم وممتلكاتهم من أعين «القواسة» التي لا تبقي ولاتذر، هذا الخوف يجعل المرء يتجنب باستمرار مخالطة «ذوي العيون السود» و»لحجبان لملاقيين» ويرفض الكشف عن أي جديد في وضعه المادي أو الاجتماعي.
مريضة بسبب العين
متعبة.. لا أستطيع الوقوف.. حرارتي مرتفعة.. الجميع يسأل عن السبب في كل مرة تظهر عليها هذه الأعراض تفسيرها واحد: جارتي «عَيْنَاتْني»، ابنتها سقطت من فوق السلالم وأصيبت بكسر في قدمها والسبب نفس الجارة «القواسة». تقول أسماء، وهي سيدة في منتصف العقد الثالث من عمرها وأم لطفلين، إنها سهلة الوقوع تحت تأثير «العين» فهي بعيد تعرضها لنظرات «عين شريرة» تسقط طريحة الفراش وتمرض لأيام رغم محاولاتها حماية نفسها وأبنائها من ضرر عين الحاسدين، «أسماء» تحرص على أن لا تتحدث عن نفسها وأبنائها أمام الناس وتعتبر كل من يريد الدخول في مناقشة مواضيع خاصة بها وبأبنائها «حسود» يريد إصابتها بالأذى.
«القواسة سَقْطُوني»
محمد في 21 من عمره يقول إنه كان تلميذا مميزا إلى حدود السنة الأولى باكلوريا، ويضيف «كنت مصدر افتخار والدي فأنا متفوق دائما ومجتهد وأحصل على درجات متميزة في نهاية كل عام دراسي»، كان جميع سكان الحي يلقبونه ب»المجتهد» وفي نهاية كل عام دراسي كانوا يرددون «محمد بلا مانسولوه راه هو الاول»، لكن ما حدث - يشرح محمد- منذ السنة الأولى باكلوريا أحسست بتراجع مستواي الدراسي وإهمالي لدروسي حتى أنني رسبت في امتحان الباكلوريا وبعد رسوبي غادرت مقاعد الدراسة، محمد يجزم بأن سبب تراجعه في التعليم هم «القواسة» ويؤكد «بقاو حاضييني حتى سقطت وخرجت من المدرسة»!
خالتي مريضة بالعين
تحكي لمياء ل»التجديد» قصة خالتها التي تؤمن بالعين كثيرا وتؤمن بتأثيرها عليها وعلى أبنائها وتشرح لمياء « إذا استقبلت خالتي ضيوفا في إحدى المناسبات كأن ينكسر كأس أو صحن أو التوى كاحلها، فإنها تقول «كنت أعرف أن هذا الأمر سيقع»»، وتضيف أن خالتها تعتقد بأنها فريسة سهلة للنظرات السيئة لكل المحيطين بها وبانها مستهدفة واولادها بعين «القاواسين» التي لا ترحم، وتفترض لمياء أن المعاناة التي عاشتها خالتها بعد وفاة زوجها وتكريسها حياة لتربية أبنائها الثلاثة ربما تكون السبب في اعتقادها بأذى «العين» إلى درجة الهوس. وتضيف لمياء أن « أولادها أيضا يؤمنون بنفس الشيء لدرجة أن أحد أولادها أنجب مؤخرا توأما ولم يخبر أحدا حتى والدته خوفا من أن تصيبهم العين»، الغريب، حسب لمياء، أنها عقب أي زيارة يقوم بها أحد لبيتها، تحدث لها أشياء من قبيل الخصام أو مرض أو ما شابه.
لهذا السبب ترفض لمياء أن تزور خالتها مرارا وتكرارا وتضيف «لست أنا وحدي بل العديد من أفراد العائلة يتجنبون زيارتها حتى لا يتهموا بالتسبب في أذاها، حتى إذا جددت منزلها أو اشترت أشياء جديدة فإن العائلة يتجنبون سؤالها عن الثمن أو تهنئتها لأن ذلك سيفسر بأن الجميع «يراقبها» و يتحين الفرص لإيقاع الأذى بها حتى أخواتها و المقربين منها».
نظرات قاتلة
ليلى تحكي ل»التجديد» قصتها مع العين وتقول إنها كانت في إحدى المرات لدى البقال وأحست بتسارع دقات قلبها وبأن شيئا حادا انغرس في ظهرها حتى كادت تختنق، واستمر الحال ثوان معدودة قبل أن تسترجع أنفاسها، عندما استدارت ليلى لمحت بواب العمارة ينظر ناحيتها، لكنه أشاح بنظره بمجرد ما استدارت، نفس القصة تكررت عندما كانت تتجه إلى منزلها أحست بنفس الحالة وكأن نفس الشخص ينظر إليها وتشرح ليلى أنها «تأكدت في المرة الثانية أن نظرات البواب غير بريئة، ومغرضة» خاصة وأن الجيران يتداولون فيما بينهم أن الرجل «عَيْنُه مَا مَزْيَانَاشْ».
العين تزيل النعم
«السعدية» في العقد الخامس من عمرها تقول إن العين الشريرة تزيل النعم وتسبب المرض وقد تصل إلى حد قتل الإنسان، وتحكي «السعدية» قصة ابنتها «حسناء» التي كانت في طفولتها جميلة وشعرها حريري وطويل وكثيف، كان الجميع يحسدها على شعرها الذي كان محط انتباه الجميع أينما حلت، لكن وبسبب «إحدى الجارات «القَوَاسَات» التي لا «تصلي على النبي» أصيبت ابنتي وهي في التاسعة من عمرها بمرض التُونْيَا « وأدى إلى تساقط شعرها، وأصبحت «حسناء» التي كانت محط إعجاب الجميع في الحي والمدرسة والعائلة موضع شفقتهم بعد أن أصبحت «صلعاء» ولم تجدي زيارات الأم للأطباء والعشابين والمشعوذين نفعا، وبسبب هذه الجارة -تقول السعدية- انطوت ابنتي على نفسها وأصبحت تحب العزلة والجلوس منفردة في إحدى غرف البيت، وهو ما رافقها إلى يومنا هذا وهي على مشارف نهاية العقد الثاني من عمرها وتضيف «ادعيتها لله من كانت السبب في هذه المصيبة التي غيرت مجرى حياة ابنتي».
عين الجهل
أينما حللت وجدت ل»ثقافة العين» سلطة، ثقافة لا تفرق بين الأمي والمثقف، ثقافة تجد لها مكانا حتى في عقول بعض الساسة، ثقافة تستند إلى فهم خاطئ للدين تارة وعلى «التجارب» تارة، وعلى الحكايات والأساطير أخرى. ثقافة تدمر في صمت بنى اجتماعية أساسية، تخرب الأسر والصداقات، والعلاقات الانسانية منها والتجارية.ثقافة تفسد فهم سنن الكون وأسباب العيش... ربما كانت «ثقافة العين» تحريفا لمكانة العين التواصلية بين بني البشر، بصفتها مركز التواصل بينهم، ومنبع معاني الحب والتقدير، بل ومعاني الخوف ومصدر تهديد... عضو يجمع مثل هذه القدرات والميزات لا يمكن أن يسلم من»عين الجهل»كيف حولت «العين الشريرة» حياة بعض الناس إلى جحيم؟
أصبت بحمى والسبب أني اشتريت معطفا جديدا وجارتي «قوسات عليا».. تعرضت لحادثة سير والسبب أني التقيت جاري هذا الصباح و نظر إلي نظرة «مريبة»، رسب ابني هذا العام والسبب أن إحدى قريباتي تنظر إلى أبنائي نظرة حسد و «أصابتهم بالعين» ... قصص كثيرة وتفاصيل متعددة لمغاربة يفسرون كل ما يحدث لهم من أحداث بقوة خفية هي «العين الشريرة».
«العين» أو «التقواس» ثقافة انتشرت بشكل رهيب في المجتمع المغربي لدرجة حولت حياة بعضهم إلى جحيم بسبب حذرهم المفرط من الجيران والاقارب والزملاء والأصدقاء، فالجميع متهم بتوفره على «عين شريرة» مؤذية إلى أن يثبت العكس. والغريب في هذه الثقافة أنها لا تميز أحيانا بين الجاهل والمثقف وبين المواطن العادي والسياسي المحنك.
«التجديد» تفتح هذا الملف وتسائل مختصين وباحثين في علم النفس والاجتماع وتستعرض رؤية الدين لهذه الثقافة المنتشرة بين المغاربة من مختلف المستويات الاجتماعية.
**
مغاربة يفسرون كل ما يصيبهم من أحداث سيئة ب"التقواس"
تصيب السليم فيمرض، والمجتهد فيرسب والقوي فيضعف، بسببها تقع الخصومات وحوادث السير ويفتقر الغني ويموت الصبي.. إنها بعض مما يمكن أن تسببه عين «القواسة» على بعض المغاربة، نظرات لها تأثير مدمر على كل من تصيبه، سببها أشخاص «قواسون» لهم مواصفات خاص وتاريخ من نشر الأذى بين الناس.
«خمسة وخميس في عين العديان»، «عين الحسود فيها عود» ، «شكيكو» « ما شافنيش بعين الرحمة» هذا جزء من قاموس يتداول يوميا كجزء من الرصيد اللغوي المغربي، يعبر عن حالة القلق والخوف التي يعيشها عدد من المغاربة الخائفين على ذواتهم وأبنائهم وممتلكاتهم من أعين «القواسة» التي لا تبقي ولاتذر، هذا الخوف يجعل المرء يتجنب باستمرار مخالطة «ذوي العيون السود» و»لحجبان لملاقيين» ويرفض الكشف عن أي جديد في وضعه المادي أو الاجتماعي.
مريضة بسبب العين
متعبة.. لا أستطيع الوقوف.. حرارتي مرتفعة.. الجميع يسأل عن السبب في كل مرة تظهر عليها هذه الأعراض تفسيرها واحد: جارتي «عَيْنَاتْني»، ابنتها سقطت من فوق السلالم وأصيبت بكسر في قدمها والسبب نفس الجارة «القواسة». تقول أسماء، وهي سيدة في منتصف العقد الثالث من عمرها وأم لطفلين، إنها سهلة الوقوع تحت تأثير «العين» فهي بعيد تعرضها لنظرات «عين شريرة» تسقط طريحة الفراش وتمرض لأيام رغم محاولاتها حماية نفسها وأبنائها من ضرر عين الحاسدين، «أسماء» تحرص على أن لا تتحدث عن نفسها وأبنائها أمام الناس وتعتبر كل من يريد الدخول في مناقشة مواضيع خاصة بها وبأبنائها «حسود» يريد إصابتها بالأذى.
«القواسة سَقْطُوني»
محمد في 21 من عمره يقول إنه كان تلميذا مميزا إلى حدود السنة الأولى باكلوريا، ويضيف «كنت مصدر افتخار والدي فأنا متفوق دائما ومجتهد وأحصل على درجات متميزة في نهاية كل عام دراسي»، كان جميع سكان الحي يلقبونه ب»المجتهد» وفي نهاية كل عام دراسي كانوا يرددون «محمد بلا مانسولوه راه هو الاول»، لكن ما حدث - يشرح محمد- منذ السنة الأولى باكلوريا أحسست بتراجع مستواي الدراسي وإهمالي لدروسي حتى أنني رسبت في امتحان الباكلوريا وبعد رسوبي غادرت مقاعد الدراسة، محمد يجزم بأن سبب تراجعه في التعليم هم «القواسة» ويؤكد «بقاو حاضييني حتى سقطت وخرجت من المدرسة»!
خالتي مريضة بالعين
تحكي لمياء ل»التجديد» قصة خالتها التي تؤمن بالعين كثيرا وتؤمن بتأثيرها عليها وعلى أبنائها وتشرح لمياء « إذا استقبلت خالتي ضيوفا في إحدى المناسبات كأن ينكسر كأس أو صحن أو التوى كاحلها، فإنها تقول «كنت أعرف أن هذا الأمر سيقع»»، وتضيف أن خالتها تعتقد بأنها فريسة سهلة للنظرات السيئة لكل المحيطين بها وبانها مستهدفة واولادها بعين «القاواسين» التي لا ترحم، وتفترض لمياء أن المعاناة التي عاشتها خالتها بعد وفاة زوجها وتكريسها حياة لتربية أبنائها الثلاثة ربما تكون السبب في اعتقادها بأذى «العين» إلى درجة الهوس. وتضيف لمياء أن « أولادها أيضا يؤمنون بنفس الشيء لدرجة أن أحد أولادها أنجب مؤخرا توأما ولم يخبر أحدا حتى والدته خوفا من أن تصيبهم العين»، الغريب، حسب لمياء، أنها عقب أي زيارة يقوم بها أحد لبيتها، تحدث لها أشياء من قبيل الخصام أو مرض أو ما شابه.
لهذا السبب ترفض لمياء أن تزور خالتها مرارا وتكرارا وتضيف «لست أنا وحدي بل العديد من أفراد العائلة يتجنبون زيارتها حتى لا يتهموا بالتسبب في أذاها، حتى إذا جددت منزلها أو اشترت أشياء جديدة فإن العائلة يتجنبون سؤالها عن الثمن أو تهنئتها لأن ذلك سيفسر بأن الجميع «يراقبها» و يتحين الفرص لإيقاع الأذى بها حتى أخواتها و المقربين منها».
نظرات قاتلة
ليلى تحكي ل»التجديد» قصتها مع العين وتقول إنها كانت في إحدى المرات لدى البقال وأحست بتسارع دقات قلبها وبأن شيئا حادا انغرس في ظهرها حتى كادت تختنق، واستمر الحال ثوان معدودة قبل أن تسترجع أنفاسها، عندما استدارت ليلى لمحت بواب العمارة ينظر ناحيتها، لكنه أشاح بنظره بمجرد ما استدارت، نفس القصة تكررت عندما كانت تتجه إلى منزلها أحست بنفس الحالة وكأن نفس الشخص ينظر إليها وتشرح ليلى أنها «تأكدت في المرة الثانية أن نظرات البواب غير بريئة، ومغرضة» خاصة وأن الجيران يتداولون فيما بينهم أن الرجل «عَيْنُه مَا مَزْيَانَاشْ».
العين تزيل النعم
«السعدية» في العقد الخامس من عمرها تقول إن العين الشريرة تزيل النعم وتسبب المرض وقد تصل إلى حد قتل الإنسان، وتحكي «السعدية» قصة ابنتها «حسناء» التي كانت في طفولتها جميلة وشعرها حريري وطويل وكثيف، كان الجميع يحسدها على شعرها الذي كان محط انتباه الجميع أينما حلت، لكن وبسبب «إحدى الجارات «القَوَاسَات» التي لا «تصلي على النبي» أصيبت ابنتي وهي في التاسعة من عمرها بمرض التُونْيَا « وأدى إلى تساقط شعرها، وأصبحت «حسناء» التي كانت محط إعجاب الجميع في الحي والمدرسة والعائلة موضع شفقتهم بعد أن أصبحت «صلعاء» ولم تجدي زيارات الأم للأطباء والعشابين والمشعوذين نفعا، وبسبب هذه الجارة -تقول السعدية- انطوت ابنتي على نفسها وأصبحت تحب العزلة والجلوس منفردة في إحدى غرف البيت، وهو ما رافقها إلى يومنا هذا وهي على مشارف نهاية العقد الثاني من عمرها وتضيف «ادعيتها لله من كانت السبب في هذه المصيبة التي غيرت مجرى حياة ابنتي».
عين الجهل
أينما حللت وجدت ل»ثقافة العين» سلطة، ثقافة لا تفرق بين الأمي والمثقف، ثقافة تجد لها مكانا حتى في عقول بعض الساسة، ثقافة تستند إلى فهم خاطئ للدين تارة وعلى «التجارب» تارة، وعلى الحكايات والأساطير أخرى. ثقافة تدمر في صمت بنى اجتماعية أساسية، تخرب الأسر والصداقات، والعلاقات الانسانية منها والتجارية.ثقافة تفسد فهم سنن الكون وأسباب العيش... ربما كانت «ثقافة العين» تحريفا لمكانة العين التواصلية بين بني البشر، بصفتها مركز التواصل بينهم، ومنبع معاني الحب والتقدير، بل ومعاني الخوف ومصدر تهديد... عضو يجمع مثل هذه القدرات والميزات لا يمكن أن يسلم من»عين الجهل»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.