الخط : إستمع للمقال == النقاش حول تجويد النظام الانتخابي لا يمكن أن يعفي الأحزاب من معضلة المعضلات، وهي توريط الديمقراطية المغربية في قضايا إجرام مالي وسياسي يقوم به من تقدمهم هذه الأحزاب ليمثلوها. == من الجميل والمفيد أن تُشيد الأحزاب قاطبةً بالخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، ولا سيما ما ورد فيه بخصوص الانتخابات، ذلك لأن خطابات الملك الصادقة والعميقة والصريحة تُعدُّ رسالة دائمة في الخطاب السياسي الحكيم والوطني، والبعيد عن الحسابات العابرة والضيقة.. ولكن الأجمل من الإشادة من لدن الأحزاب أغلبيةً ومعارضةً، هو التفاعل الإيجابي مع روحه ونصه، ومع العمل الهادف للوصول إلى أهدافه ومراميه، وأولها أن تطهر الأحزاب نفسها من المشبوهين والذين يسيئون إلى المؤسسات المغربية وإلى الممارسة السياسية برمتها! مسؤولية الأحزاب، ولا شك، وانطلاقًا من الدستور، هي أن تجتهد في تجويد النصوص القانونية والمساطر ومعايير إجراء الانتخابات، سواء التي ستجري في السنة القادمة أو التي بعدها. ومن مسؤولية الأحزاب كذلك أن تُبدع، وتقدم لوزارة الداخلية، المكلفة بأمر ملكي بإجراء المشاورات لبلورة أفضل منظومة انتخابية لمغرب التحديات الكبرى حاليًا ومستقبلاً. وهنا لا بد من القول إن الداخلية، في شخص وزيرها، لم تتأخر ولو دقيقة في تفعيل الأمر الملكي، بل اتصل الوزير ليلة الخطاب بالزعماء السياسيين للقيام بالواجب.. ويمكن القول إن الوزير جاء بخطاب رفيع بخصوص ما هو منتظر من الانتخابات التشريعية القادمة.ولا بد من القول إنه يبقى مطالبًا، ولا شك، بأن يطهر الوزارة ممن قد يسيئون إليها إذا ثبتت أفعالهم، كما هو الحال مع الكاتب العام السابق لولاية فاسمكناس ومع غيره ممن تطاردهم الشبهات... ولكن الذي يُسجَّل في هذه الساعة، هو أن النقاش لا يمكن أن يعفي الأحزاب من معضلة المعضلات، وهي توريط الديمقراطية المغربية في قضايا إجرام مالي وسياسي يقوم به من تقدمهم هذه الأحزاب ليمثلوها. فالمسؤولية مسؤوليتها في ترشيح المشبوهين والذين لا سلطة لها عليهم، والذين لا تشترط في ترشيحهم سوى قدرتهم المالية، بالرغم من الشبهات التي تدور حولهم. يكفي أن ينظر المتتبع إلى السجون المغربية وعدد النواب البرلمانيين الذين يقبعون وراء القضبان لكي يعرف حجم المسؤولية الرهيبة الملقاة على الأحزاب ومسؤوليتها الثابتة في جريمة تشويه المغرب ومؤسساته، وحرمان البلاد من الطاقات النظيفة والأطر التي تخدم البلاد بنزاهة وتجرد.. لا يفهم المواطن كيف يثق في خطاب الأحزاب ودعوتها المتكررة وتنويهها بالعمل على تعزيز الشفافية من خلال إعداد النظام الانتخابي. ولا يفهم كذلك لغة الخشب الانتخابي عن توفير منظومة انتخابية محكمة، ولا الكلام العمومي بخصوص تحفيز المشاورات السياسية بين جميع الفاعلين، إذا كانت الأحزاب في النهاية ستستعمل هذه المنظومة الجيدة والرفيعة والشفافة لفائدة مرشحيها..... الفاسدين! لقد شاهدنا أحزابًا ترمي بمناضليها وأطرها إلى «الشارع السياسي» لحساب مرشحين نزلوا بالمظلات، لا كفاءة لديهم، ولا وعيًا سياسيًا، ولا علاقة لهم بتاريخ وأفكار الحزب، ... سوى المال الذي سيوزع في الانتخابات لإفسادها وإفساد الناخبين وتشويه المؤسسات وضرب مصداقيتها! الفظيع في كل هذا، هو أن المتتبعين للشأن السياسي يصابون بالذهول عندما يعلمون بأن المرشح دفع لهذا القيادي أو ذاك، ولهذا الزعيم أو ذاك كذا مليون، وأنه وزع كذا مليون مضروبة في عشرة! .. بما يُذهل المرضعة عن رضيعها.. ويتساءل مع نفسه وأهله ودربه وحيه ومدينته: هل كل هذه الأموال من أجل عيون ديمقراطيتنا وانتخاباتنا؟ طبعًا إن الناخب يجيب على هذا السؤال: إن المرشح سيجني ما صرفه بطرق مغشوشة ومشبوهة وفاسدة عندما يفوز ويصير في موقع التشريع أو في موقع القرار في الجماعات الترابية.. ومن هنا العدد غير المسبوق من النواب والرؤساء المعتقلين في السجون المغربية، والذين صاروا مادة دسمة للصحافة الوطنية والدولية معًا... وهذا ما لا يمكن أن تهرب منه الأحزاب اليوم وغدًا... وسيظل الرأي العام بالمرصاد.. الوسوم الانتخابات البرلمان الفساد الانتخابي المغرب النزاهة