أخنوش: الحكومة تحملت مسؤوليتها التاريخية بجرأة سياسية لطي ملف المتعاقدين بشكل نهائي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    الكرة الذهبية 2025 .. نجوم العالم يتأهبون لمعركتهم في قلب باريس شتنبر المقبل    الفريق الاشتراكي: الحكومة في حالة إنكار جماعي والواقع التعليمي مقلق وهناك تراجع الثقة في المدرسة العمومية    تأجيل استنطاق لخصم في ملف تبديد المال العام    أخنوش: لا نسعى لتكريس النخبوية ونراهن على "مدارس الريادة" لضمان الجودة والعدالة التربوية    قيادات: جهة بني ملال "قلعة بامية"    « "Shining Fès" : و"Rising Ouarzazate": انطلاقة جديدة للسياحة المغربية»    هذه هي المعايير المعتمدة من قبل الداخلية لانتقاء الشباب للخدمة العسكرية    بوريطة يستقبل مسؤولا ببرلمان غانا    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: دبلوماسيون يشيدون بالمقاربة الاستباقية للمغرب في تعزيز الأمن الداخلي    القطار فائق السرعة يتحول إلى سلحفاة بسبب عطب تقني ناتج عن قطع الألياف البصرية    حموشي يستقبل أرامل وآباء موظفي شرطة ممن وافتهم المنية خلال أداء الواجب المهني    البراق يتوقف عن العمل و المكتب الوطني للسكك الحديدية يكشف السبب    البرلمان المغربي يحتضن الدورة ال83 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    النصيري يسجل هدفا في فوز فنربخشة أمام أيوب سبور (2-1)    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    النيابة العامة تطالب بحضور الشهود في ملف "قتل الشاب بدر" بالبيضاء    حريق يشبّ بمستودع قرب المحمدية    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    ستيفان عزيز كي يعزز صفوف الوداد    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    بين الراب والإحساس.. "لواليدة" تكشف جانبًا جديدًا من أسلوب مصطفى قادري    ب130 مليار درهم.. "طاقة المغرب" تعلن عن شراكة استثمارية كبرى في الطاقة والمياه    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    خبراء وإعلاميون وباحثون وأكاديميون يناقشون" مسؤولية الإعلام في صيانة التراث الثقافي والطبيعي الوطني"، في ندوة احتضنها بيت الصحافة بطنجة    "درونات" الأمن الوطني.. استشراف ميداني للتهديدات الأمنية المعقدة    تشخيص جو بايدن بنوع "شرس" من سرطان البروستاتا وانتشار المرض إلى عظامه    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مشاركة مكثفة في "خطوات النصر النسائية" ببن جرير    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    عصبة كرة القدم تطلب من إدارة أمل تيزنيت تقديم ملف الترشيح للمشاركة في القسم الثاني للنخبة    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    22 قتيلاً في غارات إسرائيلية على غزة    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    أنشيلوتي: مودريتش سيقرر مصيره بهدوء.. وهذه نصيحتي لثلاثي المستقبل    مباريات السد.. السوالم يواجه أولمبيك الدشيرة والحسنية تلاقي رجاء بني ملال    العلاقات المغربية السورية: بين مدّ قومي وجزر سياسي    سفارة الصين بالمغرب: فيديو الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدافع عن الصين بالأمم المتحدة حصد أكثر من 100 ألف إعجاب خلال يومين فقط على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية    المغرب ‬يسعى ‬إلى زيادة ‬صادراته من ‬السيارات ‬نحو ‬مصر    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وتهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية    تأخيرات وإلغاءات.. الخطوط الملكية المغربية تحذر مسافريها من وإلى باريس أورلي    العيش البيئي واقتصاد الكارثة    الرباط تستضيف أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    إيران ترفض اتهامات تجسس بريطانية    .    ارتفاع حركة المسافرين بمطار الحسيمة بنسبة 19% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رائحة الموت
نشر في أخبارنا يوم 07 - 08 - 2012

الموت مثل طفل، يولد ويرضع ويحبو ويقف ويتمشى، ثم يصبح طفلا ومراهقا فشابا، ثم يهرم ويشيخ، وفي النهاية يموت. الموت يشبهنا كثيرا.
في طفولتنا، كنا نرى الموت وكأنه واحد منا، أي أنه لن يموت قريبا، لذلك تعاملنا معه بود قريب من الاستمتاع.
وُلدنا في حي تمر منه كل جنائز المدينة تقريبا. الجنازات الراجلة التي يحمل فيها المشيعون أمواتهم على أكتافهم تمر من وسط حيِّنا، والجنازات السائرة، التي يتمدد فيها الميت داخل تابوت على متن سيارة، كانت تمر من حينا أيضا. كانت تلك فرصتنا لنلتقط بعض الحياة من قلب الموت، لذلك أحببنا كثيرا قطعة الخبز وبعض حبات التين المجفف التي يتصدق بها أهل الميت.
في مدرستنا الابتدائية، الموجودة على مرمى حجر من أكبر مقبرة في المدينة، كان المعلمون غالبا ما يتوقفون عن إلقاء الدرس حين تمر جنازة ويعلو هدير المشيعين بتلك العبارات التي حفظناها حتى قبل أن نحفظ دروسنا. كنا نعتبر مرور الجنازات من أمام مدرستنا متعة أخرى لأن المعلم يتوقف عن ثرثرته ويمنحنا بعض الوقت لنلتقط فيه بعض أنفاسنا. وفي مرات كثيرة، كان المعلم يجد الجنازة سببا لكي يوقف الدرس نهائيا وينتظر ساعة الخروج. كان الموت يجنّبنا غم الدروس وينجينا من دكتاتورية معلمين لا يتورعون عن التنكيل بالتلاميذ المتهاونين بأبشع الطرق الممكنة. في مرات أخرى، كنا نقفز من ساحة المدرسة ونهرول خلف التابوت لنملأ محافظنا بالخبز الأبيض الطري وحبات التين المجفف. كانت لذيذة جدا إلى درجة لم نصدق معها أن الموت يمكن أن يكون رائعا إلى هذا الحد.
في طفولتنا، كان الموت لا يعنينا لأن الآخرين هم فقط من يموتون. غادرَنا كثيرون من كبار السن، وكنا نسمع عن موتهم وكأنهم ذاهبون في رحلة سفر قصيرة. أحيانا، كان الموت يحصد ست أو سبع أرواح في أسبوع، لكننا لم نخف من هذا الزائر الثقيل لأننا كنا نظن أن الذين يموتون لا ينتمون أصلا إلى عالمنا.
تعلمنا أن الموت والحياة سيان، لذلك جمعنا دراهم معتبرة من بيع الماء لأهالي الموتي، كنا نُحضره من النهر المجاور للمقبرة، وبعدها نجري مباشرة نحو «بابْ طْياطْرو»، ونبقى زبناء مداومين لسينما «كابيتول» وألكاثار». هكذا جعلنا الموت نكتشف مبكرا فن الفرجة الذي بدأناه مع أفلام الكاراطي الرديئة، ثم مررنا عبر أفلام الكوبوي.. وصولا إلى الأفلام البوليسية والخيال العلمي. كنا ممتنين لهؤلاء الموتى الذين «يشترون» التذاكر لأطفال حي بكامله للاستمتاع بفن السينما.
فوق المقابر، كانت تنبت الكثير من الورود التي، ولسبب ما، تبدو يانعة وصلبة وكأنها استمدت من عظام الموتى النخرة رونق العود وبهاء الألوان. خلال أعياد رأس السنة أو ما تبقى من الربيع، كنا نقطفها، قبرا قبرا، ونبيعها لنصارى حيّنا، دارا دارا. النصارى لم يكونوا يسألون من أين أتينا بها، وكانوا يشمونها باستمتاع لأن رائحتها قوية وزكية.. لم يكونوا يعرفون أن رائحة الموت يمكن أن تكون جميلة إلى هذا الحد.
اليوم، لم أعد أرى لتلك الورود أثرا. لا مكان إلا للشوك والأعشاب اليابسة وورود باهتة وصغيرة. أسأل نفسي أحيانا: هل أموات ذلك الزمن كانوا أفضل وأكرم من أموات هذا الزمن؟ ربما...
في طفولتنا، كانت ألفتنا مع الموت غريبة إلى درجة أننا كثيرا ما اشتهينا قبورا كنا نعتقد أن أصحابها ينعمون براحة أكبر. لم نكن نعرفهم أو نعرف أعمالهم، لكننا كنا نعتقد ذلك لمجرد أننا كنا نرى قبورهم تحت ظل شجرة خضراء يانعة.
اليوم، أضحى الموت مختلفا وطعمه لم تعد له علاقة برائحة الورد. الأحبة والأصدقاء يرحلون تباعا، ومذاق قطعة الخبز مع حبة التين اليابس أمسى مرا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.