جمهورية الإكوادور تفتتح سفارتها في الرباط    "حماس" تردّ إيجابيًا على مقترح الوسطاء    مونديال الأندية .. مغامرة الهلال السعودي تنتهي أمام فلوميننسي البرازيلي    تقييم جديد يكشف القيمة الصافية للرجاء    أسعار الذهب تحقق مكاسب أسبوعية    لقجع يفتح ذراعي المغرب للجزائر: "أنتم في بلدكم الثاني خلال كان 2025"    وزارة التربية تكشف عن جدول العطل المدرسية للموسم الدراسي المقبل    قناديل البحر تغزو شواطئ الناظور والدريوش: المصطافون بين الحذر والانتظار    المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي .. عمر هلال: المغرب تموقع مبكرا ضمن الفاعلين المؤثرين في الدينامية الدولية لحكامة الذكاء الاصطناعي    الناخب الوطني: كأس أمم إفريقيا للسيدات المقام بالمغرب رهان كبير جدا لكننا متحمسون لتحقيق إنجاز جيد    تشكيلة الهلال السعودي أمام فلومينينسي البرازيلي تعرف غياب حمد الله        بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على أداء إيجابي    حركة تعيين داخل وزارة الخارجية تشمل أزيد من ثلث القناصلة ضمنهم، 45 %نساء    مجلس النواب يساءل رئيس الحكومة الإثنين المقبل    بوعياش تدعو بجنيف إلى تعزيز التعاون بين مؤسسات حقوق الإنسان وآليات التتبع والتنفيذ    تقرير أممي يتوقع ارتفاع إنتاج الحبوب العالمي إلى 2.9 مليار طن        توقعات أحوال الطقس غدا السبت    مصرع طفل دهسته سيارة بضواحي الحسيمة    أولاد تايمة.. توقيف مروج للمفرقعات والشهب النارية المهربة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصوت ضد مشروع دمج CNOPS في CNSS وتنتقد "تهميش الحوار الاجتماعي"    آلاف المغاربة يتضامنون مع غزة ضد التجويع والتهجير الإسرائيلي    السغروشني تستقبل وفدا من "CAITA"    "حماة المال العام" يرفضون ترهيب المبلغين عن جرائم الفساد ويطالبون القضاء بالحزم مع المفسدين    فيلدا: المنتخب النسوي تطوّر كثيرا ويمكنه الذهاب بعيدا في الكان        الصين والاتحاد الأوروبي يعقدان الجولة الثالثة عشرة من الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية :أبوالقاسم الزياني، كاتب الدولتين ومؤرخ الحضرتين.    مسرح رياض السلطان يكشف برنامجه لشهر يوليوز أمسيات فنية مفعمة بالجمال والإبداع    قائمة الفائزين في "تصور مدينتك"    شبهات فساد وإخلاف للوعود ومغالطات.. "البيجيدي" ينتقد اختلالات ورش الحماية الاجتماعية    الحرارة القاتلة: دعوات عاجلة لحماية عمال البناء والزراعة بالمغرب    بعد تألقها في موازين.. المغربية فريال زياري تستعد لتصوير عمل فني جديد    إيران وإسرائيل وجهان لعملة واحدة        طوطو وصناعة المعنى على منصة موازين    الجديدة : ديوان شعري نسائي جديد "لآلئ على بريق التجلي"    حملة تحسيسية تحذر سكان سوس ماسة من السباحة في السدود    البحرية الملكية تشارك في تمرين عسكري لمواجهة التهديدات البحرية والهجرة غير النظامية (صور)    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    بنك المغرب: ارتفاع الإنتاج والمبيعات الصناعية في ماي.. وتراجع في قطاع النسيج والجلد    إحصائيات مذهلة وأداء استثنائي.. حكيمي يفرض نفسه في سباق الكرة الذهبية    والد البلايلي: يوسف لم يرتكب أي جريمة وما تعرض له غير مقبول تماما    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    بوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينيا في غزة خلال شهر    أمسية تحتفي بالموسيقى في البيضاء    تحركات احتجاجية تعلن الاستياء في أكبر مستشفيات مدينة الدار البيضاء    توقيف شخص متورط في تخريب ممتلكات عمومية بمنطقة اكزناية بعد نشر فيديو يوثّق الحادث    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3 أسباب تدفع واشنطن إلى الرهان على علاقات استراتيجية مع المغرب
نشر في العمق المغربي يوم 17 - 01 - 2018

سارع السفير الأمريكي بالمغرب، السيد داويت بوش، مباشرة بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة الأمريكية يوم الأربعاء 9 نونبر، إلى إرسال إشارات طمأنة للدولة المغربية، حيث أكد، أن العلاقات بين بلاده و المغرب ستبقى قوية بغض النظر عن نتائج الانتخابات الأمريكية.
صحيح أن علاقات الرباط و واشنطن لم تعطي الانطباع بتحالف قوي في عهد الديمقراطي أوباما، حيث خفت البعد الإستراتيجي و طغى تباين وجهات الطرفين بخصوص مجال حقوق الإنسان و نزاع الصحراء المغربية.
ورغم القرارات الأخيرة للإدارة الأمريكية الجديدة في عهد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، وحال الضبابية التي ما زالت تبصم العلاقة بين البيت الأبيض و المملكة المغربية.
إلا أنني أستطيع القول، أن هناك 3 أسباب رئيسية تدفع صانع القرار بالبيت الأبيض إلى التسليم بحتمية الحفاظ على علاقات مغربية أمريكية قوية و إستراتيجية :
– 1 – التفوق المغربي الإستخباراتي و الأمني على الصعيد الدولي
جاء التقرير الأخير لوزارة الخارجية الأمريكية الصادر في شهر يوليو الماضي، سنة 2017 ، معبرا بجلاء عن تثمين الإدارة الأمريكية الحالية لجهود المغرب و دوره الفاعل في مكافحة الإرهاب، حيث أكد أن المملكة شريك للولايات المتحدة، يتميز باستقراره في شمال إفريقيا، و يعمل على استفادة الدول الصديقة من خبرته و تجربته في المجال الأمني.
وأبرز التقرير أن المملكة المغربية جعلت مكافحة الإرهاب على رأس أولوياتها، أظهرت على أرض الواقع قدرتها على مواجهة التهديد الإرهابي، حيث نجحت في تفكيك العديد من المجموعات الإرهابية المرتبطة بالشبكات الدولية لتنظيم داعش و القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي و جبهة النصرة.
وشكل الاجتماع الوزاري الثامن للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي انعقد على هامش أشغال الجولة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، مناسبة لتأكيد التعاون الوطيد القائم بين واشنطن و الرباط في مجال مكافحة الإرهاب، حيث صادق هذا الاجتماع على إطلاق مبادرة بشأن معاملة المتطرفين العنيفين المحليين بقيادة البلدين.
وتميز هذا الاجتماع بإعادة انتخاب كل من المغرب و هولندا لرئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب برسم ولاية جديدة من سنتين، و هو ما يمثل شهادة بليغة على الثقة التي يضعها المجتمع الدولي في المقاربة المغربية لمكافحة الإرهاب و مساهمته القيمة و الحاسمة في هذا المجال.
هذا التفوق يجعل من المغرب شريكا استراتيجيا استثنائيا، لأبرز الفاعلين على الساحة السياسية الدولية، و على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
-2 – بروز المغرب كقوة اقتصادية رائدة و مؤثرة على الصعيد الإفريقي
بفضل الدبلوماسية الاقتصادية الحكيمة التي أنتهجها المغرب اتجاه إفريقيا في السنوات الأخيرة و التي قادها جلالة الملك محمد السادس بعبقرية فذة وحنكة عالية ، أضحى المغرب اليوم فاعلا اقتصاديا رائدا على المستوى الإفريقي. حيث أبرم المغرب أزيد من 590 اتفاقية بينه وبين العديد من البلدان الإفريقية، منتهجا إستراتيجية اقتصادية يمكن وصفها ب "دبلوماسية العقود"، بنجاعة عالية.
كما عرفت المبادلات التجارية بين المغرب و البلدان الإفريقية تطورا ملحوظا، إذ ارتفعت بمعدل سنوي وصل إلى 13% في المتوسط لينتقل حجم المبادلات خلال 2015 إلى أزيد من 36 مليار درهم، ما يمثل 6,4% من الحجم الإجمالي للمبادلات التجارية للمغرب من الخارج، في حين لم تكن هذه النسبة تتجاوز 4,6% قبل عشر سنوات.
كما عرفت الاستثمارات المغربية في إفريقيا، خاصة في بلدان جنوب الصحراء نموا مهما. حيث تمثل الاستثمارات المغربية في هذه المنطقة 88 % من إجمالي الاستثمارات المغربية بإفريقيا، و حوالي 54,3% من إجمالي الاستثمارات المغربية بالخارج. و وصلت تدفقات الاستثمارات المغربية نحو إفريقيا إلى مليار و 637 مليون درهم، و أصبح المغرب، بفعل استثماراته بإفريقيا خلال السنوات الأخيرة، يشكل المستثمر الثاني بإفريقيا و الأول بدول إفريقيا الغربية.
وعندما نتحدث عن إفريقيا، فإننا نتحدث عن قارة ضخمة بكل المقاييس، بجغرافيتها المترامية الأطراف، بساكنتها المتنوعة الأعراف و اللغات. بمناجمها و ثرواتها الطبيعية الهائلة، بموقعها الجيواستراتيجي الذي يجعل منها معبرا لتيارات السلع و الرساميل و الخدمات، و بسوقها الداخلي الذي تقدره المعطيات الإحصائية بأكثر من ملياري نسمة في أفق العام 2050.
هذه الخصائص الاستثنائية للقارة الإفريقية تشكل جاذبية مغرية للدول الكبرى، و تدفع إلى تسابق دولي كبير إليها، من أجل ضمان موطئ قدم بنقط تمركز هذه الثروات، و فتح الطريق أمام الشركات التجارية الكبرى لتحصيل حصص معتبرة بسوق داخلي يتزايد بوثيرة متسارعة، نتيجة التمدن الكثيف الذي تعرفه القارة، و انبعاث طبقات متوسطة متناهية قلبا و قالبا مع نموذج الاستهلاك الغربي.
هذا ما دفع المغرب إلى إنشاء محطة " الدار البيضاء فينانس سيتي"، والتي من مهامها استقطاب الاستثمارات العالمية، و تزويدها بالبنية التحتية و بالمعطيات التي تمكنها من تعظيم أرباحها بإفريقيا.
والمغرب هنا يوظف موقعه الجيواستراتيجي المتميز ليكون نقطة عبور الاستثمارات الأوروبية والأمريكية و الخليجية، المتطلعة لتمويل مشاريع استثمارية بقارة إفريقية.
وهكذا أضحى المغرب، بوابة الاستثمار في إفريقيا، تتطلع الدول الكبرى و الصاعدة في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، لخلق علاقات جيدة معه، لضمان موطئ قدم لشركاته داخل السوق الإفريقية.
-3 – الموقع الجيواستراتيجي للمغرب:
صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، كغيرها من الدول العظمى. يدركون جيدا أن المغرب يتميز بموقع استراتيجي بالغ الأهمية، يتموقع من خلاله و بشكل حتمي في قلب التحولات الجيوإستراتيجية القائمة على الصعيد الدولي. حيث تتواجد المملكة المغربية على أبواب جنوب أرويا، 142 كيلومتر فقط تفصله عن أرويا. بالتالي فهو يهيمن على واحد من أهم الممرات المائية العالمية "مضيق جبل طارق"، و الذي يشكل ممرا أطلسيا هاما نحو حوض المتوسط، و كذا ممرا مائيا استراتيجيا بالنسبة لأروبا و الولايات المتحدة الأمريكية.
كما يشكل المدخل الشمالي لإفريقيا، القارة الخام أو قارة المستقبل، و هو أيضا مدخلا غربيا للعالم العربي و الإسلامي، و تطلق عليه الإدارة الأمريكية اسم (منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ). كما أنه على مشارف بلاد الساحل و الصحراء الكبرى، هذه المنطقة تشهد اضطرابا متناميا قابلا للانفجار، نتيجة تعاظم نشاط الجماعات الإرهابية و الجريمة المنظمة كمافيا المخدرات عبر القارية.
إذن، التموضع الجغرافي الإستراتيجي للمغرب، يهيئه ليكون لاعبا بالغ الأهمية في الترتيبات الجيواستراتيجية القائمة، في أفق بناء النظام العالمي الجديد، على أنقاض النظام العالمي الوحيد القطبية الذي يهيمن على العالم منذ انهيار حلف وارسو.
"نظام عالمي متعدد الأقطاب" محوره وسط المحيط الهادي، "بين شرق آسيا و أمريكا"، عوض المحور الأطلسي "بين أمريكا و أرويا". بناء النظام العالمي "متعدد الأقطاب" سيرتكز على قوى عالمية كبرى، في مقدمتها ( أمريكا، الصين، روسيا )، بالإضافة إلى قوى جهوية و إقليمية .
وهنا أستحضر قولا شجاعا لجلالة الملك محمد السادس: "المغرب ليس حديقة خلفية لأحد". و هو ما يلخص السياسية الخارجية الذكية التي ينهجها المغرب في السنوات الأخيرة، سياسة مبنية على الانفتاح بشكل متوازن على كل القوى الدولية و الجهوية و الإقليمية.
وتبقى "مصلحة المملكة المغربية، في قلب أي معادلة دولية مستقبلية"
يوسف القياس / باحث في العلاقات الدولية جامعة Clermont ferrand


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.