في مداخلة أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة .. عمر هلال: بعد 50 عاما على استرجاعها، الصحراء المغربية أضحت واحة سلام وقطبا للاندماج الإفريقي والتنمية المشتركة    إعلان مالابو لبرلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا .. مبادرة الحكم الذاتي هي الحل الوحيد والأوحد لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية    محمد وهبي: سنواجه الأرجنتين بنفس الحماس لانتزاع كأس العالم    جيل جديد يواصل الثورة المغربية في كرة القدم العالمية    بوريطة ولافروف يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وروسيا    قمة "إفريقيا الزرقاء": إعلان طنجة يدعو إلى إحداث منصة إفريقية-أوربية للابتكار والتمويل    مرصد التربية الدامجة ينتقد "مغالطات وتناقضات" وزير التعليم حول تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة    توقيف متورط في سرقة مفضية للموت    تهم اقليم الحسيمة ومناطق اخرى .. نشرة انذارية تحذر من امطار رعدية قوية    محمد سلطانة يتألق في إخراج مسرحية والو دي رخاوي    عاصمة البوغاز على موعد مع الدورة أل 25 من المهرجان الوطني للفيلم    أبناء الرماد    لوكورنو ينجو من تصويت بحجب الثقة    قطاع غزة يتسلم جثامين من إسرائيل    مؤشر ثقة الأسر يتحسن في المغرب    "جنان الجامع" يحترق في تارودانت    بعد غلاء غير مسبوق .. مؤشرات إيجابية تسجل في أسعار زيت الزيتون    منتخب U20 يخرج المغاربة للاحتفال    سفارة باريس بالرباط تهنئ المغاربة    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    إسطنبول… حجيرة يؤكد انخراط المملكة في شراكة هيكلية بين إفريقيا وتركيا تقوم على التضامن والتنمية المشتركة    كأس السوبر الإفريقي.. نهضة بركان يحدوها الطموح في التتويج بالكأس وتحقيق "ثلاثية تاريخية" (لاعب الفريق حمزة الموساوي)    توقعات بإنتاج 310 آلاف طن من التفاح بجهة درعة-تافيلالت خلال 2025    "الزمن المنفلت: محاولة القبض على الجمال في عالم متحوّل"    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    إجراءات ‬جديدة ‬لتسهيل ‬دخول ‬المغاربة ‬إلى ‬مصر ‬دون ‬تأشيرة    الرباط تحتفي بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتجدد المطالب بإسقاط التطبيع    نقابيو وكالة التنمية الاجتماعية يستنكرون تعطيل الحوار وتهميش المؤسسة    رفع التصنيف السيادي للمغرب محطة مفصلية للاقتصاد الوطني    مجموعة "سافران" الفرنسية تثمن بيئة الاستثمار في المغرب وتوسع أنشطتها بالنواصر    نتانياهو: "المعركة لم تنته" في غزة والمنطقة    الأمم المتحدة.. المغرب يجدد تأكيد دعمه "الثابت والدائم" لسيادة الإمارات العربية المتحدة على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى    في ‬تقرير ‬رسمي ‬للمندوبية ‬السامية ‬للتخطيط    كيوسك الخميس | أزيد من 36 ألف شاب مستفيد من دعم السكن    إنجاز غير مسبوق للمغرب بعد تجاوزه فرنسا في نصف النهائي    زلزال بقوة 6,6 درجات يضرب إندونيسيا    هلال أمام الأمم المتحدة: بعد 50 عاما على استرجاعها، الصحراء المغربية أضحت واحة سلام وقطبا للاندماج الإفريقي والتنمية المشتركة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم    في ‬أضواء ‬الخطاب ‬الملكي:‬ مواكبة ‬التوجه ‬الاستراتيجي‮ ‬ ‬للمغرب ‬الصاعد    عمال شركة أوزون بالفقيه بن صالح يعلنون عن وقفة احتجاجية بسبب تأخر الأجور    "إيزي جيت" تراهن على المغرب بإفتتاح أول قاعدة لها في إفريقيا بمطار مراكش عام 2026    "الأشبال" أمام الأرجنتين بنهائي المونديال    كنز منسي للأدب المغربي.. المريني تكشف ديوانا مجهولا للمؤرخ الناصري    ريتشارد ديوك بوكان.. رجل ترامب في الرباط بين مكافأة الولاء وتحديات الدبلوماسية    تركي آل الشيخ يهنئ الملك محمد السادس والشعب المغربي بتأهل أشبال الأطلس إلى نهائي كأس العالم    قصص عالمية في مهرجان الدوحة    الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..    هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخا بديلا عن الإنسان ؟    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساجدنا، ملاحظات أولية
نشر في العمق المغربي يوم 02 - 10 - 2018

«… وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ طَهُوراً وَمَسْجِداً…» من حديث رسول الله عليه السلام حسب ما هو مدون في كتب الحديث.
«من بنى مسجداً لله بنى الله له بيتا في الجنة» حديث رسول الله عليه السلام حسب ما ورد في الصحاح.
ماذا لو قرآ هاذان الحديثان وفهما في إطار ما يسمى بمقاصد الشريعة (استحضار المصلحة) ماذا لو قرآ في إطار القراءة التأويلية لا الظاهرية للنصوص مع استحضار المصلحة العامة ؟ ماذا لو التجأنا إلى القياس كآلية فقهية فعلت بشكل مكثف مع الفقيه الكبير الإمام الشافعي ؟.
إن الحديث عن الاجتهاد أو الإصلاح أو التجديد في الدين لا يشمل فقط الجانب النظري الفكري -كما نلاحظ أن جل الكتابات راحت في هذا المنحى-بل أيضا -وهذا لا يقل أهمية عن البناء النظري –الجانب العملي الذي يحتوي الممارسات والسلوكيات اليومية للأفراد.
نعم إن الحديث عن وضعية وحالة المساجد في راهننا لا يستقيم بدون الحديث عن الوضع العام للمسلمين وكذلك عن الكلام في السياسة الدينية بل السياسة العامة للدول الوطنية الحديثة. إذن باختصار لا بد من رؤيا ومشروع إصلاحي عام، شامل ومتكامل. لكن هذا لا يمنعنا من إبداء بعض الملاحظات الأولية وإن في عجالة.
في مسألة المنهج
-أولا: المطلوب ممن أراد الخوض في هذا الموضوع، أن يخوض بموضوعية بعيدا عن أي حزازات أو تشنج أو تصنيف أو تخوين أو تكفير أو سب وشتم أو الخوض في أعراض الناس وأمورهم الشخصية مهما كان لصاحب الرأي أو الاقتراح من رأي مخالف. ولنسترشد بقوله تعالى في كتابه الكريم سورة فصلت: «… (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) …»
-ثانيا: بصريح العبارة، ليس المطلوب من صاحب الرأي: حتى يكون فقيها أو عالما أو متضلعا في أمور الدين كي يبدي برأيه وملاحظاته واقتراحاته، فما دام ينتمي إلى مجتمع إسلامي وإلى الثقافة الإسلامية فالأمر يعنيه كمواطن بالدرجة الأولى.
– ثالثا الأمر يتطلب مساهمة الكل من السياسي إلى العالم الديني إلى المهندس المعماري إلى التاجر، لأن المسألة حضارية: اجتماعية، سياسية، اقتصادية وليست دينية فقط، لذا فالمرجو والمطلوب مساهمة الجميع دون إقصاء لطرف ما تحت أي مبرر.
المساجد عبر التاريخ الإسلامي (باختصار شديد)
كانت للمساجد وظائف عديدة عبر التاريخ الإسلامي: تعبدي (الصلوات الخمس، صلاة التراويح في رمضان، صلاة الأعياد …). سياسي: مشاورات، مؤتمرات وقرارات تهم مصير الأمة. دور تثقيفي تعليمي وتكويني في أمور الدين والدنيا. دور اجتماعي: تآزر وخلق علاقات اجتماعية وأخوية، مساعدات مادية بل حتى كانت توظيف كأمكنة لإيواء بعض المحتاجين وعابري السبيل.
ماذا تبقى للمساجد حاليا من وظائف ؟
بعد أن كانت المساجد فيما مضى مفتوحة وتشتغل ليل نهار، لم تعد اليوم كذلك إذ لا تفتح أبوابها إلا في أوقات الصلاة أو في لحظات جد محدودة من أجل إعطاء بعض الدروس الدينية التي تخضع لمراقبة شديدة، أو في بعض حالات كمراكز لمحاربة الأمية، لا غير.
إن دور المساجد الذي كان يغطي جميع المجالات، تقلص لاعتبارات عديدة منها ما هو مرتبط بالتحولات التي عرفتها المجتمعات الإسلامية إذ أصبحت للسياسة مؤسساتها الخاصة كذلك للمجال الاجتماعي والخيري وأصبح للتعليم مؤسساته المتعددة تقليدية وحديثة. كما أن الميدان الديني أصبح هو الآخر في قبضة الدولة الوطنية الحديثة مما جعلها تراقبه وتتحكم في تفاصيله، فحتى المساجد أصبحت تحت وصايتها الشاملة، فبعيدا عن الصلاة، لا أنشطة تمارس خارج علم السلطة ومراقبتها والأئمة نفسهم إن تحدثوا داخل المساجد بما يتنافى والتوجه الديني للدولة يتم إنذارهم أو حتى توقيفهم وطردهم.
هذا الوضع الحالي للمساجد، أي تقلص وظائفها نظرا للتطورات الحديثة ومتطلبات العصر، جعلها لم تعد بالأهمية التي كانت عليها في الماضي. نحن لا نقول لا أهمية لها بل فقط قلصت وظائفها ومهامها لصالح مؤسسات عصرية وهذا لا ينقص ولا يقلل من مكانتها وقيمتها الدينية والمجتمعية كأمكنة للعبادة.
الملاحظ في ظل واقع متخلف مطبوع بسياسات عرجاء تتسم بالاستبداد والارتجالية وسوء التسيير والتدبير ومع استفحال الفساد الذي مس الضرع والزرع، في هذا الوضع العام، المجال الديني هو نفسه أخذ نصيبه من الفساد والارتجالية وسوء التدبير، دون أن نتحدث عن الركود وانسداد الأفق الذي أصاب الفقه الإسلامي في شموليته في راهننا وانزلاق جله إلى نقاشات فيما هو شكلي تافه مع استبعاد ما هو جوهري في هذا الدين.
الوضع المادي الحالي لمساجدنا
لن نكون موضوعيين وسوف نجانب الصواب إن قلنا إن الحالة المادية لجميع مساجد المملكة متساوية، فكما هناك تفاوت وطبقية في كل شيء فمساجدنا هي الأخرى لا تستثنى من هذه القاعدة العامة. فكما نلاحظ مساجد أنفقت عليها مئات الملايين من الدراهم في بنائها، وتجهيزاتها تضاهي تجهيزات الأبناك والفيلات الفخمة من حيث الجودة والثمن:( رخام، زليج بلدي، جبص منقوش، خشب منقوش، أليمنيوم من النوع الرفيع، ثريات باهظة الثمن، صباغة جميلة وأفرشة من النوع الثمين تغير كل مرة، فضاء وباحة شاسعة، أئمة نجوم منتقون ومختارون حسب الشروط. فكذلك هناك مساجد تنعم في صمت في بؤس شديد: بناء لم يكتمل الا بعد سنين وربما مشوه، موقع هامشي قد يكون في سفح مرتفع ما، لا باحة بل ربما الالتصاق ببيوت الجيران وفي حالات كثير جنب الدكاكين والمحلات التجارية هكذا وأنت تصلي تسمع الضجيج والخصومات والكلام النابي أو صداع الآلات، وجنب المسجد أوساخ وأزبال وعربات لبائعي الخضر وبعض الأشرطة والكتب الدينية و بعض الملابس، داخل المسجد تصادف تجهيزات بسيطة جدا لا تفي بالحد الأدنى من الراحة لقاصد بيت الله، قد تبللك قطرات من ماء المطر أو تستقبلك عند السجود حصائر أو زرابي متهالكة ومتشبعة بالغبار، أماكن الطهارة والنظافة في حاجة الى نظافة وتجهيزات أساسية، مشاكل في أداء فواتير الماء والكهرباء، أئمة مغمورين، بثقافة دينية جد بسيطة و فقيرة وأجرة زهيدة لا تغني من جوع وربما تسول. باختصار شديد: الطبقية واللامساوات مست كل شيء بما في ذلك بيوت الله.
في التعامل بعقلية ومنطق صكوك الغفران (مغفرة الذنوب وبيت في الجنة)
هناك فئة من المحسنين، أموالهم غير نظيفة: (تجارة المخدرات، السرقة، الغش والتحايل، التهرب الضريبي، عدم تسديد ما بذمتهم من حقوق للمستخدمين…) هكذا يتحايلون على الدين ويستعملون فريضة الحج (فمن حج غفرت له ذنوبه) وكذلك المساهمة في بناء مسجد تطبيقا للحديث النبوي الشريف: «من بنى مسجداً لله بنى الله له بيتا في الجنة» إذن بعد أن غفرت لهم ذنوبهم، ضمنوا بيتا في الجنة، وفي حالات عديدة يتم هذا التحايل في الفهم والعمل، بمباركة من بعض الشيوخ والفقهاء سواء عن وعي وقصد ومصلحة شخصية أو عن قصر في الفهم.
نعم في دولة ضعيفة كالمغرب، هناك تبذير وإفراط في النفقة على بناء كثرة المساجد سواء من طرف الوزارة المكلفة أو من طرف بعض المحسنين، كما أن هناك تكلف من طرف بعض المواطنين البسطاء في المساهمات مع عدم إيلاء الأولوية لما هو تعليم وصحة وتجهيز. ومن فوق هذا كله هناك تقصير في التوعية من طرف شيوخ وفقهاء الأمة الناتج عن ارتكازهم على ما هو شعائري وطقوسي في الدين.
فقه اجتراري لا تجديدي.
في إطار الفقه الحديث لا أدري إن كان هناك من فقهاء في عصرنا راحوا إلى القياس وقالوا وألحوا: من بنى مدرسة أو مستشفى أو مصنعا أو حديقة أو طريقا بنى الله له بيتا في الجنة. على منوال الحديث النبوي الشريف: «من بنى مسجداً لله بنى الله له بيتا في الجنة».
نحن في حاجة ماسة إلى فقه يقول: المدرسة بيت الله، المستشفى بيت الله، الشارع بيت الله، المصنع بيت الله، الإدارة بيت الله، الغابة بيت الله، الحديقة بيت الله، البحر بيت الله، الملعب بيت الله، الحافلة والقطار بيت الله كما أن المسجد بيت الله. والكون كله لله.
نحن في حاجة ماسة إلى فقه جديد وفقهاء مجتهدين ومجددين. نحن في حاجة إلى فقه جريء، فقه واقعي يقول: أركان الحياة خمسة: سكن لائق، صحة جيدة، تعليم مفيد، شغل منتج واعتقاد حر.
دولة تراوح مكانها
لا تنمية ولا تقدم ولا تحضر دون استحضار الإنسان كمركز وكأفق في أي مشاريع إصلاح حتى عندما يتعلق الأمر بالإصلاح الديني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.