تحذير من أمطار وثلوج في المغرب    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    الخزينة العامة: الإيرادات الجمركية تلامس 92 مليار درهم في أول 11 شهرا من 2025    فيضانات آسفي.. 61 حالة استقبلتها مستعجلات مستشفى محمد الخامس    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    كرة السلة المغربية تفتح صفحة جديدة    البرلمانية الدمناتي تستفسر وزيرة المالية عن غياب الأثر الاقتصادي المباشر للدعم الحكومي على الفئات الفقيرة والهشة    أسفي لم تُقتل دفعة واحدة.. تُركت تنزف بصمت حتى انفجرت الكارثة        التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    القوات المغربية والموريتانية ترتقي بالشراكة في التكوينات والتداريب العسكرية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. برنامج مباريات المجموعة الثانية    بروكسل توسع عقوبات السفن الروسية    هولندا تعتقل محتجين على منشد جيش إسرائيل    البابا يحذر أجهزة المخابرات من إساءة استخدام برامج التجسس وتأثيرها على الحريات والديمقراطية    تقرير: ملايين المسلمين في بريطانيا عرضة لخطر سحب الجنسية    حقوقيون يعددون مظاهر "التهميش" الذي تعاني منه مدينة ميدلت    عشرات التوقيعات للمطالبة بالحرية ل"بوز فلو" ووقف متابعة الفنانين بسبب تعبيراتهم    أسعار صناعات التحويل تزيد بالمغرب    كأس أمم إفريقيا 2025 .. المنتخب المصري المرشح الأبرز في مجموعة صعبة    كأس إفريقيا 2025: المغرب يرسخ معايير جديدة بتخصيص ملاعب تداريب حصرية لكل المنتخبات    الاتحاد العربي للصحافة الرياضية ينتخب مجلس إدارة جديد بقطر        الدولار يستقر قرب أدنى مستوى له    "لارام" تُوسع شبكتها الجوية ب10 وجهات جديدة ابتداء من 2026    فتح بحث قضائي في "فيضان آسفي"    ضبط مخربين في الرباط والدار البيضاء    التامني: آسفي طالها الإهمال والنسيان والفساد لا يسرق المليارات فقط بل أرواح المواطنين    "البيجيدي" ينتقد توزيع الدعم على الفلاحين الصغار بمنطق الولاءات السياسية والانتماء الحزبي    "شبهة داعش" تحيط بهجوم أستراليا    إعلام إسرائيل يكشف تفاصيل عن حاخام قتل في هجوم سيدني وعلاقته بحرب غزة    سيول آسفي ترفع حصيلة الضحايا إلى 37 وفاة واستنفار متواصل للسلطات    ترامب يوقع أمراً تنفيذياً جديداً ينظم قواعد الذكاء الاصطناعي    طقس عاصف يوقف الدراسة بالمضيق-الفنيدق    محطة القطار "الرباط الرياض" تفتتح تأهبا لاستقبال كان المغرب    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    رافينيا يحسم مستقبله مع برشلونة بقرار مثير: "لن أغادر الفريق قبل التتويج بدوري أبطال أوروبا"    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    آلاء بنهروال... كفاءة مغربية شابة تتوج مسارها الأكاديمي بماستر في علوم البيولوجيا بجامعة مونبليي    من المعبد إلى المدرّج: كرة القدم بوصفها دينا ضمنيا    التوفيق يبرز بواعث الحاجة إلى المذهب المالكي في ظل التحولات المجتمعية    الخصوصية التفاعلية والقاتلة    الرباط تحتضن مهرجان "ربادوك" للسينما الوثائقية    انتخاب محمد شويكة رئيسا للجمعية المغربية لنقاد السينما    أكادير تحتفي بعشرين سنة من تيميتار: دورة إفريقية بامتياز تسبق كأس أمم إفريقيا وتجمع الموسيقى الأمازيغية بالعالم    من شفشاون إلى الرباط: ميلاد مشروع حول الصناعة التاريخية    تطبيق "يالا" يربك الصحافيين والمشجعين قبل صافرة انطلاق "كان المغرب 2025"    قتيلان و8 مصابين في إطلاق نار بجامعة براون الأمريكية    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين بين الصدفة واليقين
نشر في العمق المغربي يوم 26 - 04 - 2019


تصدير:
الناس الذين ماتوا بسبب الدين .. أكثر من الذين ماتوا بسبب السرطان. ونحن نحاول علاج السرطان.
قائل مجهول
إن مشكلة النزاع البشري هي مشكلة المعايير والمناظير قبل أن تكون مشكلة الحق والباطل، وما كان الناس يحسبون أنه نزاع بين حق وباطل، هو في الواقع نزاع بين حق وحق آخر. فكلُّ متنازع في الغالب يعتقد أنه المحق وخصمه المبطل، ولو نظرت إلى الأمور من نفس الزاوية التي ينظر منها أي متنازع لوجدت شيئاً من الحق معه قليلاً أو كثيراً.
د علي الوردي
********************
صعب جدا أن تجادل الناس في قناعاتهم الموروثة والمتبعة أجيالا بعد أجيال ، وقرونا بعد قرون .فالأمر قد يشبه عملية إخراج السمكة من مائها ، أو حجب العين عن ضيائها . وحين يتعلق الأمر بالدين يصبح الأمر أكثر خطورة. فالعقائد كانت وستبقى سبب صراعات وخلافات وحروب. لأن كل متشبث بعقيدته يرى فيها خلاص الدنيا وخلاص الآخرة . ودعوته للمراجعة ، أو التأمل ،أو الخروج مما وجد عليه آباءه هي بنظره دعوة للعقوق وما يجر من ويلات في الدنيا . وهي دعوة أيضا للكفر وما يترتب عليه من خزي وعذاب في الآخرة . ولكي يظهر المؤمنون بالدين غيرتهم وصدقهم ، فإنهم يتطرفون في الإيمان بمعتقداتهم حد إنكار كل الحقائق مهما كانت ساطعة. بل وربما أباحوا لأنفسهم أن يرغموا غيرهم على اعتقاد ما يعتقدون ، وتصديق ما يصدقون.
والأخطر أن هذا لا يكون بالحوار ومخاطبة العقول بل بالعنف والإكراه وقطع الأعناق وقطف الرؤوس . وصراعات الأديان والحروب التبشيرية والغزوات باسم الفتوحات كانت سببا في إزهاق ملايين الأرواح ، وجريان أنهار الدماء، وبناء أسوار عالية ، وسدود واقية بين الأمم والشعوب. فلا ينفذ شعاع ضوء ، ولا يمر بصيص فكرة ، بين فريق وفريق. وكل يرى نفسه في الجنة ولا يحق العذاب إلا على “الآخر” . فهل من سبيل للمراجعة والتأمل ،وبالتالي الفهم والاستيعاب على أساس من التعقل والتواصل والتسامح ليصبح الدين أكثر إنسانية ورحمة بالمخالف ودعامة للقيم المشتركة والأخلاق الإنسانية؟.
هذه بعض التأملات ، نسوقها في عجالة ، ليس بهدف إحداث ثورة أو انقلاب جذري في الفهم ، ولكن فقط من أجل توسيع أفق وزاوية الرؤية . وهناك جوانب أخرى يمكن التطرق إليها لاحقا، لأننا نعيش اليوم في عالم سمته التواصل وانسياب وتبادل الأفكار بين الشعوب والأفراد. ولم يعد متحملا إشعال صراعات، ونشر أحقاد على أساس القناعات الدينية التي كانت وستبقى متباينة ومختلفة ولا يمكن توحيدها أبدا.
أولا : الدين نتيجة إحداثيات وليس وليد قناعات
هو أمر بديهي يحدث كل يوم في كل مكان في العالم. فما إن يرى مولود جديد النور حتى يحدد الذين من حوله إسمه، وهويته، ودينه وكثيرا من الاختيارات التي سوف ترافقه في كل حياته .هذه هي الحالة العامة. الاستثناءات تبقى قليلة جدا بل نادرة.وبناء عليه، فإن من ولد في إيران سوف يصبح مسلما “شيعيا” ، ومن ولد في السعودية يصبح مسلما “سلفيا”، ومن ولد في أمريكا يصبح مسيحيا . ومن كان أبوه هندوسيا يصبح هندوسيا. ومن كان أبوه على دين بوذا أصبح بوذيا. تتساوى في ذلك أديان السماء والأرض. وهذا بنسبة لا تقل عن 95 بالمائة لكي لا نكون جازمين أكثر. فكل تعميم خطأ بما في ذلك هذا التعميم نفسه. فهي الإحداثيات (Coordonnées ) إذا ، بشكل كبير، من تحدد دين المولود. والحديث عن الاختيارات أو القناعات مجانب للصواب ومخالف للقاعدة العامة.
ربما يبادر البعض إلى القول : هذه بديهية وليس في الأمر جديد.الماء ماء والنار نار. فأين السبق في قولك وتحليلك ؟ نبادر فنقول: ليس الهدف هو الإقناع ببديهية لا تقبل جدلا ، وإنما الهدف أن ينتج عن هذه البديهية سلوك بعيد عن التطرف وبعيد عن اتهام الآخر ومهاجمته واحتقاره من منطلق ديني أو عقائدي. وهذا أضعف الإيمان. وإلا فليكن السبق والمعول عليه هو الإنسانية التي تجمع بين كل أتباع الأديان والأعراق والمذاهب والأجناس.وكفى بالإنسانية دينا حتى لا تكون فتن وهجمات إرهابية وإزهاق للأرواح البريئة باسم “الله” وباسم دين.
ثانيا : دينك يلزمك وحدك ولكل دينه “الحق”.
نعيش اليوم في عالم متشعب ومتباين في أديانه وثقافاته وانتماءاته العرقية وطوائفه المذهبية .ولا يمكن الإبقاء على نفس التصورات التي كانت سائدة في نظام القبيلة ، أو قبل أن تلغى الحدود بين الدول والشعوب. فسواء شئنا أم أبينا ، فإن أبناء الجنس البشري محكوم عليهم أن يتعايشوا ويتعاملوا ويتواصلوا بغض النظر عن أديانهم ومعتقداتهم . ولكي لا تتحول الجغرافية العالمية إلى ساحة حرب وإرهاب وقتل وتفجير ، يجب إعادة النظر في دور الدين بحيث لا يكون مدعاة للتعالي والتميز و إشعال الفتن وإذكاء نار الحروب بين بني الإنسان.
فتعاليم ومقتضيات كل دين تلزم فقط معتنقيه ولا تلزم من سواهم . ومادام كل إنسان يعتقد صواب دينه ، فإنه من باب العدل والمنطق أن يتفهم إيمان الآخرين بأديانهم ولو كان “الإلحاد” من بين هذه الأديان. خاصة في المجتمعات المختلطة متعددة الأديان . فكل يرى الحق معه وليس في حاجة لمن يدله على سبيل الرشاد. وهذا وحده ما يضمن التعايش وتماسك مكونات النسيج المجتمعي .
واقع الحال يشهد أن الدول العلمانية هي واحات للتعدد والتسامح فيما يتعلق بأتباع مختلف الأديان إذا ما قيست بالدول الدينية التي مازالت تجعل الدين هوية للجماعة وليست قناعة شخصية تلزم الأفراد . ولذلك يسود القمع والإقصاء في هذه الدول بسبب الدين أو المذهب أو الطائفة . وربما لجأت بعض الدول إلى عقوبات بدائية من قبيل الرجم والجلد وقطع الرؤوس. ولسان حال الكهنوت ومن يسخرونهم من الساسة الانتهازيين : هذا حكم الله أو شريعة السماء.
هي فصول دموية ، وجرائم بشعة ، ترتكب في حق الإنسان باسم تعاليم الدين “الحق” . وهي ، حين التأمل بعيدا عن الديماغوجية وشرائع الكهنة والسدنة ، مجرد أهواء ومصالح لا ترى في الدين إلا مكاسب شخصية وأداة إيديولوجية. وكل من يدعي أنه الناطق باسم الله على الأرض بين العباد هو واحد من اثنين : تاجر دين يجعل من الدين مغنما ليحوز الامتيازات والغنائم دون جهد يذكر ، أو قاطع رؤوس بسيف السلطة حين يكون في موقع قوة ، وإلا فإرهابي يسفك دماء الناس بتفجير نفسه أو بقتل الأبرياء بدم بارد.
سيكون العالم بخير حين يلزم كل واحد نفسه بتعاليم دينه ويدع الخلق الآخرين للخالق أو لقناعاتهم مهما تكن غريبة .فهي عين الحق بالنسبة لمعتنقيها .
مما يؤثر عن الكاتب الأيرلندي الساخر جورج برنارد شو قوله : ” سامحه، فهو يعتقد أن عادات قبيلته هي قوانين طبيعية! “. وربما لو امتد به العمر إلى أيامنا لصرخ : ” أوقفه عن غيه ، إنه إرهابي يرى دينه حقا يُخول له أن يقتل كل مخالف “.
للحديث بقية وتفاصيل ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.