مزور يترأس الدورة العادية للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بتطوان    السفيرة الصينية في ضيافة جماعة مراكش لبحث آفاق التعاون    بلادنا ‬تعزز ‬مكانتها ‬كأحد ‬الدول ‬الرائدة ‬إفريقيًا ‬في ‬مجال ‬تحلية ‬المياه    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    طاقات متجددة : التحول الطاقي شهد طفرة استثمارية عالمية في 2024    انخفاض أسعار النفط جراء ارتفاع المخزونات الأمريكية    من الرباط إلى مراكش.. سفيرة الصين تزور مركز اللغة الصينية "ماندارين" لتعزيز آفاق التعاون التعليمي    الصين توقف استيراد المأكولات البحرية اليابانية    كوراساو.. أصغر دولة تصل إلى كأس العالم    النيابة العامة تكذب "تزويج قاصر"    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكشف عن تشكيلة لجنة تحكيم دورته ال 22    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    عامل الحسيمة يترأس مراسيم تحية العلم بمناسبة عيد الاستقلال    "التقدم والاشتراكية" يدعو إلى انفراج سياسي وحقوقي لإنجاح مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    الاحتفال ‬بعيد ‬الاستقلال ‬في ‬ظل ‬الوحدة    الركراكي: لدينا حالة ذهنية عالية ومجموعة جيدة لخوض كأس أمم إفريقيا    بعد الإطاحة بمالي.. باها يؤكد أن المغرب قادر على الذهاب بعيدا في المونديال    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    استعراض حصيلة تنفيذ المخطط الجهوي لمشروع "مؤسسات الريادة" ،بجهة طنجة تطوان الحسيمة    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    وزارة الصحة تؤمن نقلا جويا استعجاليا لرضيع حديث الولادة من العيون إلى الرباط    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    الرئيس ترامب يعلن السعودية "حليفا رئيسيا" من خارج حلف شمال الأطلسي    موظفو "لاراديل" سابقاً يخرجون للاحتجاج بعد إدماجهم في الشركة الجهوية متعددة الخدمات SRM(TTA)    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    طنجة.. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الأوغندي وديا بأربعة أهداف لصفر    القنصلية العامة في لندن تحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    العرائش... مدينة تغرق في أولى زخات المطر : "روغار" مفتوح يفضح تقاعس المسؤولين ويهدد سلامة المواطنين    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    الأمن يضع كاميرات المراقبة لأول مرة في شوارع أكادير    العرائش: قسم الاقتصاد و التنسيق يستعد لتنزيل القرار العاملي مطلع السنة المقبلة و مخاوف من سحب المأذونيات من المستغلين في وضعية غير قانونية    العرائش: رئيس الائتلاف المغربي للسائقين غير المالكين يؤطر لقاء تواصليا لمهنيي سيارات الأجرة    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    تأهل سيدات الجيش الملكي لنهائي دوري أبطال إفريقيا بعد تغلبهن على مازيمبي    نبيل باها: المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في المنافسة    ترامب يستقبل ولي العهد السعودي في زيارة رسمية إلى البيت الأبيض    مهدي اغويركات يفوز بجائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 من الأكاديمية الفرنسية    اتحاد طنجة ينفصل عن مدربه هلال الطير    الدولي المغربي أشرف حكيمي يظفر بجائزة الأسد الذهبي لعام 2025    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين        حماس تنتقد تبنّي مجلس الأمن مشروع القرار الأميركي بشأن غزة    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    الإعلان عن الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في دورتها ال23 بالرباط    الذهب يواصل انخفاضه متأثرا بصعود الدولار وتراجع توقعات خفض الفائدة الأمريكية    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية العدالة الضريبية.. التهرب الضريبي نموذجا
نشر في العمق المغربي يوم 26 - 06 - 2019

إن الضريبة هي حقيقة مرتبطة بالمجتمع وبظهورالدولة، ولذلك لا يمكن تصور دولة بدون ضريبة، ولا يمكن أيضا تصور ضريبة بدون دولة وهكذا تعتبر الضريبة من الناحية السياسية خدمة يؤديها المواطن لفائدة الدولة.
أما من الناحية القانونية تعتبر الضريبة التزام وواجب وطني دستوري ألا وهو المساهمة في تحمل النفقات الاجتماعية والاقتصادية للدولة عبر تمويل خزينتها، بغية تحقيق العدالة الاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع.
إن الوصول إلى العدالة الاجتماعية لابد وأن نمر عبر العدالة الضريبية التي هي قدرة المواطن على أداء دفع الضريبة أي أن الضريبة يجب أن تتأسس على مبدأ اساسي في فرض الضريبة وهو مبدأ القدرة على الدفع ومدى استفادة المواطن من خدمات الدولة.
وهكذا يحب أن لا يمس العبء الضريبي معيشة الملزم بالضريبة أي أن لا يقوم بأداء الضريبة على حساب معيشته أو قدرته الإنتاجية إذا كان مقاولة، لأن الملزم إذا قام بأداء الضريبة على حساب معيشته في هذه الحالة تصبح الضريبة تشكل له عبء على التحمل غير المرغوب فيه. إضافة إلى ذلك نجد أن مبدأ القدرة على الدفع يجد أساسه القانوني في الفصل 39 من الدستور لسنة2011، الذي ينص على أنه “على الجميع أن يتحمل كل قدر استطاعته التكاليف العمومية، التي للقانون وحده الصلاحية لإحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات المنصوص عليها في الدستور”. وأيضا الفصل 40 من نفس الدستور، الذي ينص على أنه “على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد”.
إذن من خلال هذين الفصلين يتضح لنا أنهما جاؤوا بمبدأين هامين يتجلى الأول في مبدأ القدرة على الدفع والثاني في مبدأ لا ضريبة بدون نص قانوني أو لا ضريبة ولا إعفاء إلا بنص قانوني.
وهكذا يمكن أن نستنتج من خلال هذين المبدأين أن القانون الضريبي مثله مثل القانون الجنائي على اعتبار أنه يشاركه في مجموعة من المبادئ وهكذا نجد المبدأ القائل لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في الميدان الجنائي، يقابله مبدأ لا ضريبة ولا إعفاء إلا بنص قانوني في الميدان الضريبي، ومبدأ القانون الجنائي يفسر لصالح المتهم يقابله القانون الضريبي يفسر لصالح الملزم، ومبدأ لا يستعمل القياس في القانون الجنائي كذلك لا يستعمل القياس في القانون الضريبي.
رغم هذه المبادئ التي يقوم عليها القانون الجبائي تبقى العدالة الضريبية حبيسة أمام التهرب الضريبي “l'evasion fiscale”، والذي يعني استغلال الملزم بأداء الضريبة الثغرات القانونية التي توجد في المنظومة القانونية الجبائية نظرا لوجود أنظمة جبائية متعددة ومتنوعة بين رسوم وقوانين الأمر الذي يدفعه إلى البحث عن أماكن التملص من الضريبة في ثنايا هذا القانون.
كما أن التهرب الضريبي لا يكون موضوع عقوبات مدنية أو جنائية بما أن الملزم لم يخالف النصوص التشريعية والتنظيمية.
وهكذا فإن التهرب الضريبي يقوم على أساس استغلال الثغرات القانونية للنصوص الجبائية.
ومن خلال ماسبق يمكن طرح الإشكالية التالية:
ما هي أسباب التهرب الضريبي وكيف تكبح هذه الأسباب العدالة الضريبية؟
إن التهرب الضريبي يتجلى في العديد من الأسباب منها أسباب قانونية (أولا ) ومنها أسباب اجتماعية(ثانيا)
أولا: الأسباب القانونية للتهرب الضريبي
بالرجوع الى المدونة العامة للضرائب نجد مجموعة
من الثغرات القانونية، يأتي في مقدمتها تلك الثغرات التى تتعلق بحد التسجيل الضريبي سواء للأفراد والشركات المساهمة الذي يتم التلاعب من خلاله من قبل بعض رجال الأعمال للتهرب من سداد الضرائب. وكذلك الثغرات الخاصة بالإعفاءات الضريبية والتحايل على القانون بإخفاء حجم أنشطة وأعمال موجودة على أرض الواقع.
وكذلك أيضا غموض النصوص القانونية المؤطرة للجبايات العمومية والمحلية تساهم في التهرب الضريبي وفي هذا الإطار نعطي مثال على ذلك نجد بعض الشركات تستغل الثغرات القانونية، من أجل الغش الضريبي. يتعلق الأمر بالتهرب عبر المحاسبة، ذلك أن الإدارة الضريبية لا تمتلك إمكانية إعطاء الدليل على نقص الأرقام المصرح بها، بارتباط مع غموض المادة 213 من المدونة العامة للضرائب، التي تنص على أنه، “إذا شابت حسابات سنة محاسبية أو فترة لفرض الضريبة إخلالات جسيمة، من شأنها أن تشكك في قيمة الإثبات التي تكتسيها المحاسبة، جاز للإدارة أن تحدد أساس فرض الضريبة، باعتبار العناصر المتوفرة لديها”. ورغم سرد هذه المادة لبعض الاختلالات، مثل الإخفاء والأخطاء، إلا أن ذلك لا يعد وسيلة في يد المراقب، يمكنه الاعتماد عليها، فهي صيغ تتميز بالغموض والعمومية، اللذين من شأنهما أن يؤديا إلى نزاعات بين الملزم والإدارة الجبائية.
كما أن المتهرب قد يستفيد من هذه الوضعية ويتهم الإدارة بالتجاوز والتعسف، عن طريق القيام بتفسيرات مختلفة، والواقع يؤكد أن الإدارة ليست لها الإمكانيات لإعطاء الدليل على نقص الأرقام التي وقع الإقرار بها.
وهكذا إن اللغة التي كتبت بها المدونة العامة للضرائب، تعتبر معقدة وبالتالي لا تسعف حتى الممارسين والمتخصصين في المجال على فهم فحواها، فما بالك بالمواطن العادي بأن يستوعبها ويعرف كيفية تقديرها واحتسابها. لذلك وجب إعادة صياغة المدونة العامة للضرائب وفق أسلوب مبسط وسهل الاستيعاب من طرف الجميع حتى يحقق الأمن القانوني والقضائي في الميدان الضريبي.
ثانيا: الأسباب الاجتماعية للتهرب الضريبي
تتجلى الاسباب الاجتماعية للتهرب الضريبي في عدم احساس المواطن من الإستفادة من الضريبة في مجال التنمية، لأن الغاية الإجتماعية للضريبة هي تحقيق العدالة الاجتماعية، وعند غياب هذه الأخيرة يحس المواطن الملزم بأداء الضريبة أنه لا يستفيد من مقابل الضريبة التي أداها رغم أن هذا المقابل فهو مقابل غير مباشر حيث أنه لا يتلقاه بشكل مباشر بل يتلقاه عبر الخدمات التي تقوم الدولة بها من تجهيز الطرق والصحة والتعليم …لأن الضريبة تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، بحيث تقوم بالدور التصحيحي، وفي خضم ذلك نجد أن التشريعات الجبائية اليوم لا تقوم بدور واحد وإنما تقوم بعدة وظائف اقتصادية واجتماعية لأنها تسعى إلى المردودية والعدالة المبنية على التقائية الوظائف الثلاث والمتمثلة في الوظيفة المالية والوظيفة الاقتصادية والوظيفة الاجتماعية.
إضافة لما سبق إن عدم المساواة بين المواطنين في أداء الضريبة سواء بين داخل كل فئة من نفس القطاع أو بين مختلف فئات القطاعات وهنا نكون أمام غياب مبدأ ترشيد النفقات العمومية وغياب مبدأ الحكامة الجيدة وغياب الاتقائية بين القطاعات وهكذا مثلا نجد أن المواطن يحس بعدم العدالة الضريبية حينما يشعر أنه لا يستفيد من مقابل أداء الضريبة سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي، إضافة إلى ذلك أن المواطنين الذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل لا يؤدون الضريبة بحيث أن المواطن الذي يشتغل في القطاع المهيكل يؤدي ضمنيا الضريبة على المواطن الذي يشتغل في القطاع غير المهيكل لأن هذا الأخير يستفيد من خدمات الدولة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية. وهنا نكون أمام اللامساواة في فرض الضريبة، بحيث نجد أنه لا يساهم في تحمل النفقات في الوقت الذي يستفيد من تلك النفقات على مستوى الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تقدمها الدولة كمقابل للملزم الذي قام بأداء واجبه الضريبي، بل أنه في بعض الحالات يستفيد من صندوق المقاصة وهو لا يؤدي الضريبة ،الأمر الذي دفع بعض الفقه المتخصص في القانون الضريبي إلى المطالبة بتجريم التهرب الضريبي على غرار بعض الدول الأوروبية في هذا المجال وفي هذا الإطار نجد اتجاه فقهي آخر يقول قبل تجريم التهرب الضريبي يجب تهيئ الأرضية لذلك.
كذلك من بين الأسباب الاجتماعية للتهرب الضريبي نجد العلاقة بين المواطن وإدارة الضرائب التي تسمى علاقة تشاركية في فرض الضريبة أي علاقة مبنية على التفاهم والحوار في فرض الضريبة، حاليا نجد العلاقة السائدة بين المواطن وإدارة الضرائب علاقة ليست في هذا المستوى المفروض لأن الإدارة تعتبر المواطن يتهرب من أداء الضريبة سواء من الإقرارات التي يقدمها لإنقاص الضريبية أو من الإعفاءات الضريبية. في حين المواطن يعتبر الإدارة تمارس الضغط عليه ولا عدالة ضريبية ولا ترشيد للنفقات العمومية إلى غير ذلك من الأسباب. وفي هذا الصدد يجب أن تكون العلاقة بين الطرفين يسودها الصدق وحسن الإستقبال والتصالح والتشاور وعلى التطبيق العادل للقانون الضريبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.