وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من 21 شهراً، تتفاقم معاناة حوامل غزة المحاصرات، لا سيّما أنّهنّ من بين أكثر الفئات هشاشة في النزاعات. ويأتي ذلك في حين يمعن الاحتلال في تشديد حصاره على الفلسطينيين مانعاً عنهم الإمدادات الأساسية، من بينها تلك المنقذة للحياة، وإن عمد في أواخر ماي الماضي إلى السماح بإدخال شحنات ضئيلة جداً من المواد الأساسية. وكما حال حوامل غزة اللواتي يتأثّرنَ بشدّة من شحّ المواد الغذائية والمياه والأدوية، يبدو الإرهاق واضحاً على ملامح الفلسطينية فاطمة عرفة في أحد مستشفيات مدينة غزة شمالي القطاع، حيث تخضع لفحوص طبية في إطار متابعة حملها. ويؤشّر هذا الإرهاق إلى معاناتها من سوء التغدية، الناجم عن شحّ المواد الغذائية في زمن الحرب المستمرّة منذ السابع من أكتوبر 2023، علماً أنّ هدنة هشّة كانت قد دخلت حيّز التنفيذ في 19 يناير 2025 قبل أن تستأنف إسرائيل عدوانها بعد أقلّ من شهرَين في 18 مارس 2025. وفي طريق العودة إلى مخيم النزوح الذي لجأت إليه مع عائلتها بعدما هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية من منزلهم في محافظة شمال غزة، التي تشكّل مع محافظة غزة منطقة شمال القطاع الفلسطيني، تقول فاطمة لوكالة فرانس برس: "أنا في شهري السادس ولا أستطيع توفير الحدّ الأدنى من الاحتياجات الأساسية لإكمال هذا الحمل". تضيف المرأة البالغة من العمر 34 عاماً، بوجهها الشاحب، أنّ الطبيب أبلغها بوجوب نقل دم إليها "بسبب انعدام التغذية"، وتردف: "عندما أريد أن آكل أو أشتري طعاماً لأتناوله، لا أجد شيئاً". وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" قد أفادت أخيراً بأنّ طواقمها في قطاع غزة تشهد "زيادة حادة وغير مسبوقة في سوء التغذية الحاد"، علماً أنّ أكثر من 700 امرأة من حوامل غزة وكذلك المرضعات في القطاع أُدخلنَ إلى عيادتَين تابعتَين للمنظمة بسبب سوء التغذية الحاد أو المتوسط، إلى جانب نحو 500 طفل. وأوضحت المنظمة، في بيان، أنّ الأعداد في عيادة مدينة غزة ازدادت بنحو أربعة أضعاف في أقلّ من شهرَين؛ من 293 حالة في مايو الماضي إلى 983 حالة في بداية يوليوز. في هذا الإطار، تقول الطبيبة جوان بيري من منظمة "أطباء بلا حدود" لوكالة فرانس برس إنّه "بسبب انتشار سوء التغذية بين حوامل غزة والشحّ في المياه وقلّة النظافة، يولد أطفال كثيرون قبل أوانهم". تضيف أنّ "وحدتنا لرعاية حديثي الولادة تعاني من اكتظاظ شديد، إذ يتشارك أربعة إلى خمسة أطفال حاضنة واحدة". من جهته، يقول طبيب الأمراض النسائية والتوليد فتحي الدحدوح، من مستشفى الحلو الدولي حيث تخضع فاطمة لفحوصها، إنّ "حالات الإجهاض ازدادت بصورة كبيرة منذ بداية الحرب، وصارت تبلغ يومياً ما بين ثماني حالات وتسع في مدينة غزة". ويؤكد لوكالة فرانس برس أنّ "الحرب صعبة خصوصاً بالنسبة إلى الحوامل والنساء اللواتي أنجبنَ أخيراً". ويشير الدحدوح إلى أنّ حوامل غزة "يأتينَ إلى هنا وهنّ يعانينَ انخفاضاً في ضغط الدم وضعفاً وتعباً وإرهاقاً بسبب الوضع في البلاد وانعدام التغذية". وكان صندوق الأممالمتحدة للسكان قد حذّر في مايو الماضي من أنّ 17 ألف امرأة من حوامل غزة، وكذلك المرضعات، سوف يحتجنَ إلى علاج من سوء التغذية الحاد في الأشهر ال11 المقبلة. وجاء التحذير بالتزامن مع فرض إسرائيل حظراً على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.