اتصالات المغرب تستثمر 370 مليار لتطوير الأنترنت في مالي وتشاد    إسرائيل تعلن اغتيال قيادي إيراني    بدء أعمال "خارجية التعاون الإسلامي"    شكوى ضد ميرتس بسبب تصريحة الذي تضمن عبارة "نازية".. إن "إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عنا جميعاً"    أكثر من 400 قتيل في إيران منذ بدء الحرب مع إسرائيل    إسرائيل تستهدف موقع أصفهان النووي        هزة أرضية جديدة ببحر البوران قبالة سواحل الريف    العاصمة الرباط تطلق مشروع مراحيض عمومية ذكية ب 20 مليون درهم    إعلامي مكسيكي بارز : الأقاليم الجنوبية تتعرض لحملات تضليل ممنهجة.. والواقع بالداخلة يكشف زيفها    حفل "روبي" بموازين يثير الانتقادات        نحو تدبير مستدام للغابات: المغرب يعزز مكانته وشراكاته البيئية        صحافي مكسيكي: الجماعة الانفصالية تنشر الكثير من الأكاذيب في الأقاليم الجنوبية    يوسف لخديم يقترب من مغادرة ريال مدريد نحو ألافيس بعقد يمتد إلى 2029    من قلب العيون.. ولد الرشيد يرسم ملامح تحوّل الصحراء إلى نموذج تنموي ودعامة دبلوماسية للمغرب    الانتصارات الدبلوماسية وعمق الإصلاح.. الأحرار يؤكد مواصلة البناء على أساس الانسجام الحكومي    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    اعتقال 10 متورطين في شبكة مخدرات بالناظور    مراقبة مكثفة وصارمة بشفشاون لرصد الدراجات النارية المخالفة للقانون والمُشكِلة للخطر    حادثة مروعة بطنجة تخلف خمسة إصابات    العجلاوي: المغرب لا يفاوض على مغربية الصحراء وقد يعتمد مجلس الأمن مبادرة الحكم الذاتي في أكتوبر    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المؤتمر الدائم للغرف الإفريقية والفرنكوفونية    موازين 2025.. الفنانة المصرية روبي تتألق بمنصة النهضة    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    تدشين القنصلية العامة للمغرب بمونت لاجولي    الترجي يسجل أول فوز عربي وتشيلسي ينحني أمام فلامينغو وبايرن يعبر بشق الأنفس    نادية فتاح تتوَّج كأفضل وزيرة مالية في إفريقيا لعام 2025: المغرب يواصل ريادته في التنمية القارية    كيوسك السبت | ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب بنسبة 55 بالمائة    وكيل النجم البولندي ليفاندوفسكي: الانتقال ممكن للدوري السعودي    الوداد يعلن تعاقده رسميا مع السوري عمر السومة    بوشهر في مرمى النار.. هل يشهد العالم كارثة نووية؟    صحافي من البيرو: في تندوف شاهدت القمع وفي الداخلة استنشقت هواء الحرية (صورة)    "ليفربول" يتعاقد مع الألماني "فلوريان فريتز"    محمد الشرقاوي يكتب: لحظة الحقيقة.. ما لا يريد أن يراه مناصرو التطبيع ووعّاظ الاتفاقات الإبراهيمية!    البنك الأوروبي يقرض 25 مليون دولار لتطوير منجم بومدين جنوب المغرب    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    تراجع أسعار الفائدة قصيرة المدى في سوق السندات الأولية وفق مركز أبحاث    الفيفا يعلن آخر التعديلات على قانون كرة القدم .. رسميا    بين الركراكي والكان .. أسرار لا تُروى الآن    حرب الماء آتية    محمد أشكور عضو المجلس الجماعي من فريق المعارضة يطالب رئيس جماعة مرتيل بتوضيح للرأي العام    فضيحة "وكالة الجنوب".. مؤسسة عمومية أم وكر مغلق لتبذير المال العام؟    توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الإيرانية السعودية والضغوط القصوى
نشر في العمق المغربي يوم 22 - 09 - 2019

بعد إبرامه مع السعودية لما أصبح يُعرف بصفقة القرن خلال زيارته الرسمية الأولى خارج الولايات المتحدة، دشّن الرئيس دونالد ترامب سياسة “الضغوط القصوى” تجاه إيران والتي شملت سلّة من القرارات العقابية أهمها الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم خلال الأنفاس الأخيرة من ولاية سلفه باراك أوباما. ثمّ أتبعه بحصار تدريجي للصادرات الإيرانية من النفط والغاز، والحجز على ودائعها في البنوك الخارجية، لتنتقل الضغوط بعد ذلك في منحى تصاعدي حتى شملت الاستثمارات الأجنبية.
وقد تضرّر بذلك خصوم أمريكا مثل الصين التي انحنت للعاصفة وأوقفت وارداتها الطاقية من طهران، ولم يسلم حتى الحلفاء وخاصة فرنسا بوصفها أكبر مستثمر أجنبي في حقول الغاز الإيرانية، وكانت تسيطر على أزيد من 30 % من سوق السيارات المحلية.
من الناحية الاقتصادية بدأت الضغوط الأمريكية تؤتي أكلها، فقد هوت العملة الإيرانية إلى 120 ألف ريال مقابل الدولار الواحد بعدما كانت تُصرف بحوالي 40 ألف، أي أنها فقدت ثلثي قيمتها خلال أقل من عام من بدءِ العقوبات، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار مما تسبب في خسائر اقتصادية فادحة. ولو كانت المعادلة في هذه الحرب تتوقف على المتغير الاقتصادي وحدَه لأمكن الحديث عن نجاح واشنطن في تركيع بطيء لنظام آيات الله، ولكن الأمر أعقد من ذلك.
وقد فهمت طهران أنّ الوقت ليس في صالحها، فاقتصادها كان يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، كما أنّ فاتورة الحرب ضدّ الثورة السورية وانخراطها في دعم المليشيات الشيعية في العراق واليمن ولبنان أضحت تُشكل عبئاً ثقيلاً على موازنتها العامة. لأجل ذلك لجأت إلى تكتيك المِرآة العاكسة في تعاملها مع سياسة “الضغوط القصوى” التي تنهجها واشنطن.
وهكذا حركت طهران أحجارها في الرّقعة اليمنية، وبدأت في جسّ النبض الدولي والسعودي من خلال ضربات محدودة، شنها في البداية الحوثيون على منطقة عسير ونجران الحُدوديتين. بعد ذلك طالت الهجمات أهدافاً حيوية مثل مطارات أبها وجازان ونجران، ثم ناقلتي نفط تابعتين لشركة أرامكو السعوديةأثناء عبورهما مضيق باب المندب في يوليو 2018.
وقد رافقت تلك العمليات حملات إعلامية إيرانية شاركت فيها حتى بعض الدول الغربية التي ركزت على حق اليمن في “الدفاع عن النفس” ومواجهة التحالف السعودي الإماراتي. وتَجاهل الأوربيون، لأغراض لا يتسع المجال لبسطها، أنّ الحوثيين مجموعة مسلحة انقلبت على النظام الشرعي وسيطرت على اليمن بالقوة وبالتالي فهي لا تملك شرعية الدولة المزعومة.
وأمام ردود الفعل الباهتة على تلك الاستفزازات، انتقلت طهران إلى “الضغوط القصوى” على السعودية والولايات المتحدة بضربة واحدة تشبه نقلة “شاه مات” في الشطرنج. فوجهت ذراعها الحوثي في اليمن لشن غارات على أكبر حقل نفطي في العالم ليلة السبت 14 سبتمبر 2019، واستطاعت أن تشل نصف إنتاج النفط السعودي لترتفع أسعار الذهب الأسود بحوالي 19 % دفعة واحدة. وأصيبت بورصات العالم مباشرة بالحمّى التي قد تتحول خلال الأيام القادمة إلى إغماءات بسبب توقف شريان الحياة عن ضخ النفط في محركات الطاقة العالمية.
اختيار إيران لهذا التوقيت بالذات،للانتقام من الحصار الأمريكي وإحداث صعقة لسوق الطاقة العالمية، قد يكون خاضعاً لحسابات جيوسياسية استغلت فيها إيران الفراغات الاستراتيجية سواء في أوربا بسبب “البريكست”، أو الخلاف بين واشنطن وحلفائها الغربيين حول الخروج من الاتفاق النووي، أو تبعات الحرب التجارية مع الصين، أو عودة الحرب الباردة مع موسكو في أكثر من نقطة ساخنة، أو حتى انقسام دول الخليج فيما بينها والصراعات داخل البيت السعودي نفسه.
كما قد يكون مرتبطاً بحسابات الانتخابات الأمريكية حيث تزامن الهجوم مع آخر سنة في ولاية ترامب مما يحدّ من خياراته في شنّ حرب دولية عالية المخاطر ليس على الولايات المتحدة وحدها بل على إمدادات الطاقة العالمية.
ولكن نجاح المجازفة الإيرانية مُتوقف على ردود الفعل السعودية والأمريكية التي قد تخرج عن كل التّوقعات السياسية الكلاسيكية. فالرئيس الأمريكي مُتقلب المزاج ولا يمكن التنبؤ بقراراته، والسعودية تعيش تحولات عميقة مع محمد ابن سلمان، وهي لا تملك خياراً آخر غير التصعيد.
فأي تراجع أمام طهران أو انسحاب من اليمن قد يَنجم عنه نقل المعركة إلى داخل أراضيها بتحريك أزيد من مليونَيْ شيعي. كما أنّ الولايات المتحدة قد تدفع الرياض إلى مواجهة مع طهران دون أن تتورط واشنطن بشكل مباشر.
وهكذا يتم الاحتواء المزدوج لِزعيمَتيْ الأُصوليتيْن الشيعية والوهّابية، والقضاء على البرنامج النووي الإيراني،وقطع طريق الحرير الصيني، وإجهاض التسلل الروسي إلى الخليج، وأخيراً ضمان السيطرة المطلقة للعم سام على الخليج ومصادر الطاقة العالمية إلى أجل غير مسمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.