بدر صبري يشعل منصة سلا في ختام موازين وسط حضور جماهيري    كواليس حرب شاملة تشنها الجزائر ضد المغرب بمشروع عدائي ممنهج؟    الحموشي يطلع على مجمل الترتيبات الأمنية وبروتوكول الأمن والسلامة لتأمين مباراة نهائي كأس العرش    بوانو يتهم أخنوش ب"الاتجار في البشر"    عائدات السياحة خلال خمسة أشهر تقدر ب34 مليار درهم    تنصت أمريكي على اتصالات إيرانية بعد ضربات واشنطن يكشف أن البرنامج النووي لم يدمر بالكامل    نهائي كأس العرش لكرة القدم.. أولمبيك آسفي يتوج باللقب إثر فوزه على نهضة بركان بضربات الترجيح    اشتداد موجة الحر في جنوب أوروبا والحل حمامات باردة وملاجىء مكيفة    إشبيلية.. أخنوش يمثل جلالة الملك في مؤتمر الأمم المتحدة حول تمويل التنمية    "جبهة القوى" تدين إرهاب البوليساريو    محكمة إسرائيلية تؤجل جلسة نتنياهو    "ميتا" تضيف خاصية ملخصات الذكاء الاصطناعي إلى "واتساب"    14 قتيلا في غزة بغارات إسرائيلية    لجنة تترافع عن الأمازيغية في "البام"    بايرن يقصي فلامنغو من الموندياليتو    بالتيكا الروسي يتعاقد مع أيمن موريد    عودة الحجاج المكفوفين إلى المغرب    الأرصاد الجوية تكشف عن أرقام قياسية في درجات الحرارة بمدن مغربية    مأساة طفل معلق تهز ضمير ميدلت    طباعة الأثمان على المنتجات الاستهلاكية تثير غضب تجار القرب بالمغرب    حفل شيرين يربك ختام "موازين"    القفز بالرأس في الماء قد يسبب ضرراً للحبل الشوكي    توقيف إسبانية من أصل مغربي حاولت إدخال أقراص مهلوسة عبر معبر المدينة المحتلة    الناظور: توقيف "أخطر" مطلوب للعدالة بموجب 25 مذكرة بحث وطنية    سقط في الحوض أمام أعين والديه.. مأساة تهز دوار لصفوف بإقليم الحسيمة    المغرب يعرض بنيته التحتية اللوجستية لتعزيز التكامل الإفريقي-التركي    الناظور في قلب مالقا.. دعوات لفتح خط بحري وشراكات استراتيجية بين الضفتين    نساء في الصفوف الأمامية.. مسيرة احتجاجية بالناظور دعماً لفلسطين ورفضاً للتطبيع    طبيب يحذر من المضاعفات الخطيرة لموجة الحرعلى صحة الإنسان    الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرورية لسوريا ولبنان" ووقف إطلاق النار في غزة" سيبصر النور "قريبا"    باريس سان جرمان الفرنسي يسحق إنتر ميامي الأمريكي بنتيجة 4-0    كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري "تفند" مزاعم "تدمير الثروة السمكية" بميناء العيون    روسيا تشن هجوما هو الأعنف على أوكرانيا منذ اندلاع الحرب    أكاديمية الرجاء الرياضي ومؤسسة جون جوريس تحتفيان بتلاميذ الباكالوريا المتفوقين    مدن مغربية ضمن قائمة المناطق الاكثر حرارة في العالم    في الجلسة الثالثة حول «حقوق الإنسان بين التشريعات والسياسات العمومية والممارسات»    خريبكة.. الفيلم الصومالي "قرية قرب الجنة" يحصد الجائزة الكبرى    وفد سعودي اقتصادي رفيع يحلّ بالمغرب لاستكشاف فرص الاستثمار وتعزيز مستوى الشراكة    معهد الموسيقى في تمارة يتوج مساره الدراسي بتنظيم حفل فني    تطوان تستقبل وفد أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة في زيارة لتعزيز التعاون الثقافي    هل يطوي المغرب صفحة عبد السلام أحيزون؟ من "اتصالات المغرب" إلى مهرجان موازين وجامعة ألعاب القوى    معدل البطالة بين السعوديات يتراجع إلى 10.5%    "فرحتي كانت عارمة".. بودشار يحتفي بحفل جماهيري تاريخي في موازين    ماجدة الرومي تتألق في الرباط وتلتقي جمهورها المغربي ضمن فعاليات مهرجان موازين    كرة القدم.. المنتخب الإنجليزي يتوج بلقب بطولة أمم أوروبا للشباب    الشرقاوي ينفي عزمه الترشح لرئاسة نادي اتحاد طنجة والإطاحة بالرئيس الحالي كرطيط    جريمتي كانت تنفيذًا لأمر إلهي لإنقاذ إسرائيل من الشر    الجامعة تحدد أجل تجديد بطاقة المدرب    أكثر من 2000 مشارك من 3 قارات في مناظرة الذكاء الاصطناعي بالمغرب    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحم الله الأستاذ أحمد أفزاز.. المسؤول الحي
نشر في العمق المغربي يوم 09 - 10 - 2021

رحل عنا مؤخرا إلى دار البقاء (فجر الأربعاء 21 صفر 1443 // 29 شتنبر 2021) الأستاذ أحمد أفزاز رئيس المجلس العلمي الأسبق (أول رئيس مجلس علمي إقليمي) بوجدة، ولأنه كان من طينة خاصة، ولأنه كان رجلا مميزا في عمله وفي أدائه عموما، ومميزا في تعامله ومعاملاته مع الآخر، ومميزا في أخلاقه العالية الراقية، ولأني تشرفت بالعمل قريبا منه لمدة من سنين غير يسيرة، رأيت من الواجب أن أذكره هاهنا بما هو أهل له حقا وصدقا رحمه الله وأحسن إليه، وأنعم عليه جل وعلا بالرضا والرضوان.
في سياق حياة المرء، خصوصا ما يدرج في البدايات يبقى في الغالب راسخا متجذرا يصعب نسيانه أو تناسيه لما يترك من أثر بالغ إيجابا أو سلبا، وفي هذا الجانب أستحضر معلمي المرحلة الابتدائية خلال سبعينيات القرن الماضي، كان المعلمون وقتها أناسا ملتزمون بأداء الواجب إلى أبعد الحدود، وكانوا يتنافسون جبليا أي والله في ممارسة عملهم (تربية وتعليما) بأداء واع وقلب صاف، كان الواحد منهم مثلا يشرع في درسه حتى قبل أن تلج قدماه القسم حيث يكون التلاميذ قد انضموا إلى مقاعدهم قبلا، لينادي وهو في الممر المؤدي إلى القسم.."افتحوا الكتاب، الصفحة كذا !"، أو "Prenez vos ardoises !"، وكان المعلم معلما وموجها ومربيا وقدوة، وكلامه "دستورا مقدسا" بالنسبة للتلميذ..
كذلك كان الأستاذ أحمد أفزاز رئيسا للمجلس العلمي بلا أدنى مبالغة أو إطناب وقد كانت "طفولتي" الإدارية إلى جانبه ، كان رحمه الله يلج مكتبه قبل جميع الموظفين ويغادره بعدهم جميعا إلا في حال الالتزامات الخارجية، كان لا يبخل بالمعلومة أو بالتوجيه على الموظف ولا يرى فيما يعرفه امتيازا شخصيا "لا يجوز للآخر التطاول عليه"، وكان لا يرى في الموظف قصورا في إبداء الرأي، كما أنه لم يكن يرى أي حرج في تبني فكرة أو رأي يراه وجيها من موظف قد يكون مبتدئا أو ذا مستوى ليس بالضرورة "عاليا"، كان مربيا إداريا بالقدوة لا بالكلام، وكان بالمناسبة قليل الكلام/ كثير الحركة والعمل. وكان رحمه الله ينصت باهتمام، ويتجاوب بتواضع، كان يجمع في امتزاج عجيب غريب بين الحزم الشديد والتواضع البالغ، ولم يكن قط مسرفا ولا مبذرا ولا متهاونا حتى مع "أتفه" الملفات، كان يحرص على الدقة في الأداء والجدية في العطاء.
كان رحمه الله يوقر العلماء وأئمة المساجد وحملة كتاب الله دون تمييز، يخفظ الجناح لهم ويحسن الإنصات إليهم، ولم أشهد يوما أنه أهان أحدا منهم أو سمح بذلك.
كان يحترم من يتقن عمله، ويطلع على ذلك باهتمام، ولم يكن ليصنف عملا ما في خانة الشيء التافه، أو حتى الدرجة الثانية.
كان رحمه الله يطلع شخصيا بكل الاهتمام وبمنتهى الجدية على جميع الوثائق، الصادر منها والوارد، ويبدي ملاحظاته، وأحيانا غضبه من الأخطاء التي لا ينبغي أن تكون، فلقد كان في العمل الإداري كالملح الذي يقي اللحم من الفساد..
هذا، ولم أشأ الحديث عن جانب اضطلاعه بمهام إدارية أخرى في مساره المهني، فذاك شأن لم يكن يعنيني على الأقل بشكل مباشر، غير أنه لابد من الإشارة إلى أنه خلال فترة ما، حين كان مفتشا عاما بوزارة العدل، كان ملتزما بالحضور بمقر المجلس العلمي الاقليمي بوجدة حيث كان رئيسا كل نصف شهر (وجوبا)، فكان يهتم بشؤون المجلس العلمي بشكل عملي ومباشر حين يحضر أيام الخميس والجمعة والسبت ليغادر مجددا إلى الرباط، فكانت الأيام الثلاثة التي يقضيها بوجدة كل خمسة عشرة يوما غنية حافلة بالعمل الجاد والعطاء والتجاوب مع كل صغيرة وكبيرة، وكان مكتبه لا يعرف السكون، لكن "غيابه" إلى الرباط لم يكن غيابا حقيقيا (ظاهرا)، كان على اتصال دائم ومستمر، حتى أنه لم يكن يتأخر في التجاوب أو البت أو التوقيع على الوثائق المختلفة التي توجه إليه، بل إن التعامل الإداري كان ذكيا للغاية بحيث إن خلاصات العمل المتصل باختصاصات المجلس العلمي كانت تصل الإدارة المركزية مفصلة مختومة وموقعة من قبله قبل جميع المجالس العلمية الإقليمية وقتئذ بالمملكة.. !
لقد كانت مجمل أنشطة المجلس العلمي خلال شهر رمضان على سبيل المثال ترسل موثقة بتفاصيلها وجزئياتها/ مؤرخة/ في فاتح شوال (أي يوم عيد الفطر) !
هذا قليل جدا من كثير جدا مما يمكن البوح به في جانب يسير من مسار الأستاذ أحمد أفزاز انسجاما مع فلسفته وأسلوبه الذي لم يكن يميل لحب الحديث عن الذات، فمما تميز به ويعرفه كثير ممن عاشروه أنه لم يقل قط "أنا"، ولم يرغب قط في أن ينسب عملا قام به أو أنجزه لشخصه، كان يقول إذا سئل، وهو رئيس للمجلس العلمي، عن عمل معين، "قام به المجلس العلمي"، وحتى حين كان بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كاتبا عاما، كان دائما وفي جميع الحالات، يقول "الوزارة عملت كذا" أو "أنجزت كذا"، ولم يربط أبدا عملا ما بشخصه.
رحم الله أستاذنا وفقيدنا، وأكرم مثواه، وأسعده بلقاء ربه مغفورا له، منعما عليه مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولائك رفيقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.