جوزي أرنو : دعم البرتغال الكامل للمخطط المغربي للحكم الذاتي قرار بالغ الأهمية    انعقاد مجلس الحكومة غدا الخميس    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الإنخفاض    الصين تدعم المغرب لتطوير شبكة السكك الحديدية عبر أسرع قطارات العالم    في المؤتمر الإقليمي السابع للحزب بتطوان .. إدريس لشكر: سيكتمل انفتاح تطوان المتوسطي بواسطة ميناء الناظور، الذي سيجعل من هاتين المدينتين مفتاحا لكل العمليات التجارية والاقتصادية    وكالة بيت مال القدس الشريف توقع اتفاقية مع مستشفى المقاصد لإيواء مرضى ومرافقيهم من قطاع غزة    يواجهن منتخب نيجيريا يوم السبت في نهائي قوي .. ضربات الترجيح تُقَرِّبُ لبؤات الأطلس من لقبهن القاري الأول    جمعية أمل إنزكان تفوز بكأس العرش للسباحة بالزعانف            الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    السكتيوي يعلن عن اللائحة النهائية للمنتخب المغربي المشاركة في "كان" المحليين    الكنيست يؤيد بالأغلبية اقتراحا يدعم "ضم" الضفة الغربية المحتلة    ‬أعلنت ‬الحكومة ‬الإسبانية ‬في ‬مارس ‬2022 ‬دعمها ‬لمشروع ‬الحكم ‬الذاتي ‬و ‬اعتبرته ‬يمثل ‬الأساس ‬الأكثر ‬جدية ‬و ‬مصداقية ‬لحل ‬النزاع    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    اشغال اللقاء التواصلي والاستشاري لتجويد أشغال الشرفة الأطلسية بالعرائش        أصيلة.. ايقاف شخص مبحوث عنه يشتبه في تورطه في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    رحيل الفنان التشكيلي عفيف بناني.. أحد رواد الريشة المغربية وصاحب "قصبة تينزولين"    فن اللغا والسجية.. مولات السر سوليكا القديسة/ ديوان تلاميذي تجربة رائدة اولاد العرام ديوان يعكس المجتمع (فيديو)    المغرب وغامبيا يجددان إرادتهما المشتركة لجعل شراكتهما نموذجا للتعاون الإفريقي    رقصة الافعى محور الندوة العلمية لمهرجان ايقاعات لوناسة بتارودانت    اختتمت المعرض الجهوي للمنتوجات الفلاحية بإقليم الحسيمة    بعد 15 جلسة وتأخر دام شهورا.. محكمة فاس تسقط المسؤولية الجنائية عن قاتل شرطي الحسيمة    تسجيل أكثر من 100 ألف عضة و33 وفاة بالسعار في 2024 بالمغرب    لأول مرة بإفريقيا.. المغرب ينجح في زراعة جهاز تنظيم ضربات القلب اللاسلكي    تنظيم مهرجان كانگا إفريقيا 2025 بتارودانت    غدا تنطلق فعاليات الدورة 19 لمهرجان تويزة    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري مع اليابان يتضمن خفض الرسوم الجمركية إلى 15%    أكثر من 100 منظمة تحذر من "مجاعة جماعية" في قطاع غزة    نقابة تحذر من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب وتشكك في معدل النمو    أمن أكادير يحقق في دخول سيارة أجنبية إلى رمال الشاطئ    مهرجان "إيكودار" يعود في دورته السابعة بإداوكنظيف: الثقافة الحية عنوان للاحتفاء بالتراث والتنمية    معرض الصناعة التقليدية والفن التشكيلي يضيء فعاليات ربيع أكدال الرياض في دورته الثامنة عشرة    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بتنظيم المجلس الوطني للصحافة    غزة تموت جوعا… التجويع الإسرائيلي يقتل 10 فلسطينيين خلال 24 ساعة    قيوح يشرف على إطلاق أشغال تهيئة المنطقة اللوجيستيكية أولاد صالح بإقليم النواصر    جامعة لقجع تحدد موعد افتتاح أول مكتب إقليمي للفيفا بشمال إفريقيا من الرباط    المغرب يتجه نحو إصلاح جذري في السياسة الدوائية    دراسة: متلازمة القولون العصبي لا ترتبط بحساسية الغلوتين    ارتفاع الأسهم الأوروبية بعد اتفاق تجاري بين واشنطن وطوكيو    أنفوغرافيك | ماذا نعرف عن موقع المغرب في مؤشر المواطنة العالمي لسنة 2025؟    باكستان: 221 شخصا لقوا مصرعهم في الأمطار الموسمية    المغرب ثاني أكثر دولة في العالم استهدافا بالهجمات السيبرانية خلال أسبوع    الصين تفتح سوقها أمام المغرب: إعفاء جمركي شامل يدعم المبادلات التجارية ويعزز الشراكة الاستراتيجية    الجديدة: موسم التين للتبوريدة في نسخته الثانية    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    النهضة البركانية تحتفي بدرع البطولة    السر في ملعب الحسن الثاني … لماذا يؤجل الفيفا الإعلان عن ملعب نهائي كأس العالم 2030 …؟    بنك المغرب يختبر العملة الرقمية    لاعب اتحاد طنجة عبد العالي معاطي يستعد لمغادرة الفريق نحو الزمالك    كاتب إسرائيلي: إسرائيل تُنفذ الآن خطة نازية للتطهير العرقي في غزة    بمشاركة دراكانوف ولازارو ومصطفى ترقاع.. الناظور تحتضن النسخة 11 من المهرجان المتوسطي    ‮ «‬تهريج‮»،‮ ‬و«بلطجة‮» ‬و‮… ‬حكامة بلا سياسة‮!‬    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في كتاب "انتفاضة الشاوية 1907 دراسة، وثائق تاريخية، ملاحق أدبية" للمؤلف أحمد زيادي
نشر في العمق المغربي يوم 07 - 12 - 2021

تعتبر انتفاضة الشاوية سنة 1907 من الوقائع الحاسمة في تاريخ المغرب الحديث، وقد عبر المؤرخون عن هذه الملحمة حيث يقول عبد الرحمن بن زيدان أنها أعظم الوقائع الشعبية المفتكة للكبد، وقد تزامنت هذه الأحداث مع فترة اشتدت فيه قوة الاستعمار، وخاصة بعد احتلال فرنسا لمدينة وجدة قبل الحدث بأربع شهور.
لعبت المقاومة بالشاوية دورا طلائعيا في الدفاع عن الدار البيضاء في حدث جدب الرأي العام المغربي باعتباره حدثا وطنيا بارز عبر عن صمود البيضاويين أمام الزحف الاستعماري الفرنسي. وأوضح المؤلف احمد زيادي سبب اهتمامه بالموضوع والمتمثل أساسا في الأوصاف الشنيعة التي وصف بها الاستعمار رجال المقاومة، وتشبيه هذه الملحة التاريخية بالفوضى بغية تجريدها من أصولها التاريخية.
لقد كانت الغيرة الوطنية الصادقة أبرز الدوافع التي جعلت المؤلف يؤلف هذا الكتاب، والذي يحمل في طياته الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الانتفاضة وظروفها وأجوائها.
ينقسم الكتاب إلى قسمين: الأول تطرق فيه الكاتب أحمد زيادي لأسباب الانتفاضة وعواملها المحلية والوطنية وإرهاصاتها، وأهم وقائعها، ثم كشف عن جوانبها الوطنية، وخلص إلى أهم نتائجها بشقيها الإيجابي والسلبي.
أما في القسم الثاني فقد اكتفى الكاتب باستحضار بعض الملاحق التاريخية ووثائق وصور تؤرخ للحظة ثم أورد فيه نصوصا لبعض المؤرخين المعاصرين للحدث. وفي هذه القراءة سنحاول أن نلخص ابر ما تضمنه الكتاب حول هذه الواقعة. وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب يتضمن بعضا من أبيات الشعر المتناثرة من زجالين وأقوال وقصائد من كانوا شهود عيان.
أسباب الانتفاضة*
لم تكن الانتفاضة الشعبية لقبائل الشاوية وليدة الصدفة، بل جاءت كنتيجة لرد ضغوطات المستعمر الغاشم الذي شرع في نبش وتخريب المقبرة الإسلامية، والاعتداء على أملاك المواطنين المغاربة. ومد السكة الحديدية وغيرها من العوامل التي اعتبرت إهانة لسكان قبائل الشاوية، إضافة إلى مخلفات سنة 1904 التي تحصل فيها الفرنسيين على حق مراقبة الموانئ المغربية، واستخلاص مدخول الجمارك.
ومن هذا المنطلق يتضح إذن أن تلك الانتفاضة الشعبية ليست عملا فوضويا كما أشار البعض ولا اندفاعيا عشوائيا، وإنما كان إحساسا جماعيا وفرحة وطنية منذرة بالمأساة.
بيّن أيضا المؤلف أحمد زيادي في كتابه هذا ذلك التضامن بين مختلف مكونات المجتمع المغربي لمقاومة المستعمر كما أن أمناء الجمرك، وأعيان المدينة مساندين ومتضامنين مع الانتفاضة الشعبية والتي من خلالها عارض كبار المسؤولين الإصلاحات الجديدة التي يتبعها المستعمر. إنها إذن ملحمة التحم فيها العنصر الاجتماعي بالتلقائية الفطرية، وافرز غضبا شعبيا على سياسة المخزن وممثليه.
*- العوامل المحلية الخاصة*
تتعدد العوامل المحلية لانتفاضة الشاوية والتي وضع على سقفها منافسة الأعيان لبعضهم البعض وتمرد جنود مدينة الدار البيضاء لعدم تقاضيهم لأجورهم، وكذلك انتشار المجاعة والقحط في مدينة الشاوية وارتفاع الأسعار وانتشار وباء التيفوس والجدري، فضلا عن بغض السلطان المولى عبد العزيز عن أهل الشاوية وما كان يسميهم إلا بالفاسدين لكونهم يميلون لأخيه المولى عبد الحفيظ. إضافة إلى ذلك أدرج أحمد زيادي عاملا أساسيا يتجلى في تدهور سلطة المخزن في العديد من نواحي البلاد واتساع رقعة مناطق السيبة وامتداد تدخل فرنسا في المنطقة.
*- العوامل الوطنية*
من العوامل الوطنية التي فتحت أعين أهل الثغر البيضاوي وقبائل الشاوية نذكر أكبر ثورة هددت وحدة البلاد واستقلاله وهي ثورة بو حمارة، التي زعزعت النظام العام وشكلت انحلالا للسلطة وضعف المخزن أمام ضغوطات الأجانب، وازدياد النفوذ الفرنسي فضلا عن دور المقاوم ماء العينين في تحفيز رجاله، حيث استطاع أن يبث فيهم جو مفعم بالعداء لفرنسا. ومن العوامل أيضا أشار المؤلف إلى حدث مقتل الطبيب الفرنسي 《موشان》و هو الحدث الذي اتخذته فرنسا درية للتخلص من ميثاق الجزيرة الخضراء. ويمكن ن نشير هنا أيضا إلى الشروط المجحفة في حق المخزن للجلاء عن وجدة، والتي اعتبرت مساسا بكرامة المغرب وتدخل في سياسة البلاد.
*- إرهاصات الانتفاضة:*
كانت قبائل الشاوية تتسارع لاقتحام المعارك من القوات الأجنبية ايام الدار البيضاء الدامية في غشت 1907. والملاحظ أن هذه الحركة كانت إرهاصا أو تجربة أولى من الهفوات أو حالت الظروف العامة بينها ويبين تحقيق غاياتها المنشودة.
*- وقائع الانتفاضة:*
إن وقائع هذه الانتفاضة تمثل في إشعال فتيلها فهم المرشحون دائما للأتعاب والقتال، في أول أيامها قام الثوار بانتزاع السكة الحديد وانقلب القطار ناحية الصخور السوداء. بالغت الصحافة في تهويل الحدث وسمتها جريدة السعادة مذبحة الدار البيضاء، حيت أمر المفوض الفرنسي بقصف المدينة واحتلالها وتأديب القبائل. وفي اليوم الثاني احتلت المدينة بالخير والمشاة، وتم اقتحام المراسي وفي اليوم الثالث حلت البارحة البحرية بالدار البيضاء. إن تلك الأيام شهدت المدينة هلعا وحربا دموية عنوانها الذعر والخوف نتيجة تهاطل الرصاص وكور المدافع.
– انتفاضة الشاوية بين الوطنية والفوضى
في خضم هذه الأحداث عرض صاحب الكتاب آراء المؤرخين المعاصرين للواقعة حيث أجمع معظمهم بأن الثوار ليسوا سوى فاسدين وسفهاء، غايتها لا تعدو أن تتجاوز النهب والسلب، وأكد أن الانتفاضة حملت طابعا دينيا ورغبة في الدفاع عن البلاد. وفي نفس السياق يحيلنا هذا القول إن السلب والسرقة والشغب لا تخلو من أي معركة على مر التاريخ، والفاعلين فيها غالبا ما يعيشون على هامش الحياة، هي حتما تلك الفئة المظلومة اجتماعيا والمكبوتة نفسيا تستغل الفرص لتحقيق الذات. وبالتالي فضعف المخزن وتشتت القبائل أعطى نفسا المستعمر، وجند هذا الأخير كل الوسائل المتاحة لتشويه الانتفاضة ونعتها بأذل النعوت وتجريدها من معاني الوطنية.
إن سلبيات هذه الانتفاضة كما يوضحها المؤلف في كتابه أن المستعمر اتخذ هذا الحدث لتأكيد مقررات مؤتمر الجزيرة الخضراء، واتخذ مدينة الدار البيضاء منفذا للتوسع في أراضي الشاوية وأحكم قبضته على مالية الدولة بعد تسديد يطالب التعويضات، واعتقل قائد الدار البيضاء بوبكر بوزيد وزعمائها.
تسببت انتفاضة الشاوية بسقوط نظام المولى عبد العزيز المتردي و مبايعة أخيه المولى عبد الحفيظ بيعة مشروطة. ويشير أحمد زيادي أيضا إلى دور القبائل المجاورة وحتى البعيدة من مختلف المناطق المغربية التي زحفت نحو الغرب لمساندة المقامة بالشاوية، وهذا يبين ذاك الإحساس بالوطنية والعداء للكافر، كما أنها كانت ناقوس خطر مبكر نبه المغاربة بضرورة القطع مع الصراعات القبلية والإتحاد لطرد المستعمر الغاشم، ثم إنها أحيت الروح الدينية والقومية، لكن التشرذم السياسي وتواطؤ الخونة مع الاستعمار حال دون تحقيق الهدف المنشود.
* عبد الصادق قباب / أستاذ باحث في التاريخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.