صرّح الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي بأنه بات واضحًا الآن، ولأول مرة منذ بدء الحرب على غزة، أن إسرائيل تُنفذ خطة تطهير عرقي واضحة ومُتعمدة، تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة. وأضاف أن القيادة الإسرائيلية لم تعد تتصرف فقط ردًا على حماس، بل تسعى استراتيجيًا لتحقيق هدف إفراغ القطاع المحاصر من سكانه الفلسطينيين.
في مقاله المنشور في صحيفة هآرتس، قارن ليفي السياسات الإسرائيلية بالأساليب التي استخدمتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية لتسهيل هجرة اليهود. في ذلك الوقت، أُنشئت وكالة مركزية لهذا الغرض، برئاسة أدولف أيخمان. وأشار إلى أن جوزيف برونر، والد رئيس الموساد الحالي ديفيد برنياع، كان في الثالثة من عمره فقط عندما فرّ من ألمانيا النازية مع والديه، قبل تنفيذ خطة إجلاء اليهود. يشير الكاتب ذو الميول اليسارية إلى أن ديفيد برنياع، حفيد لاجئ يهودي فرّ من التطهير العرقي النازي، سافر إلى واشنطن الأسبوع الماضي لمناقشة إجلاء سكان غزة. وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن برنياع أبلغ مسؤولين أمريكيين أن إسرائيل دخلت في محادثات مع ثلاث دول لإقناعها باستقبال النازحين الفلسطينيين. يشعر ليفي بالغضب من المفارقة التاريخية المأساوية، حيث يتحدث برنياع – وهو سليل ضحايا النازية – علنًا عن التطهير العرقي ضد الفلسطينيين دون أن يذكر ولو مرة واحدة ذكرى المحرقة ويكشف المقال أن المرحلة الأولى من خطة طرد مليوني فلسطيني ستشمل نقل عدد كبير منهم إلى معسكر اعتقال، لتسهيل عملية ترحيل أكثر فعالية. ويشير إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) قدمت مؤخرًا تقريرًا استقصائيًا يستند إلى صور الأقمار الصناعية، يُظهر التدمير الممنهج الذي ينفذه الجيش الإسرائيلي في جميع أنحاء قطاع غزة: محو قرى بأكملها من الخريطة تمهيدًا لبناء معسكر اعتقال، مما يجعل أي حياة مستقبلية في المنطقة مستحيلة. ويكتب ليفي أن إسرائيل ترتكب جريمة ضد الإنسانية بصمت، وتدمر بشكل منهجي كل إمكانية للحياة في المنطقة، بينما تقوم بإعداد البنية التحتية لجمع الفلسطينيين في "مدينة إنسانية" من شأنها أن تكون معسكر عبور قبل ترحيلهم إلى ليبيا وإثيوبيا وإندونيسيا – وهي الوجهات التي ذكرها برنياع، وفقًا للقناة 12. ويصف هذا العمل بأنه خطة طويلة الأمد للتطهير العرقي، مؤكدًا أنه لا يمكن لوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد الآن على شن حرب بلا هدف: "هناك بالفعل هدف، وهو هدف إجرامي". ويخلص ليفي إلى أن الجنود الإسرائيليين لا يموتون عبثًا: إنهم يموتون في حرب تطهير عرقي. ويجادل بأنه في حين أن مشروع "المساعدات الإنسانية" قد أودى بحياة مئات الفلسطينيين بالفعل، فإن خطة الترحيل قد تقتل عشرات الآلاف، محذرًا من أنه لا يبدو أن أي عائق قادر على منع إسرائيل من تنفيذ خطتها، مما يشير إلى درجة عالية من التواطؤ الدولي. وفي مقارنةٍ ساخرةٍ يختتم ليفي مقالته بالإشارة إلى ديفيد برنياع، ليس بصفته رئيس الموساد، بل بصفته رئيس "الجهاز المركزي الجديد للهجرة الفلسطينية". ويصفه بأنه "مسؤولٌ رفيعٌ مطيعٌ للأوا مر و لم يُعرف عنه أيَّ خلافٍ مع رؤسائه". ويسأل: "بماذا يُذكركم هذا ؟" ثم، بسخرية لاذعة، اختتم حديثه: "إذا طُلب منه إنقاذ الرهائن، فهو سيفعل. ولكن إذا طُلب منه التحضير لترحيل ملايين الأشخاص، فهي مهمة لن يجد فيها أي مشكلة. فهو في النهاية ينفذ الأوامر فحسب".