استنفرت السلطات الترابية بطنجة لجنة تقنية مختلطة عقب رصد تسربات غير مألوفة بمحيط الميناء الترفيهي "طنجة مارينا باي"، في واقعة اعادت طرح اشكالية حكامة تصريف المياه العادمة بالمجال الساحلي، وسلطت الضوء على التوتر القائم بين التوسع السياحي ومعايير الاستدامة البيئية، خاصة في منطقة حاصلة على شارة اللواء الازرق. وافادت مصادر ميدانية، استقتها جريدة طنجة 24 الالكترونية، ان اللجنة المعنية باشرت معاينة تقنية لنقطة تفريغ مشبوهة على مستوى القناة المائية الرابطة بين المارينا والواجهة الشاطئية الغربية، يشتبه في ارتباطها باحدى المنشآت السياحية المجاورة. واوضحت المعطيات ذاتها ان تسربات مائية ذات لون ورائحة غير معتادة ظهرت خلال الساعات الاخيرة من مساء الاثنين، وتسببت في تغير بصري ملحوظ في لون المياه، ما اثار استياء مرتادي الواجهة البحرية ومستخدمي القوارب الترفيهية، وافضى الى توثيق عدد من المقاطع المصورة التي جرى تداولها على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي. وباشر الفريق الميداني المختص اخذ عينات مائية بغرض اخضاعها لتحاليل مخبرية دقيقة لدى مختبر معتمد، على ان تحال نتائجها فور توفرها الى السلطة الولائية، لاتخاذ الاجراءات الادارية او الزجرية المنصوص عليها في القوانين التنظيمية المرتبطة بحماية البيئة الساحلية ومراقبة تدبير النفايات السائلة. كما يرتقب ان يعقد اجتماع تقني خلال الايام المقبلة لتقييم وضعية الشبكة المحلية لتصريف المياه العادمة، ورصد الثغرات المحتملة في انظمة العزل والتصفية. وتأتي هذه الواقعة في سياق حساس، يتسم بارتفاع الضغط البشري على الشريط الساحلي لطنجة بفعل التدفقات السياحية الموسمية، وما يستتبع ذلك من ارتفاع مؤشرات التلوث العرضي، في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية لبعض الشبكات التقنية، ووجود عدد من المنشآت السياحية الكبرى بمحاذاة المجال البحري دون حواجز تصريف مضبوطة او انظمة معالجة داخلية. وكانت مارينا طنجة قد حصلت مطلع الموسم على تجديد لشارة اللواء الازرق، وهو تصنيف بيئي دولي تمنحه مؤسسة التعليم البيئي بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، ويشترط فيه احترام عدد من المؤشرات المرتبطة بجودة المياه، ونظافة المحيط، وتوفر اليات السلامة، وشفافية المعلومات البيئية. وينتظر ان يخضع الوضع الحالي لتقييم خاص من طرف اللجنة الوطنية لتدبير البرنامج، تحسبا لاحتمال تعليق او سحب الشارة في حال ثبوت خروقات مؤثرة. وتشكل حماية الحزام الساحلي لطنجة رهانا استراتيجيا ضمن التوجهات الوطنية المرتبطة بالتنمية المستدامة، في ظل مكانة المدينة كواجهة بحرية متوسطية واطلسية في آن واحد، وسعيها للارتقاء الى مصاف الحواضر المستقطبة للاستثمار السياحي والاقتصادي ضمن رهانات اجندة 2030. غير ان تقاطعات التوسع العمراني، ومحدودية التجهيزات البيئية، والضغط الموسمي، تظهر الحاجة الملحة الى مقاربة مندمجة تعيد التوازن بين الاستغلال والترشيد، وتحمي المصالح الجماعية على المدى الطويل.