أشعل مقطع فيديو يظهر فيه الأمين العام لحزب "العدالة والننمية" عبد الإله بنكيران، وهو يشارك في رقصة "أحواش" التقليدية خلال افتتاح المؤتمر الجهوي لحزبه بأكادير مساء السبت 5 يوليو 2025، فتيل الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي. فبعد أيام قليلة من شن هجوم عنيف على مهرجان "موازين" بدعوى التضامن مع القضية الفلسطينية وغزة، كيف يمكن تفسير هذا التناقض الصارخ بين الموقف والحدث؟. لم يمض وقت طويل على تصريحات بنكيران التي أدان فيها تنظيم مهرجان "موازين" في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها غزة، داعيًا إلى تجميد الفعاليات الاحتفالية تضامنًا مع الفلسطينيين. موقف لقي تفاعلا واسعا، ما بين مؤيد ومعارض، بيد أنه رسخ صورة الزعيم الملتزم بقضايا الأمة والمدافع عن قيمها. ولكن، المشهد الذي تلاه، والذي ظهر فيه بنكيران يتمايل على إيقاعات "أحواش" وسط حشد من أنصاره، أحدث صدمة لدى الكثيرين. وتساءل الكثيرون عن كيف يمكن لمن يدعو إلى الحداد والتضامن، ويرفض التظاهرات الفنية بحجة مراعاة مشاعر الشعوب، أن ينخرط هو نفسه في رقصة شعبية، وإن كانت ضمن فعاليات حزبية؟، هذا التناقض المثير للجدل، فتح الباب واسعا أمام اتهامات "ازدواجية المعايير" التي طالما واجهت بعض السياسيين. فالمواطنون يتساءلون: هل المبادئ قابلة للتكيّف حسب السياق، أم أنها ثابتة لا تتغير؟. سارعت الأقلام على منصات التواصل الاجتماعي إلى وصف سلوك بنكيران ب"ازدواجية المعايير"، مستنكرين هذا التضارب الواضح. فكيف لمن ينتقد مهرجانات فنية كبرى بدعوى الحساسية تجاه الظرفية السياسية والإنسانية، أن يشارك بنفسه في احتفالية، ولو كانت ذات طابع حزبي؟ هذا السلوك، بحسب المنتقدين، يفرغ الخطاب الأخلاقي الذي لطالما رفعه حزب العدالة والتنمية من مضمونه، ويجعله عرضة للتشكيك أمام الرأي العام. البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن هذا السلوك "الانتقائي" يفقد الخطاب المبدئي للحزب مصداقيته. فالتضامن مع غزة ليس شعارا يرفع عند الحاجة أو ظرفا يستغل لمهاجمة فعاليات معينة، بل هو موقف أخلاقي شامل يتطلب الاتساق والثبات في جميع السياقات. فهل كانت رقصة "أحواش" هذه مجرد زلة، أم أنها تكشف عن مرونة في التعامل مع المبادئ تتجاوز ما هو معلن؟. حاول البعض تفسير مشاركة بنكيران في رقصة "أحواش" بأنها محاولة لإعادة بناء جسور الثقة مع ساكنة سوس، خاصة بعد الانتقادات التي طالته في السابق من فعاليات أمازيغية بخصوص بعض مواقفه. فهل يمكن لرقصة أن تمحو تراكمات مواقف سابقة أثارت استياء النشطاء الأمازيغ؟.