دخل المغرب المرحلة الجديدة غير المسبوقة في تاريخه ولا في تاريخ القارة الأفريقية، مع بدء الاستعدادات الجارية بدينامية عالية، لاستضافة بطولة كأس العالم 2030، بشكل مشترك مع البرتغال وإسبانيا، باعتبار أن هذا الحدث العالمي هو أكبر من مجرد تظاهرة رياضية عالمية، لأنه يشكل بالنسبة لبلادنا رافعة إنمائية قوية، ومحفزاً لتحولٍ من مستوى التحولات الاستراتيجية التي تتيح الفرص الثمينة بأعلى سقف، وعلى جميع المستويات، لتسريع عمليات البناء الاقتصادي والاجتماعي، وللرفع من وتيرة التنمية الشاملة والمستدامة ، ولولوج مسار تنموي جديد وبلا حدود. وهو الأمر الذي يقوم شاهداً على تجسيد الإرادة الملكية السامية المنبثقة عن الرؤية الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله و أيده، في تعزيز دعائم المغرب الجديد الصاعد بدينامية إيجابية فاعلة ومؤثرة، في مراتب الدول القادرة على صناعة حاضرها وبناء مستقبلها ، وعلى أن تكون نموذجاً جذاباً ومغرياً للدولة المتطورة التي ترفع التحديات، وتذلل الصعاب، وتحل المشاكل الناتجة عن توالي مراحل التطور وضخامة المسؤوليات التي تتحملها ، بالحكمة وحسن التصرف ونجاعة السياسة، وبالعلم في التخطيط وفي هندسة المشروعات الكبرى، وبالتكنولوجيا والابتكار . في كلمة له ألقاها أمام منتدى (المغرب اليوم )، الذي نظمته مجموعة (لوماتان) بالرباط ، قال عزيز أخنوش رئيس الحكومة، إن المغرب اليوم ورش مفتوح، إذ أن هناك بنيات تحتية تستجيب لأرقى المعايير الدولية، وشبكة قطارات فائقة السرعة، ومطارات محورية كبيرة، وطرق مدارية وسريعة، وطرق حضرية واسعة، وبنيات سياحية وصحية، وكلها أوراش، ضمن أخرى عديدة، تم إنجازها من خلال الاستراتيجيات القطاعية الوطنية، في إطار من الحكامة الرشيدة والمرنة والشفافة. والحق الذي لا مراء فيه، أن تدفق الاستثمارات، سواء الوطنية أو الأجنبية، تفعيلاً لميثاق الاستثمار الجديد، تكرس هذه الدينامية الدافعة والمحفزة، في جميع القطاعات، بقدرما يعكس هذا التدفق الذي لا ينقطع، في الاستثمارات، التحول الاقتصادي الكبير الذي لا مثيل له في ما مضى، والذي هو تحول مبتكر وتنافسي، يؤدي إلى خلق القيمة المضافة، ويوفر فرص الشغل لشبابنا وشاباتنا، ويضمن الفرص نفسها، أو أفضل منها، للأجيال المغربية القادمة. وهو المدلول العملي للاستدامة التي يسعى المغرب جاهداً لتكون الطابع المميز للتنمية في بلادنا. وقد طرحت أفكار إنمائية بناءة في منتدى (المغرب اليوم) الذي عقد تحت شعار (مغرب 2030 : ترسيخ أسس أمة عظيمة)، رسمت معالم الطريق أمام القطاع العام والقطاع الخاص، للعمل، وبروح الفريق المتجانس و المتماسك، من أجل ضمان الشروط الموضوعية لبناء مغرب الغد. والواقع أنه لا فارقَ حاجزاً بين البناء للحاضر وبين البناء للمستقبل ، لأن الحكمة المستخلصة من التاريخ، أن المستقبل يبدأ الآن، و ليس غداَ، كما يُتوهم. ولئن كان هذا الحدث الدولي الكبير يتيح للمغرب الفرص الثمينة، التي لا تعد ولا تحصى، فإن المعول عليه، في هذه المرحلة المفصلية، هو النجاعة والجدية والشعور العميق بالمسؤولية، في استثمار هذه الفرص التي نصفها بأنها بأعلى سقف، على نحو يراعى فيه العدالة المجالية، بأدق المعاني، والالتزام بحقوق المواطَنة، والاحترام بمبدأ الإنصاف . إن المغرب يقف على رأس مرحلة ستدخل التاريخ من بابه الواسع. فهذا بلد ينمو باطراد، وأخذ في الولوج لنادي الدول الصاعدة، وشعب يتهيأ لنقلة نوعية ترفع مقامه، وتضمن العيش الكريم لجميع فئاته، في إطار عدالة اجتماعية ومبادئ دستورية، وفي ظل الاستقرار والأمن والسلم الأهلي والتضامن والتكافل والوئام. فلا يجوز، وبأي حال من الأحوال، أن تترك هذه الفرص لعدم الاستثمار المحكم و المتقن، لأنه استثمار في المستقبل، في البدء والختام.