في خطوة استراتيجية تعكس الرؤية الملكية الاستباقية، شرع المغرب في تنفيذ أحد أكبر مشاريعه الوطنية في مجال الاستعداد للكوارث، عبر إحداث منصات جهوية متقدمة لتخزين الاحتياطات الحيوية. جهة مراكش – آسفي تحتضن واحدة من أبرز هذه المنصات، كلبنة أساسية في منظومة وطنية متكاملة تهدف إلى تعزيز الجاهزية وتسريع الاستجابة عند وقوع الأزمات. وانطلقت، في الأسابيع الأخيرة، أشغال إنجاز منصة جهوية للمخزون والاحتياطات الأولية الخاصة بجهة مراكش – آسفي، على مستوى الطريق الوطنية رقم 7 قرب مدينة تامنصورت، في خطوة تجسد رؤية استباقية لتعزيز قدرات التدخل في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية. وتندرج هذه الأشغال ضمن برنامج وطني شامل، يأتي تفعيلاً للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى إحداث منصات جهوية كبرى مخصصة لتخزين الاحتياطات الحيوية، بما يضمن تعبئة فورية وفعالة عند الحاجة. ومن المرتقب أن تضم منصة جهة مراكش أربعة مستودعات، تمتد على مساحة إجمالية تبلغ 20 ألف متر مربع، وتشكل جزءاً من منظومة وطنية متكاملة تشمل 12 منصة موزعة على مختلف جهات المملكة. وتم اختيار موقع هذه المنصة وفق معايير دقيقة ترتكز على تحليل شامل للمخاطر التي قد تهدد الجهة، وعلى دراسة لأفضل الممارسات الدولية المعتمدة في هذا المجال، بهدف ضمان أعلى درجات الأمان والفعالية التشغيلية. ويُعد هذا المشروع مكوناً أساسياً من البرنامج الوطني الذي تم تقديم خطوطه العريضة لجلالة الملك محمد السادس شهر ماي الماضي، والذي خصص له غلاف مالي يناهز 7 مليارات درهم، منها 2 مليار درهم لأشغال البناء و5 مليارات لاقتناء المواد والتجهيزات الأساسية. وسيتم تدبير محتويات هذه المنصات من قبل فرق متخصصة، وفق معايير صارمة تستجيب للضوابط المعمول بها دولياً في مجال الإغاثة والتدخل السريع. وستمتد هذه المنشآت على وعاء عقاري إجمالي يقارب 240 هكتاراً، وتضم 36 مستودعاً، يتم توزيعها حسب كثافة السكان وطبيعة المخاطر المحتملة بكل جهة. ويهدف المشروع إلى ضمان جاهزية الدولة لتوفير تدخل فوري يشمل الإيواء، والإطعام، والرعاية الصحية، وتوفير المياه والكهرباء للسكان المتضررين. وفي هذا السياق، سيتم تأمين 200 ألف خيمة متعددة الوظائف، مدعومة بأسرة وأغطية، بالإضافة إلى تجهيزات المخابز والمطابخ المتنقلة، ووجبات غذائية جاهزة. كما ستوفر المنصات وسائل لتصفية ومعالجة مياه الشرب، ومولدات كهرباء قابلة للنقل لتغطية احتياجات المناطق المنكوبة. كما تشمل التجهيزات معدات تدخل لمواجهة الفيضانات، والزلازل، والانهيارات الأرضية، والحوادث ذات الطابع الكيميائي أو الإشعاعي، إلى جانب تعبئة مستشفيات ميدانية تضم في مرحلة أولى ستة مستشفيات بطاقة 50 سريراً لكل منها، على أن يتم رفع العدد في مرحلة لاحقة إلى 12 مستشفى ميدانيا مجهزا بوحدات طبية متعددة التخصصات. ويطمح المغرب من خلال هذا البرنامج إلى تطوير بنيته التحتية الخاصة بالتدخلات الاستعجالية، ورفع جاهزيته لمواجهة الأزمات بما يعزز مناعته الوطنية، ويساهم في تسريع وتيرة الإغاثة وتوسيع نطاقها. كما سيتيح المشروع بناء مخزونات استراتيجية قادرة على تلبية ثلاثة أضعاف الحاجيات التي تمت تغطيتها خلال زلزال الحوز، إلى جانب خلق منظومة صناعية وطنية لإنتاج تجهيزات ومعدات التدخل الفوري.