محمد الصبار: الدبلوماسية النشيطة للمغرب وتوالي الاعترافات بمغربية الصحراء أحدثا تصدعا داخل جمهورية الوهم لا تخفى انتهاكات «الجبهة الانفصالية» ضد القاطنين بمخيمات تندوف، على كل المتتبعين للشأن السياسي والحقوقي في العالم، فالاحتجاز والتعذيب والاختطاف باتت من الأساليب المعتمدة لدى «البوليساريو» خاصة في حق كل من انتفض ضد نظامها الوهمي، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل يمتد في غالب الأحيان إلى التصفية والقتل المتعمدين، وهو ما سبق وكشفته تقارير دولية سابقة، نددت من خلالها جمعيات حقوقية بضرورة التدخل لحماية «المختطفين» فيما بات يعرف بمخيمات الذل «تندوف». هذه المرة، كانت الصرخة من العاصمة الإكوادورية، حيث سلط إعلان «كيتو» الصادر في أعقاب ملتقى مؤسسة «حقوق الإنسان بلا حدود» الأسبوع الماضي، الضوء على تفاقم الأوضاع المأساوية في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، فيما طالبت العديد من المنظمات الحقوقية بتحقيق دولي في الانتهاكات التي ترتكبها قيادات الجبهة الانفصالية بحق الصحراويين ووضع حد لمعاناتهم. وتأتي هذه الخطوة بهدف لفت انتباه المجتمع الدولي، بما في ذلك الأممالمتحدة، والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان والحكومات، إلى قتامة الوضع الإنساني في المخيمات. وأشار الإعلان إلى تعرض المئات من شباب تندوف إلى الاختطاف والاحتجاز، خصوصا الفتيات، مضيفا أن العديد منهم انخرطوا في صفوف جماعات إرهابية تنشط بمنطقة الساحل الإفريقي، وخاصة في مالي والنيجر. وأشارت عدة تقارير إلى حالات اختطاف طالت العديد من معارضي الجبهة الانفصالية، فيما أكد نشطاء أن هذه الاختطافات تحدث بالتواطؤ مع السلطات الجزائرية في بعض الحالات. وتطالب منظمات حقوقية بالكشف عن مصير «ضحايا الاختفاء القسري» في هذه المخيمات، مشيرة إلى أرقام تتحدث عن عشرات المفقودين ومئات المختطفين والمعذبين حتى الموت في مراكز اعتقال سرية. وأعربت مؤسسة «حقوق الإنسان بلا حدود» عن «قلقها الشديد حيال استمرار ظاهرة تحويل المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان المخيمات»، لافتة إلى أن «تلك المواد تباع في الأسواق السوداء بدول الجوار، بتواطؤ بين قادة جبهة بوليساريو ومسؤولين عسكريين جزائريين». وهي ليست المرة الأولى التي تطرح فيها هذه القضية في المحافل الدولية، لا سيما وأن العديد من التقارير طالبت بفتح تحقيق دولي في الأموال الطائلة والمساعدات التي أرسلت إلى مخيمات تندوف بهدف تحسين الأوضاع المعيشية، بينما تشير الوقائع إلى أن الوضع يزداد قتامة يوما بعد يوما في حين تظهر مظاهر الثراء على قيادات الجبهة الانفصالية. في هذا السياق أكد محمد الصبار، المحامي والأمين العام السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن الانتهاكات التي تمارسها جبهة البوليساريو الانفصالية ليست وليدة اليوم، فقد سبقتها معتقلات الرابوني، ووثقتها شهادات ضحايا قضوا أكثر من عقدين من الزمن في معتقلات البوليساريو. وأضاف الصبار، في تصريح ل»العلم»، أنه وفي ظل كل هاته الانتهاكات الخطيرة لا يمكننا القول إنها جبهة ديمقراطية، في الوقت الذي تسجل فيه العديد من المؤسسات الحقوقية انتهاكات خطيرة في حق المعتقلين. وتابع قائلا: «تعلمون أنه يمنع تأسيس الجمعيات في المخيمات إلى حين التحرير، وهو وارد في القانون الأساسي لجبهة البوليساريو، وهو الحلم والوهم الذي تعيش لأجله الجبهة». وأوضح المحامي والأمين العام السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن الدبلوماسية النشيطة للمغرب، وتوالي الاعترافات بمغربية الصحراء، أحدثا نوعا من التصدع داخل الجمهورية الوهم، واتضح للعديد من المحتجزين داخل هذه المخيمات أن كل ما زعمته الجبهة وهم يتبخر وأن الأمر سيزداد تعقيدا في الأيام المقبلة. وأشار المتحدث، إلى أن دعم العديد من الدول الوازنة لمقترح المغرب والمتمثل في «الحكم الذاتي»، فضح ما كان يروج في الداخل، وأنهى فترة التغاضي عما كان يقع في تندوف من طرف العديد من المنظمات الدولية ذات المصداقية». وحول السبب عن هذا التغاضي يضيف «كانت هناك خلفية سياسية.. لكن اليوم، وأمام هذا العالم المفتوح باتت المنظمات مجبرة بقوة الواقع على عدم التستر عن الانتهاكات التي تقع في المخيمات». وشدد على أن العالم اليوم أمام لحظة فارقة سواء في ما يتعلق بالاستهتار بالقانون الدولي وبحقوق الإنسان، سواء في تندوف أو غزة، داعيا إلى الاستيقاظ والتحرك السريع من أجل مواجهة الانتهاكات. وعن مسؤولية الجزائر الواضحة في هذا الباب، يؤكد الصبار أن جبهة البوليساريو تستوطن في التراب الجزائري، وبالتالي هذه الأخيرة مسؤولة عن أمن وسلامة وضمان حقوق مواطنيها والمقيمين فوق أراضيها، إضافة إلي أن مسؤوليتها واضحة كون البوليساريو لا تمتلك أي استقلالية بعيدا عن صنيعتها التي تعتبر جزءا منها بالتبعية كونها تنفذ أوامرها وأجنداتها. وخلص إلى أن كل ما سبق ذكره يعزز نهاية هذا النزاع المفتعل، وطي صفحة جبهة انفصالية بات العالم اليوم يتعرف على وجهها الحقيقي، ويلمس مخططاتها الجرمية وانتهاكاتها الصارخة في حق المحتجزين والمعارضين لها.