إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج..بن حمزة يوضح    الجزائر تروج لوثيقة وهمية للطعن في اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء    قتيلان في تحطم طائرة قبالة مايوركا    حريمات أفضل لاعب في لقاء أنغولا    الشركات الرياضية تختبر حدود التمويل والحكامة في كرة القدم المغربية    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية النيجر بمناسبة العيد الوطني لبلاده    شخصيات مقدسية تشيد بمبادرة الملك محمد السادس إرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لسكان قطاع غزة    السكيتيوي يكشف عن تشكيلة المنتخب أمام أنغولا    الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يجدد التأكيد على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء    لفتيت يقدم خطة الدولة من 7 أهداف لتعزير المسار الديمقراطي والأحزاب ملزمة بتقديم ردها قبل نهاية غشت    كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين 2024: المغرب يفتتح مشواره بالفوز على أنغولا بهدفين مقابل صفر    "3 لاءات" نقابية تواجه خطط الإصلاح الحكومية لأنظمة التقاعد المغربية    بنغفير يجدد اقتحامه للمسجد الأقصى وسط حشد من المستوطنين المتطرفين ويؤدون طقوسا تلمودية    130 مليون طن حجم الرواج المينائي المغربي.. المسافنة تسيطر بنسبة 49.4%    مبابي يشهد.. حكيمي يحترم النساء حتى وهو في حالة سُكر    كأس إفريقيا للمحليين.. هذا التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وأنغولا    موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الأحد إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    وزارة الداخلية الإسبانية: 361 مهاجرا يعبرون إلى سبتة في 15 يوما    الناظور..مالك كشك "شارع 80" يعلن نيته الطعن قضائياً بعد إغلاق محله        الجامعة و"الشيخات"    الجديدة.. جريمة قتل مروعة تهز حي سيدي موسى بوسط المدينة .    نازهي يسائل وزير الثقافة حول اختلالات مسرح محمد عفيفي بمدينة الجديدة    الستاتي والرحماني يُسدلان الستار على مهرجان العيطة المرساوية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    الشيبي وبنتايك الأفضل بدوري مصر    4 أحواض مائية لا تتجاوز 30 بالمائة.. وملء السدود يلامس "مستويات حرجة"        جمعية أنزا الهجرة والتنمية تنظم الدورة الرابعة لمهرجان المهاجر    استياء واسع بسبب ضعف صبيب الأنترنيت باقليم الحسيمة    الدبلوماسية البيئية في مواجهة خصوم الوحدة الترابية للمغرب.. الوكالة الوطنية للمياه والغابات نموذجا    اختتام معرض الصناعة التقليدية بالعرائش    دراسة تحذر: هل يكون عام 2027 بداية نهاية البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي؟    أنفوغرافيك | جهة سوس ماسة.. تتصدر حالات إفلاس الشركات    كتاب طبطبة الأحزاب /3من5    تدشين فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالعرائش    "عرش المحبة حين يغني المغرب في قلب تونس"    النجمة أصالة تغني شارة "القيصر" دراما جريئة من قلب المعتقلات    المركز السوسيوثقافي أبي القناديل يحتظن حفلا مميزا تخايدا لذكرى 26 لعيد العرش المجيد    السياسة وصناعتُها البئيسة !        ثوران بركان في روسيا للمرة الأولى منذ أكثر من 450 عاما    حملة دولية للمطالبة بالإفراج الإنساني عن ناصر الزفزافي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    مطالبًا بالحقيقة والعدالة.. شقيق مروان المقدم يشرع في إضراب مفتوح بالحسيمة    قلق داخل الجيش الإسرائيلي من ارتفاع معدلات انتحار الجنود بسبب المشاهد الصعبة في غزة    قافلة طبية تخفف معاناة مرضى القلب بجرسيف    تهديدات جهادية تستنفر درك السنغال    تقرير: أكثر من 12 ألف رأس نووي في العالم .. 87 بالمائة منها بيد دولتين فقط    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوافق: الجرعة القاتلة...
نشر في العلم يوم 12 - 08 - 2011

التوافق قد يكون السبيل الأكثر أمانا بالنسبة لبلد يمر بمرحلة الانتقال والتحول السياسي ،وفي التجارب المقارنة فإن البلدان التي ذهبت بعيدا في إعتماد التوافق هي تلك التي قادت التغيير سلميا ودون إراقة الدماء ، لكن في المقابل لم يشهد العالم تجربة تسير بالتوافق لأكثر من 12 سنة..المغرب نستطيع أن نقول بأنه كلما طرحت فيه قضايا مصيرية إلا وتم تمييعها بمنطق التوافق ، حيث تصبح المفاهيم ملتبسة فلا المعارضة معارضة ولا الأغلبية أغلبية ، وغالبا ما يكون مطلوبا التوافق في قضايا من طبيعتها أن تكون مختلفة وأحيانا حد التناقض ،وهو ما يستدعي بشكل طبيعي وبدون اعتراض استعمال الأغلبية للتفويض الشعبي ، وتوضيح موقفها وموقف المعارضة للرأي العام الذي يمكن أن يكافئ أو يعاقب في إنتخابات دورية ونزيهة .
يقول المغاربة « يدي ويد القابلة كتخرج الصبي عور» ، وهو ما جرى ويجري بالنسبة لعدد من النصوص القانونية أهمها الدستور ، فعدد من القوانين وبكثرة البحث عن التوافق ، الذي هو في النهاية إرضاء عدد كبير من الأطراف..تحتمل كل التفسيرات والتأويلات وتضيق بنفسها ، وهو ما يجعلها عند التنفيذ تفتقد إلى الكثير من مقومات القوانين وتحفل بالكثير من الثغرات ،وهي نتيجة طبيعية وتحصيل حاصل لتوظيف سياسوي لمبدأ التوافق النبيل .
تاريخ التعددية الحزبية في المغرب ، يعرفها القاصي والداني ، والجميع يعرف وبنفس القدر كيف يميز بين أحزاب سياسية حقيقية بتاريخ وتنظيمات وقواعد عمل ومشروع مجتمعي ومنظومة فكرية وتراكم في التجارب وتأطير لفئات واسعة من المواطنين باختلاف توزيعهم السوسيومهني وعلى امتداد التراب الوطني وبعلاقات دولية وازنة ، وبين أحزاب وهي الأكثرية العظمى إما صنعت في مكاتب وزراء الداخلية السابقين كتجسيد لإرادة الدولة في تمييع الحياة الحزبية والسياسية وتسييج العمل الحزبي والبرلماني ببنيات حزبية هجينة فلاهي بإدارة ولا هي بحزب ، وأحزاب أخرى منبثقة عنها أو منبثقة عن الأحزاب الوطنية في إطار الوفاء للظاهرة الانشقاقية ، لكن غالب هذه الإنشقاقات في السنوات الأخيرة لم تفرز أحزابا بالمعنى المتعارف عليه عالميا ، بل بأحزاب أشخاص إما أنهم ذووا نرجسية مفرطة أو طموحات أكبر من إمكانياتهم وتمردهم على القواعد الناظمة والمؤطرة لتحمل المسؤوليات داخل الحزب أو بإسم الحزب داخل الدولة ، وهذه التجارب الحزبية ظلت وإلى اليوم مرتبطة بالمسؤول الأول على الحزب ، وغالبا ما يكون رجلا « مهضارا « أي كثير الكلام وخاصة الكلام الكبير الذي لا يملك « أكتافا « لتحقيقه.
فكيف يمكن أن نقبل بطرح قضايا مصيرية للتوافق وسط بنية حزبية مشوهة بهذا الشكل ؟ وكيف يمكن إعمال التوافق في قضايا من أجلها خلقت الانتخابات والمؤسسات والتصويت الذي يميز بين الأغلبية والأقلية ؟ وكيف يمكن بناء التوافق خاصة حول قضايا الانتخابات التي ترتكز إلى رؤية سياسية ولحجم كل حزب وموقعه في الساحة السياسية ، وهو ما يجعل الموقع والحجم يحددان طبيعة الموقف من القضايا المطروحة ، فالأحزاب المبنية على الوجهاء وبعض المتحولين الحزبيين الدائمين وعلى إفتقاد بنية تنظيمية وهيئات موازية ، تميل بصفة تلقائية على مستوى التقطيع للدوائر الصغيرة لمنح الفرصة للفساد المالي وتمكين مرشحيها من حظوظ الفوز، وعلى العكس من ذلك عندما يتعلق الأمر بحزب منظم فإنه يسعى إلى دوائر كبيرة لاستثمار انتشاره التنظيمي ولقطع الطريق على إستعمال المال..وبالنسبة للعتبة فإنه من الطبيعي أن عددا من الأحزاب الصغرى والتي في غالبها عبارة عن دكاكين حزبية لبيع التزكيات ، سوف تبحث عن تخفيض العتبة ولما لا إلغاءها بصفة نهائية وذلك لتتمكن من الحصول على بعض المقاعد ، وطبيعي أن تذهب الأحزاب الكبرى إلى التشدد في مسألة العتبة ، وذلك لإفراز مشهد سياسي أقل بلقنة ويتيح إمكانيات حقيقية لقيام حكومات منسجمة بعدد قليل من الأحزاب ومن الوزراء...وغيرها من القضايا التي هي من صميم الحياة السياسية والأكثر إثارة للخلافات.
الخوف اليوم هو أن يتحول منطق التوافق إلى بديل عن المؤسسات بأغلبيتها وأقليتها ، وهنا لا بد أن نقول بأن عددا من مواقف بعض الأحزاب لا تستند على أي منطق خارج منطق مصالحها الخاصة ، والدليل أن مواقف متناقضة توجد في كلا الضفتين ، فمن داخل الأغلبية هناك من يعترض على رفع العتبة ومن داخل المعارضة هناك من ينادي برفعها، وهو ما يعني أن حجم الحزب لا علاقة له بالوجود في المعارضة أو الأغلبية ، لذا ليس من حق جلسات الداخلية المملة أن تسلب البرلمان حقه في الحسم ، وأن ندمن التوافق إلى حد التورط في جرعة قاتلة تشل البلد ككل...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.