اعتبر المبعوث الأممي الأسبق إلى الصحراء، كريستوفر روس، أن القرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر حول النزاع في الصحراء يمثل «خطوة إلى الوراء»، رغم ما وصفه أنصاره بأنه «تقدم سياسي» في مسار الحل. قال روس، في مقال تحليلي نشره موقع "المركز الدولي لمبادرات الحوار" الذي يديره الدبلوماسي المغربي الأممي السابق جمال بنعمر، تحت عنوان "A Step Back for Western Sahara"، إن الصيغة الجديدة للقرار، التي قادتها الولاياتالمتحدة بصفتها «حاملة القلم» في المفاوضات، حاولت فرض رؤية منسجمة مع اعتراف إدارة الرئيس دونالد ترامب بسيادة المغرب على الإقليم في دجنبر 2020.
وأوضح روس أن النص الأولي للمشروع الأميركي وصف مبادرة الحكم الذاتي المغربية لعام 2007 بأنها «الحل الأكثر واقعية»، دون أن يذهب إلى حد الاعتراف بسيادة المغرب، لكنه تجاهل في المقابل مقترح جبهة البوليساريو القاضي بإجراء استفتاء يتضمن خيار الاستقلال. وأضاف أن روسيا والصين وعدداً من الدول غير الدائمة العضوية اعترضت على «انحياز» الصيغة الأولى، فيما رفضت أطراف أخرى تقليص مدة ولاية بعثة مينورسو من عام إلى ستة أشهر. وقد تم تعديل القرار لاحقاً ليصف المبادرة المغربية بأنها «إحدى الحلول الواقعية الممكنة»، مع تمديد ولاية البعثة الأممية لعام إضافي. وانتهت المداولات باعتماد القرار رغم التحفظات، بعد تصويت 11 دولة لصالحه وامتناع روسيا والصين وباكستان، فيما لم تصوّت الجزائر. واستشهد روس في مقاله بتعليق السفير الروسي بعد التصويت على القرار بالقول إن «الاندفاعة الأميركية على طريقة رعاة البقر قد تؤدي إلى مزيد من التوتر». ورأى روس أن القرار يشيد ب«المبادرة غير المسبوقة للمبعوث الشخصي ستافان دي ميستورا»، وبتعبير «الامتنان للولايات المتحدة لاستعدادها استضافة المفاوضات»، لكنه تساءل عن مدى استعداد الجزائر والبوليساريو للانخراط في محادثات مباشرة «في ظل انحياز القرار الجديد». وأشار إلى أن المواقف الجوهرية للطرفين «ما تزال متصلبة»، محذّراً من أن الضغط الانتقائي لصالح المغرب «لن يفضي إلا إلى تعميق الهوة»، مضيفاً أن غياب الثقة يجعل أي مسعى أميركي لفرض تسوية «محكوماً بالفشل». وفي تحليله، استعرض الدبلوماسي الأميركي السابق الأسباب العميقة لاستمرار الأزمة، مشيراً إلى أن المغرب يواصل «ترسيخ الأمر الواقع على الأرض »، في حين «تستند البوليساريو إلى اعترافات قضائية دولية تعتبر الصحراء كياناً منفصلاً عن المغرب». أما الجزائر، فيرى روس أنها «ترى في دعمها لاستقلال الصحراء امتداداً لتاريخها التحرري ومبدأً من مبادئها الثابتة»، فضلاً عن كونه وسيلة ل«موازنة الخطاب المغربي الذي يلمّح إلى استرجاع أراضٍ شرقية اقتُطعت من سلطنة المغرب التاريخية سنة 1934». وأضاف أن «التقارب العلني بين الرباط وتل أبيب عزّز تصميم الجزائر على التمسك بموقفها». وختم روس مقاله بثلاث توصيات: إشراك الشباب المغاربة والجزائريين والصحراويين في بناء جسور الثقة، وتوسيع مشاركة سكان الإقليم، داخل المخيمات وخارجها، في أي عملية تقرير مصير مستقبلية، والتفكير منذ الآن في آليات الضمان الدولية لأي اتفاق محتمل. وقال: «في ظل الانقسام القائم في مجلس الأمن وغياب الثقة بين الأطراف، لا يمكن انتظار انفراج قريب، لكن الحفاظ على إدارة النزاع لمنع انفلاته يبقى أمراً ضرورياً». ويُذكر أن كريستوفر روس شغل منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء ما بين عامي 2009 و2017، وعُرف خلال فترة مهامه بانحيازه الواضح لطرح جبهة البوليساريو والجزائر، ما دفع المغرب إلى الاعتراض رسمياً على وساطته ورفض استقباله، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى إبعاده من منصبه. لذلك، فإن مقاله الأخير ينبغي قراءته من هذه الزاوية أيضاً، باعتباره تعبيراً عن مقاربة دبلوماسية قديمة تراجع حضورها داخل الأممالمتحدة منذ تبني مقاربة "الحكم الذاتي الجاد وذي المصداقية" كخيار واقعي لحل النزاع.