المعهد الموريتاني يحذر: صيد الأخطبوط في هذه الفترة يهدد تجدد المخزون البيولوجي    الصحراء المغربية.. مناورات عسكرية مغربية أمريكية واسعة النطاق في ختام تمرين "الأسد الإفريقي 2025"    السغروشني تدعو لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الرقابة البرلمانية وتحسين شفافيةالعمل التشريعي    جامعة هارفارد: القضاء الأمريكي يعلق العمل بقرار منع تسجيل الطلبة الدوليين    دوري الأضواء يغري رجاء بني ملال وأولمبيك الدشيرة    فيفا يكشف تفاصيل قرعة كأس العرب 2025 بقطر    الوداد في مراحل متقدمة لضم نور الدين أمرابط والأخير يحل بالمغرب لإجراء الفحص الطبي    ماريسكا مدرب تشيلسي يلمح إلى استبعاد النجوم من مونديال الأندية    بنكرير.. توقيف قاصرين متورطين في إضرام النار عمدا وتعريض مستعملي الطريق للخطر    الجناح المغربي يتألق في مهرجان كان السينمائي    المهرجان الدولي لفروسية ماطا يفتتح دورته ال13 بمشاركة وازنة (فيديو)    ألمانيا تحذر من صعود جماعات شبابية يمينية إجرامية    المهرجان الدولي لفن القفطان "Art du Caftan" في طنجة مرآة للتراث المغربي وأناقة القفطان    عاجل: حريق مهول يلتهم شاحنة على الطريق السيار بين مولاي بوسلهام والقنيطرة قرب سيدي علال التازي    "Art du Caftan"يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    ملف الصحراء المغربية في الأمم المتحدة: بين واقع الاعتراف الدولي وشروط سحب الملف من اللجنة الرابعة    هل يدخل الرجاء عصر الخصخصة بثقة: مؤسسات ملاحية عملاقة تفتح أفقًا جديدًا للنادي    بنك المغرب: ارتفاع سعر صرف الدرهم ب 0,6 في المائة مقابل الدولار    نهاية 2024: الصين تتصدر العالم ببناء أكثر من 94 ألف سد وقدرات كهرومائية غير مسبوقة    ماء العينين: ملتمس الرقابة لا يلائم السياق السياسي والبرلماني المغربي    كيوسك السبت | المغرب يعتزم القضاء على الأمية بحلول 2029    مغربي من مواليد فرنسا يجد نفسه بدون أوراق إقامة في سن 58    انقطاع مؤقت لحركة السير على الطريق الإقليمية الرابطة بين بدال عين داليا للطريق السيار A5 ومدينة محمد السادس طنجة – تيك    تيمور الشرقية... المنتخبة غلة باهيا تسلط الضوء على التحول التنموي العميق في الصحراء المغربية    لجنة التقنيات والعمليات السيبرانية بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تعقد اجتماعها الأول    نيجيريا تعلن عن خطوات جديدة في مشروع أنبوب الغاز الرابط مع المغرب    البرازيلي رونالدو نازاريو يبيع حصته في بلد الوليد    الاستثمار الصيني في المغرب: بطاريات المستقبل تنبض من طنجة نحو أسواق العالم    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت بالمغرب    بوريطة يمثل جلالة الملك في حفل تنصيب رئيس الإكوادور وسط تقارب دبلوماسي متزايد    كريستيانو رونالدو على وشك توقيع عقد القرن … !    عرض بقيمة 400 مليار لضم لامين يامال … برشلونة يتخذ قراره    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    خبر تهريب 2,5 طن من الشيرا من شاطئ "طالع القرع"… يستنفر المصالح المختصة    تتويج الفائزين بجائزة المغرب للشباب 2025    مهرجان ماطا الدولي للفروسية يحتفي بربع قرن من العهد الزاهر للملك محمد السادس    "جائزة المغرب للشباب" تحتفي بأفكار ومشاريع شبابية إبداعية فريدة    تحالف مغربي-إماراتي يطلق مشروعا عملاقا في طنجة لتعزيز الأمن الطاقي بالمملكة    طفرة جديدة في المداخيل الضريبية لتتجاوز 122 مليار درهم خلال 4 أشهر فقط    آلاف المغاربة يحتجون نصرة لغزة    رسمياً.. توجيهات بمنع بيع الأضاحي بإقليمي الناظور والدريوش خلال عيد الأضحى    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    الأزمي «البليكيه»    الرد الشامل على اللغو السافل: باب ما جاء في انسحاب الاتحاد من العبث    ملتمس الرقابة من لحظة لمكاشفة الحكومة إلى فرصة لكشف نزوات بعض مكونات المعارضة    وزارة الأوقاف: حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    يهم حجاج الناظور.. وزارة الأوقاف تدعو إلى الإحرام في الطائرات    بلقصيري تحتضن مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الثانية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    دراسة: الولادة المبكرة قد تكون مفيدة في حالة الأجنة كبيرة الحجم    انتشار الأفران العشوائية يزعج الفدرالية المغربية للمخابز    انطلاق أيام التراث بمراكش احتفاء بالماء والحدائق    الحكومة تُطلق دعما مباشرا لحماية القطيع الوطني وبرنامجا لتحسين السلالات    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طيفُ نبي، وشعر ندي
نشر في العلم يوم 06 - 12 - 2012

فاطمة الزهراء بنيس، شاعرة، أو بالأحرى قصيدة شعرية طالعة من الحمامة البيضاء تطوان. فيها الشيء الكثير من بهاء تطوان ورقة تطوان ورمانسية تطوان، والمرء ابن بيئته وزمانه وسليل منازله ومدارجه.
مع طلائع الألفية الثالثة تواتر الشدو الشعري لفاطمة الزهراء، بدأب وانتظام، متجددة ومتوقدة في شدوها باستمرار، وقد أصدرت لحد الآن ثلاثة أعمال/
لوعة الهروب 2004
بين ذراعي قمر 2007
وطيف نبي، المعروض في هذا المعرض 2011 وجدير بالإشارة، أن الديوان الأول (لوعة الهروب) صادر عن مطابع الشويخ بتطوان.
والعمل الثاني (بين ذراعي قمر) صادر عن دار ملامح للنشر بالقاهرة. والعمل الثالث (طيف نبي) صادر عن دار الغاوون للنشر والتوزيع ببيروت.
وهكذا، في أقل من عقد من الزمان، حلقت فاطمة الزهراء شعريا كما حلقت جغرافيا بين كبريات العواصم العربية وشاركت في أكثر من عكاظ عربي، بل وشاركت في أكثر من عكاظ عالمي. وكانت بحق سفيرة شعرية فوق العادة لبلدها.
والعمل الشعري الأخير للشاعرة (طيف بني)، الذي نحن بصدد تقديمه، ليس ديوانا بمعنى الكلمة، أو مجموعة شعرية، أو إضمامة شعرية، حسب العبارة الرائجة مؤخرا.
بل هو نص شعري واحد ومتعدد، منطلق على سجيته ورمله، بلا ضابط أو روابط، مدفوعا، بجنوح الروح. ومنتشيا بهذا الجنوح.
نقرأ في فاتحة النص/
[أي انتشاء
نذرتني
ياجنوح الروج]. ص 7
إن النص، بعبارة، نفتات ولواعج وترانيم غنائية عاطفية، وانخطافات صوفية إشراقية يحدوها جنوح الروح. وجنوح اللغة.
ولأمر ما، طبع ونشر هذا النص. عن (دار الغاوون)ببيروت، الرافعة لشعار الغواية الشعرية، كما تبتدئ من عنوان الدار.
(والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون مالا يفعلون.) حسب منطوق ومفهوم الآيات القرآنية الواردة في سورة الشعراء، فهي إذن غواية.. شعرية وتناصية مع الايات. غواية مشاغبة على الآيات.
علما بأن كلمة (الغاوون) حسب بعض التفاسير، هي تهجية عربية لكلمة (الراوون) الذين يروون الشعر. وقد نزل القرآن، كما هو معروف، على سبعة أحرف، أي سبعة قراءات.
هل تُراني ذهبت بعيدا عن النص،
محور التقديم؟!
ما أظن ذلك.
أليس عنوان النص هو (طيف نبي)؟!
إننا إذن مع أطياف النبوة
وكفى بذلك شاهدا ومؤشرا.
وقد وردت كلمة الطيف، علاوة على العنوان ثلاث مرات في النص/
نقرأ في ص. 24/
حدوسي
من نذرتني طيف نبي
على هديه
همت جنونا
مترقرق الرؤى
ونقرأ في ص. 40/
(موَّجني طيف
أعنف من ملمس الخيل
ظلاله أرق
من هبة عصفور
ما إن هجس:
عطرا وتهاليل
حتى أمطرت نينداً
ونقرأ في ص. 61/
(كما لو كنت
سأكتفي
بمغازلة الأطياف).
لا شك في أن هذه الشواهد الثلاثة تقربنا كثيرا من لغة هذا النص، وهي لغة طيفية، انخطافية وندية ناعمة في آن. تعتمد، خلافا للعملية السابقين للشاعرة، الجملة القصرة المشذرة على نحو قريب من شعر الهايكو. كما تجمع المعجم الشعري بين كلمات متفاوتة أو متباعدة الدلالات والإيحاءات من قبيل/ طيف بني جنون مترقرق الذي موج ملمس الخيل هبة عصفور عطر وتهاليل . نبيذ . مغازلة..
ان العبارةالآنفة (هِمتُ جُنوناً مُتَرقْرقَ الرؤى تلخَّص في رأيي، لغة هذا النص وطبيعة عزفه الشعري.
وجديرة بالإثارة مرة أخرى وأساسية، أن النص مُرفقُ ومشفوع بترجمة فرنسية شعرية أنجزها الكاتب والمترجم المتمرس عبد الرحمان طنكول، وهذا سبق جميل في ديوان الشعر المغربي، حسب علمي، علما بأن ترجمة النص الشعري تبقى دائما دون النص وقد تكون فوق النص. أو كما قال الراحل محمود درويش، إن ترجمة القصيدة، كالقبلة من وراء زجاج. ومع ذلك فإن الترجمة معبر ضروري نحو الآخر. سيما وأن الشاعرة كثيرا ما تحظر الملتقيات الشعرية العالمية، هنا وهناك.
وعلى غرارعمليها السابقين، ثمة إهداء يتصدر النص تقول فيه/
) إلى من أسكنني أعلى مراتب الكون)
وأعلى مراتب الكون هذه، هي أحد هواجس الأنثى الشاعرة في هذا النص.
ومن هنا هذه الأثيرية الشعرية الهائمة، المرتفعة المتسامية عن الأرض والترابي.
أثيرية تجمع بين الرومانسية والصوفية والعشق الديونيزوسي للحياة.
( مدايَ جسْرُ
نحو الغَيمِ
خارقَ ولهى به). ص 13
- (هذا الأثير منفاي
في رحابه
أخاصر نجماً
يغربُ) . ص. 15
(ها أنا
غيرُ أناي
أي سواي
صرتُه).ص. 39
تحضر الأنثى بجلاء في هذا النص، وعبر
مختلف الحالات والمراتب الروحية والشعرية.
فهي حينا فائرة/
(فائرة
ألاهثُ وجعي الأبهى). ص 8
وحينا فائضة/
- (فائضة
تبٌزغ أقْداحي
بلسان الحُلْم أقاربُ لحسها) ص. 9
وحيناِ مصلوبة خاشعة/
- (مصلوبة في جناني
بلاَ خطوٍ أسير
خاشعة
حيال رؤاي). ص 12
وحينا آخر ، مُلْهبة مُمْطرة /
-(ملهبة
ممطرة
كقبلة محرمة). ص 37
لكنها، في جميع الحالات والمراتب، تظلُّ
أنثى شاعرة مسكونة بنخٌوة الأنثى /
- (بنخوة الأنثى
أغامزُ
طيُورَ الغسق
في عراء الذات). ص. 47.
وهذا ما يُضفي مسحة أنثوية ندية على لغة النص
لقد تعمدت الإنصات الى النص واستحضار أو استقطار بعض شواهده. . لأن القراءة الإصغائية، في تصوري، هي أنجعُ مدخل إلى الشعر.
إن نص (طيف نبي)، نص واحد ومتعدّد.
طويلٌ وقصيرٌ في آنِ
نص مسترسل طويل نفسه، لكن قصيرةٌ ومكثفةٌ
ومشذرة جملة وفقرة كما أسلفت.
إن نسق النص قريب من قصيدة النثر
وداخلٌ في مدارها. ومع ذلك فهو ينوسُ
في الأغلب، بين تفعيلتي المتدارك (فاعلن)
والمتقارب (فعولن)، وهما التفعيلتان اللتان تسدان بعض الرمق الموسيقي في القصيدة الحزبية، وفي القصيدة العربية بعامة.
إنه، بعبارة، نصٌ يمارس غوايته الشعرية الخاصة، ولو في حضرة (طيف نبي).
- فاطمة الزهراء بنيس/ طيف بني.
ط، 1 . 2011 دار الغاوون للنشر والتوزيع
بيروت لبنان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.