تبّاً لهذه الشوكولاطة التي وضعت الوزير الكروج في قلب الفضيحة. الشوكولاطة ذات الثلاثة ملايين ونصف دفعت حزب الوزير الى اتخاذ موقف التخلي عنه، وإحالة الملف/ الفضيحة على رئيس الحكومة وعلى التحقيق في القضية، وإعلان الوزير مبدع الذي ينتمي الى نفس الحزب براءته من فاتورة الشوكولاطة. لحد الساعة لم ينبس الكروج ببنت شفة حول الفضيحة، لم يدافع عن نفسه، لكن أحد «مسامير الميدة» انبرى لتقديم رواية حول ملابسات القضية مفادها أن عضوا في ديوان الكروج، هو الذي بادر لاقتناء الشوكولاطة وهو الذي بعثها الى المصحة التي وضعت فيها «مدام» الكروج مولودها، وأن الوزير لم يكن يعلم بهذا الأمر. وكيفما كان الأمر، فوزارة الوظيفة العمومية هي التي أدت فاتورة الشوكولاطة، والوزير الكروج هو المسؤول عن استغلال منصب للتصرف في المال العام الذي هو مال الشعب. وحتى لوفرضنا أن المواطنين ارتأوا أن يغضوا الطرف عن هذه الفضيحة واعتبروا هذه الشوكولاطة هدية منهم الى حرم الوزير، فإن الكروج سيكره من الآن فصاعدا أن يتناول الشوكولاطة، بل حتى رؤيتها في بيته ، وهكذا سيحرم أسرته منها. وربما قد تشكل له عقدة نفسية تجعله يتجنب المرور بمحاذاة متاجر الشوكولاطة، أو يسمع إسمها. الكثير من الناس يرون أن الوزير الكروج «تصْيُّد» في هذه القضية التي جرت عليه كل هذه الانتقادات، والتي لن تنتهي بسلام، بعد أن هزت أركان الحكومة ومصداقية حزب الوزير، واللهم لاشماتة أيها الوزير، ستكبر وتنسى. لقد فطن المواطنون أيها السادة الى إثارة موضوع الشوكولاطة في هذه الظروف، و«عاقوا» بأن الحكومة إنما تريد حصر الفساد وتبديد المال العام في شكولاطة بثلاثة ملايين ونصف عوض فتح الملفات الضخمة. لقد كان حريا بأولئك الذين أثاروا هذا الملف وجعلوا منه فضيحة أن يتحلوا بالشجاعة للكشف عن الفساد المستشري داخل العديد من دواليب الحكومة والمؤسسات العمومية، وعن الملايير التي تقدم من تحت الطاولات في الصفقات العمومية، وفي التوظيفات بالمحسوبية في بعض القطاعات شبه العمومية، وفي التلاعبات غير المرئية والتي تصل رائحتها إلى عموم المواطنين. فضيحة الشوكولاطة لن تشغل المواطنين عن المطالبة بمحاربة الفساد في الجامعات حين يشتكي بعض الطلبة وآباؤهم من تفشي المحسوبية والزبونية والمتاجرة في نقاط الاختبارات، ولن تثنيهم عن رفع أصواتهم للتنديد بطرق منح الأموال لبعض الجمعيات المدنية، وشجب وسائل الحصول على رخص الثقة التي تعطى لسائقي سيارات الأجرة، ووقف نزيف استعمال سيارات الدولة التي تجوب شوارعنا لقضاء كل المصالح والأغراض، إلا مصالح الدولة، وغير ذلك كثير. لقد تم تفويت منقولات وأراضي وغيرها من أموال الدولة في عمليات مشبوهة بالملايير، بطريقة «برَّق ما تقْْشْع»، ولم تلفح الحكومة في الكشف عن خيوط اللعبة قبل أن تعمل على استرجاع هذه الأموال، فقط أفلحت الآن في صينية شوكولاطة ببضع ملايين من السنتيمات. المواطنون يأملون أن تغير الحكومة هذه الممارسات، ولتتحول من فضائح الشوكولاطة إلى فضائح الملايير «الفضائح» «ديال الصح والمعقول»