طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من اجل بديل مقنع لمحاربة المخدرات
نشر في عالم برس يوم 17 - 04 - 2010

قبائل بني زروال تتطلع إلى وضع إقتصادي يمكنها من ممارسة العيش باطمئنان وكرامة
عالم برس - عبد النبي الشراط** : منذ بضع سنوات خلت دخلت قبائل بني زروال(المحسوبة إداريا على إقليم تاونات) معركة جديدة من أجل العيش والحياة، والتحقت بقبائل أخرى كانت قد سبقتها لذلك، فغار الزرواليون من القبائل المجاورة لهم (كتامة، بني أحمد، غزاوة إلخ) فهذه القبائل كان لها السبق في ممارسة الحياة المرتبطة بزراعة الكيف بدل العيش/ ارتباطا بزراعة القمح والشعير والذرة وغير ذلك من الطيبات ، وفجأة استبدلت زراعة الطيبات بزراعة أخرى لا تعتبر من الطيبات إطلاقا، لكن زراعتها تدر على أصحابها الملايين وتدر على غيرهم الملايير.
وهكذا بدأ سكان قبائل بني زروال معركة جديدة في حياتهم لم يألفها أجدادهم من قبل، فالأجداد خاضوا معارك جهادية ضمن حركة القائد العظيم محمد عبد الكريم الخطابي فآذوا المستعمر وآذاهم المستعمر، عاش هؤلاء الأجداد حياة محافظة بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
وإلى عهد قريب كان الأحفاد يقتفون آثار الأجداد، وما عرفت بني زروال إلا بحفظ أهلها للقرآن الكريم ودراسة العلم والبحث عنه في عنان السماء، كانت بني زروال يضرب بأهلها المثل في حفظ القرآن الكريم وعلومه وكان الطلاب يقصدون مساجدها وجوامعها من مختلف أرجاء البلاد، وكان يقال بأن القرآن إذا حفظ في مكان آخر فيجب أن "يحلى"في بني زروال.
فجأة تغيرت القبيلة رأسا على عقب، وبدل أن يتخرج من الدار الواحدة والأسرة الواحدة ثلاث أو أربع حفظة للقرآن الكريم ، أصبحت هذه الدار وهذه الأسرة تخرج سجناء وذوي سوابق، ومبحوث عنهم في أحسن الأحوال، في الماضي كان إذا عرفك الناس من بني زروال يبادرونك بأنها قبيلة العلماء والحفظة والرجال الأتقياء، والآن إذا عرفوك من هناك بادروك بالسؤال عن الحشيش وثمنه وجودته إلخ..وهذه هي المأساة الحقيقية.
أن تتحول المزبلة إلى مسجد يتلى فيه كتاب الله و يذكر فيه الله فهذا شيء جيد أما أن تتحول المسجد إلى العكس فهذا الشيء سيء ومقرف ومقزز.
من المسئول؟
هذا هو السؤال الصعب في هذه الحلقة العريضة ..من المسئول عن هذا الوضع المتردي الذي آلت إليه البلاد؟
شباب وأطفال يموتون ببطء وهم في عمر الزهور بسبب إدمانهم على تناول المخدرات وشرب الخمر، أمهات وزوجات لا يعرفن النوم لأن أزواجهن وأبنائهن معرضين للاعتقال والملاحقة في أية لحظة.
مداشر وقرى بأكملها تخشى من سماع ضجيج سيارة قادمة ..خشية أن يكون ركابها هم الدرك أو غيرهم من أصحاب الحال.
عائلات وأسر استبدلت البسمة بالبكاء بسبب وجود أحد أفراد العائلة أو أكثر داخل غياهب السجن.
لم يعد الناس يأمنون على أنفسهم وذويهم من المداهات ليلا أو نهارا، إما من طرف قوات الدرك أو من عصابات إجرامية الذين احترفوا السرقة تحت التهديد والقوة وبالسلاح المتنوع.
الوضع حقيقة مقلق ومقرف ولا يبعث على الاطمئنان على الإطلاق.
حالات الاغتصاب تكاثرت في القبيلة، ومظاهر الإجرام والميوعة باتت مألوفة عند السكان.
ومع الأسف الشديد فإن السلطات تتفرج على كل ما يحدث وكأن الأمر لا يعنيها، أما المنتخبون فلا علاقة لهم بما يجري هناك..فهم يشترون أصوات الأغبياء بثمن بخس عشية الانتخابات ثم يرحلون لقضاء أغراضهم.
خلفيات تاريخية.
في ثمانينيات القرن الماضي فقط كان الناس هناك ينتظرون السماء تنزل ماء ليزرعوا أرضهم ثم ينتظرون الصيف..
كان الناس إلى حدود هذه الفترة الزمنية فقط يعيشون قمة البؤس والتخلف ويعانون الازدراء والتهميش من المسئولين. وكانوا مجرد رعايا من الدرجة الثالثة عشر، لا طرق ولا إنارة، ولا حياة حقيقية.
وبعد معاناة شاقة وطويلة، وحياة متعبة جدا هاهم الآن بعد أن أصبحوا مثل باقي عباد الله يستضيئون بالكهرباء بدل الشمع و(الأنبة)المصباح- ويركبون ما يشبه السيارات للأسواق على طريق هي الأخرى تشبه الطريق فقط ..ها هم بعد أن أصبحوا يتمتعون بنصف الحياة يعيشون حياة أخرى مقلقة ومتعبة في نفس الآن، من عذاب إلى عذاب ومن محنة إلى أخرى وكأنهم كتب عليهم القصاص الأبدي في الحياة.
من شظف العيش بالزيت والخبز إلى قلق الحياة المهددة دوما بالسجن والاعتقال والملاحقات القضائية، فهم ملاحقون مرتين: الأولى بسبب زراعتهم الكيف، والثانية بسبب احتراف بعضهم النقل العشوائي، أو ما يسمى ب "النقل السري" وإذا كانت الملاحقات بالنسبة للشق الأول شبه مفهومة، فإن الملاحقات بالنسبة للشق الثاني غير مفهومة على الإطلاق..إذا ركبت سيارة النقل الشهيرة (207)من بيتك قاصدا احد الأسواق الأسبوعية فإن سائقها لابد أن يدفع ضريبة لم تشرعها الدولة، وإنما شرعها أشخاص يلبسون زيا رسميا وعلى رأسهم قبعة مستطيلة يأتون إلى أحد مفترقات الطرق بسيارتهم 4+4وينتظرون الغادين والرائحين من أصحاب (207)يوقفونهم ثم (يبتسمون) لهم ويدعونهم يذهبون بهدوء، وهذه مأساة أخرى تنضاف إلى مآسيهم المتعددة، وكأن البلاء منزل عليهم من السماء.
لنعد الآن إلى السؤال مرة ثانية: من المسئول عن هذه الأوضاع المتردية والرهيبة ؟
منذ سنوات قليلة بدأ الناس يعرفون نصف الحياة حينما قرروا بشكل تلقائي الانتقال من زراعة الطيبات إلى زراعة الخبيثات، خاصة وأن جميع أجهزة السلطة لهم بالمرصاد، تحاربهم بالليل والنهار، وكأنهم إنما وجدوا في هذه الحياة إلا للمطاردة والقلق.
في كل سنة فلاحية تشرع السلطات الإقليمية هناك في توزيع مناشر، في الأسواق والمداشير، وتستخدم أحيانا مكبرات الصوت في الأسواق الأسبوعية تحذر الناس من زراعة الكيف،...لكن الكيف يزرع ويحصد ويباع..وتأتي السنة القادمة فتكرر السلطات نداءاتها وتوزع مناشيرها..وتبعث بجواسيها إلى المداشر، والغريب في الأمر حتى أن أعوان السلطة نفسها من مقدمين وشيوخ وغيرهم يمارسون هذه الأنشطة التي تدعو سلطاتهم لمحاربتها.
في السنتين الأخيرتين قررت هذه السلطات إعطاء البديل للسكان حتى يكفوا عن زراعة الكيف فماذا كان هذا البديل الغريب؟
كان بديل السلطة عبارة عن بضعة أشجار من شجر الزيتون، تم توزيعها بانتقائية على بعض السكان فقط..وللذين لا علم لهم بأصول الفلاحة والغرس، فإن شجرة الزيتون يجب أن يزرعها الفلاح وينتظر حوالي عشر سنوات لتأتي ببعض الثمار ومهما كانت الطبيعة سخية فإن الشجرة الواحدة من شجر الزيتون في أوج عطائها لا تنتج أكثر من مائة كيلو من حبوب الزيتون،وأن ثمن الكيلو الواحد لا يتعدى أربعة دراهم ويقل أحيانا عن دهمين .ترى أرأت السلطات هذا حلا عادلا ؟ شخصيا أرى هذا البديل استخفاف بعقول الناس واستهتارا بآدميتهم، وحسب هذا البديل فإن على مزارعي الكيف إذا قبلوا هذا البديل المضحك أن يعودوا لأكل نبات "إرنة "من جديد ويتذكروا حكايات وروايات أجدادهم الذين كانوا يتذوقون هذا النبات المر خلال سنوات المجاعة التي عصفت بالبلاد في منتصف أربعينيات القرن الماضي، وفي المقابل من حق السلطات التي تمانع في زراعة الكيف أن يعيش أفرادها في بحبحة العيش لأن أجورهم المرتفعة مضمونة من طرف الدولة ، يستلمونها كل شهر، أما هؤلاء فعليهم أن يسمعوا ويطيعوا حتى يموتون جوعا.
مئات القضايا في المحاكم ومئات الأشخاص في عداد الفارين والمبحوث عنهم ومئات القضايا في المحاكم، ومئات العائلات تعاني من القلق ألف مرة في اليوم..بسبب حرب السلطات المفتوحة عليهم، هذا هو حال الرعايا هناك....
المنتخبون في كل انتخابات يعدون الناس بوعود لا قبل لهم بها، والناس يصدقونهم وهم يعرفون أنهم يكذبون عليهم، لقد إضطر الناس هناك إلى تصديق الكذب رغما عنهم، يصدقون ما لا يصدقه المجانين.
بعد هذه الجولة السريعة في قاموس بني زروال المليء بالمآسي فما هو البديل المنطقي الذي ينتظره سكان قبيلة كتب على أهلها وقطانها المآسي الأبدية؟
خيارات بديلة
الخيار الأول
بما أن السلطات نفسها ربما تكون مستفيدة من هذا الوضع، على الأقل من ناحية انشغال السكان بعضهم ببعض، وبالتالي فهم محكوم عليهم بعدم مطالبة هذه السلطات بأي إصلاحات ، أو بمعنى آخر فإنهم لا يشكلون أي قلق للسلطات ..فيجب على هذه السلطات أن تتركهم وشأنهم يزرعون الكيف أو الحنطة لا فرق...وفي هذه الحالة وجب تقنين هذه الزراعة ورفع سيف المتابعات القضائية من على رقاب الناس ، وهذا الاقتراح يجد صداه في عريضة سبق للعديد من الأساتذة والمفكرين أن ضمنوها إقتراحات تقضي بالسماح بشرعنة زراعة الكيف مقابل تقنين هذه الزراعة وهذا الحل ممكنا طالما أن السلطات لن تستطيع تقديم بديل آخر للمزارعين لأن الواقع واقع ولا مفر منه، الكيف يزرع كل سنة، والسلطات توزع مناشيرها مطلع كل سنة كذلك..والحياة مستمرة، على الأقل إذا أقرت السلطات هذا الاقتراح فسوف يهدأ الناس وينسون القلق، ومن ثم يتفرغون للحياة بشكل طبيعي ويستردون مواطنتهم كاملة، لأن الكثيرين منهم لا يستطيعون التقدم لطلب إنجاز البطاقة الوطنية أو تجديدها لأنهم إن فعلوا فسوف يقبضون... وهذه المسألة بمفردها تكلف خزينة الدولة خسائر فادحة، فإذا اعتبرنا أن مائة مواطن فقط حرم نفسه من طلب البطاقة الوطنية فبعملية حسابية بسيطة 100+75درهم قيمة البطاقة الوطنية دون توابعها فإن المبلغ يساوي 7500درهم عن كل مائة شخص فقط ،وهذا مثال بسيط جدا أما الخسائر التي تتكبدها الدولة جراء عملية المحاربة فإن القائمين عليها هم الذين يجب أن يقدموا لنا القيمة الحقيقية لهذه الخسائر، حيث تستعين السلطة بمئات الأفراد من القوات المساعدة والدرك والجيش بالإضافة إلى المبيدات التي تستخدمها السلطة لقتل زريعة الكيف.
وفي السنة الأخيرة استعملت الطائرات التي كانت ترش المبيدات من السماء بشكل عشوائي، فتضرر الناس الأبرياء منها وتضررت الدواب وتضررت الفلاحة العادية أيضا..وبما أن الدولة تجند هذه القوات وما يصاحبها من ميزانية ضخمة أليس حري بها أن توفرهذه الملايين لخزينة الدولة ما دام الكيف يزرع ويحصد ويباع بالرغم من هذه الحرب الشرسة؟
وكان على الدولة من ناحية أخرى أن تستثمر هذه الملايين في تنمية المنطقة سياحيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، ولا شك أن الناس حينما يجدون عملا بديلا لهذه الزراعة المقيتة فلا شك أنهم سيقبلون عليه،خاصة وأن المنطقة تتوفر على مؤهلات سياحية وتاريخية ومزارات دينية تؤهلها لأن تصبح من أغنى المناطق على الإطلاق، لم لا يفكر المسئولين في مثل هذه الأمور؟
الخيار الثاني"
هذا الخيارنقترحه على المنتخبين الذين يمثلون المنطقة في البرلمان ولن نقترحه على منتخبي الجماعات المحلية المفلسة
يقضي هذا الخيار بأن يتنازل النواب عن رواتبهم لمدة سنة أو سنتين على الأكثر ويؤسسون إطارا جمعويا مثلا يتم اختيار أطرلهذا الإطار من خيرة المثقفين والمفكرين والاقتصاديين ثم ينشئوا خلية تتولى تدبير استثمار هذه الأموال في مشاريع إنمائية تخرج المنطقة من بؤسها وتخلفها، أو ليس هؤلاء النواب إنما تؤدى لهم أجورهم الباهضة استنادا للأصوات التي اكتسبوها من المواطنين؟ إذن من حق هؤلاء المواطنين أن يستفيدوا من أموال نوابهم وهو حق مشروع لا غبارعليه من الناحية القانونية والأخلاقية، والنواب إذا عملوا بهذا المقترح فإنهم لن يقدموا رشوة للمواطنين بل سيساعدونهم على تنمية مناطقهم عبر إحداث مشاريع اقتصادية وغيرها وبطريقة أخرى يمكن للنواب أن يؤسسوا شركة /بدل جمعية/ لاستثمار أموالهم عبرها ويستفيدون من الأرباح بالإضافة إلى الحفاظ على رؤوس أموالهم، أو ليس هذا اقتراحا جيدا؟
إذا لم يرق هذا الاقتراح للنواب فعليهم سلام الله.
أربع نواب فقط تساوي أجرتهم حوالي 120.00.00(بعد خصم الاقتطاعات والمصاريف وغيرها، حيث حدد لكل واحد 30.000.00فقط
إذن 120.000.00+24شهر ت:288.000.00مليوني وثمانية وثمانين ألف درهم.
هذا المبلغ المحترم إذا وضع كرأسمال لشركة تعني بتنمية المنطقة فإنني أعتقد أن البلدة ستعرف تحولا إيجابيا على المدى المتوسط على الأقل.
إن الخسارة الكبرى تتمثل أساسا في ضياع الرأسمال البشري..حيث الشباب يموتون ببطء وعلى واجهات متعددة: استهلاك المخدرات والخمر يساعدان على تدمير صحة الشباب، استمرار القلق والتوتر يضاعفان الأمراض المزمنة.
أليس من حق هؤلاء الشباب أن يعيشوا بأمان واطمئنان؟
الجريمة تضاعفت هناك عشرات المرات وتشكلت في البلدة عصابات إجرامية مسلحة بات أفرادها يشكلون خطرا على أمن الناس وقلقا لراحتهم والأدلة كثيرة ومتعددة ولا داعي للاستشهاد بالدلائل، فهي متوفرة في المحاكم والسجون وأرشيف الدرك والشرطة والقيادات.
حوربت منطقة بني زروال حربا شرسة خلال فترة الاستعمار لأن أهلها عرفوا دوما ببأسهم وشدتهم في المقاومة فأذاقوا الاستعمار الفرنسي الآلام وأثخنوه الجراح.. وبعد الاستقلال همشوا وابعدوا نهائيا عن الحضارة وضلوا طوال حياتهم يجتهدون ويخترعون وسائل العيش لكي تستمر حياتهم، وما موضوع زراعة الكيف إلا ابتكارا من ابتكاراتهم واجتهادا من قبلهم لأجل مواصلة الحياة، ولو كانت هناك حياة أصلا لما التجأ أهلها لزراعة الكيف...
الخيار الثالث
مع الأسف الشديد فإن "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" لم تعرف طريقها أبدا إلى قبائل بني زروال، وإذا وجدت في مناطق منها فإن الأمر لا يتعدى الفتات، التنمية البشرية مع الأسف عرفت طريقها للمدن فقط، وركزت نشاطها هناك.. وكان حريا بأولى الأمر أن يخصصوا جزءا كبيرا من ميزانية المبادرة لتنمية القرى والبوادي، وهذا الأمر في حالة تطبيقه سوف يؤدي إلى وضع حد نهائي للهجرة نحو المدن، لأن الذين تعودوا على حياة البادية لا يرتاحون في المدن، والدليل على ذلك أن الكثير من هؤلاء عادوا لمداشيرهم ودواويرهم من المدن الرئيسية مثل فاس الدار البيضاء حينما علموا أن زراعة الكيف أضحت هناك شبه مباحة، فما بالك إذا علموا أن منطقتهم شيدت بها مصانع وأسست بها شركات و..و..و..إلخ
وبما أن مشروع "المبادرة الوطنية" قد يكون قد أدى بعض أدواره في الدن فعلى القائمين بأمر العباد والحاكمين والمنتخبين أن يفكروا في توجيه هذا المشروع إلى البوادي، وفي مقدمتها المناطق التي تحترف زراعة الكيف ولا شك أن مثل هذه الخيارات في حالة ما إذا أخذت بعين الاعتبار أن تحل الكثير من المشاكل وتضع حدا للعديد من المآسي.
حرب خاسرة بكل المقاييس
لابد من إضافة هنا تتعلق بموضوع حرب السلطات على مزارعي الكيف، أنا لا أفهم ..وربما الكثيرون لا يفهمون معي أن السلطات تغمض عيونها عن المزارعين فتدعهم يحرثون الأرض ويزرعونها بالكيف ويصرفون الملايين على متابعة الزراعة..ثم ينبت الكيف ويطل بأوراقه الخضراء على سطح الأرض وحينما ينضج ويصبح قاب قوسين أو أدنى من مرحلة انتاجه النهائي، خلال هذه القترة فقط تجند هذه السلطات عيونها وعساكرها وموظفيها وتعمد إلى حرقه بالموبيدات وإعادة حرثه بالجرارات.
ألا ترى السلطات أن هذه الأدوات التي تستخدمها في حرب خاسرة تكلفها الكثير من المال والجهد والوقت كان يجب صرف ذلك في أمور أخرى..
وكان جدير.بهذه السلطات أن تعوض المزارعين عن خسائرهم فقط، لان أدوات الحرب التي تستخدمها ذات السلطات تساوي أكثر بكثير من قيمة ما تتلفه من المساحات المزروعة بالكيف..فإلى أين يذهب السكان وماذا يفعلون لتستمر الحياة داخل أحشائهم؟
إن التفكير المنطقي والسليم يقتضي تقديم بدائل حقيقية للمزارعين بدل إعتقالهم وتشريد عائلاتهم وأسرهم.
المنتخبون بدورهم باتوا عاجزين على الإطلاق على خدمة مناطقهم، وكان عليهم أن يثيروا مثل هذه الأفكار داخل البرلمان ومجلس الحكومة، كان عليهم أن يقولوا للحكومة " إن مواطنينا لهم كرامة ولا يستحقون هذه البهدلة التي يتعرضون لها من قبل الدرك والقياد والباشوات وغيرهم...إن مواطني بني زروال يستحقون الحياة مثل سائر بقية المواطنين فلماذا يعاملون وكانهم قطيع من الذئاب.
قيادات الأحزاب السياسية بدورها تتحمل كامل المسئولية فيما يجري هناك من إهانة للمواطنين وقتل آدميتهم، وهذه الأحزاب مدعوة للتفكير الجدي في مثل هذه المقترحات أو تقدم بديلا عنها وإلا فمن حق هؤلاء المواطنين أن يعلنوا القطيعة النهائية مع أي شيء إسمه الانتخابات..

كاتب صحفي،رئيس تحرير جريدة الوطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.