مراكش- خديجة عليموسى أكدت أمل الفلاح السغروشني، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أن الذكاء الاصطناعي قادر على تعزيز الرقابة البرلمانية، وتحسين الشفافية في العمل التشريعي، من خلال المساعدة في إعداد التقارير والتدقيق في الوثائق وتقديم المحاضر. وأشارت السغروشني، اليوم السبت في كلمة لها خلال أشغال الدورة الثالثة لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج المنعقدة بمراكش، إلى أن معالجة اللغة الطبيعية تتيح استخراج وتلخيص المعلومات الأساسية من الوثائق البرلمانية، كما أن خوارزميات البحث قادرة على مقارنة المعطيات لرصد الاختلالات، مضيفة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحدد مسار البيانات، وأوجه استخدامها، ويستلزم في المقابل حوكمة صارمة للبيانات، وتعزيز الكفاءات، وتأطيراً أخلاقياً واضحاً لتفادي أي استعمال تعسفي. وأكدت المسؤولة الحكومية أن تعزيز الرقابة البرلمانية والتنظيمية أصبح أمرا ملحا، خاصة مع التطور المتسارع وغير المسبوق للذكاء الاصطناعي في شتى الميادين والمجالات. ولفتت إلى أن غياب الشفافية قد يهدد حقا أساسيا، وهو الحق في الحياة الخاصة، ويفرض مسؤوليات على القطاعين العام والخاص. وأوضحت أن استخدام الذكاء الاصطناعي يجب أن يستند إلى قواعد صارمة، وإلى تعاون وثيق بين السلطات العمومية، والشركات، والباحثين، والمجتمع المدني، مضيفة : "لا يمكن لأي هيئة أن تشتغل بمعزل عن غيرها في مواجهة هذه الرهانات المعقدة والمركبة". وأشارت السغروشني إلى أن تقارير رسمية أجمعت على أن الذكاء الاصطناعي بات قادرا على معالجة كميات هائلة من البيانات، واتخاذ قرارات مستقلة، ومحاكاة سلوكيات معقدة، ما يجعله حاضرا في مجالات متعددة كالصحة والنقل والتعليم. ورغم تموقع المغرب بشكل جيد على المستوى الإفريقي من حيث الحصول على المعلومات، تضيف الوزيرة، فإن "حضوره يظل غير بارز في الترتيب على الصعيد العالمي، سواء في ما يتعلق بتصنيف الذكاء الاصطناعي أو بالبنيات التحتية الرقمية، الأمر الذي يستدعي استثمارا مكثفا لتحقيق تنافسية عالمية". وأوضحت المتحدثة ذاتها أن التشريع الرقمي في المغرب ساهم في إحراز تقدم، لكنه لا يزال غير كاف لتأطير الذكاء الاصطناعي، الذي يتطلب معالجة دقيقة، لاسيما ما يتعلق بالقرارات المستقلة التي قد تمس بالحقوق الأساسية. ودعت إلى ضرورة وضع إطار قانوني خاص بالذكاء الاصطناعي، يحدد بشكل واضح الأدوار والمسؤوليات في حال حدوث أخطاء، ويضمن شفافية الخوارزميات، وحماية الحياة الخاصة ضد مخاطر المراقبة الإلكترونية. وفي هذا الصدد ذكرت السغروشني أن المغرب بصدد إعداد قانون إطار حول الذكاء الاصطناعي بتشاور واسع مع جميع الأطراف المعنية، من سلطات عمومية، وقطاع خاص، وجامعات، ومجتمع مدني، مبرزة أن هذا النص التشريعي سيحدد هذا الإطار المبادئ الأساسية، والالتزامات المتعلقة بالامتثال، وآليات التقنين والتنظيم، والضمانات الأخلاقية اللازمة لنشر الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول على التراب الوطني. وسجلت الوزيرة أن المغرب لا يمكن أن يشتغل بشكل منفرد، بل يجب الاستناد إلى المرجعيات الدولية المعترف بها، كمرجعيات منظمة التعاون الاقتصادي، ومجلس أوروبا، من أجل حماية المجال الرقمي وتدبير مخاطره بشكل جماعي. وأضافت أنه يجري حاليا العمل على إحداث إدارة متخصصة في الذكاء الاصطناعي ستكون تابعة للوزارة، ومهمتها التنسيق بين السياسات العمومية، وتصميمها، ومواكبة تطور الذكاء الاصطناعي، والتي سيعهد إليها رصد التكنولوجيات الحديثة والتأقلم معها، إلى جانب السهر على تقنين المجال.