لشكر يواصل قيادة الاتحاد الاشتراكي    "الاتحاد الاشتراكي" من الانتخاب إلى التمديد.. لشكر يمدد لنفسه لولاية رابعة في ظل تراجع قاعدة الحزب وتزايد الانتقادات لقيادته    "جيل زد الأمازيغي" يعلن التمسك بقرار الانسحاب ويرفض "الوصاية الفكرية"    مناصب شاغرة برئاسة النيابة العامة    باحث روسي: مؤشرات الاقتصاد المغربي تؤهله لشراكة استراتيجية مع موسكو    مشروع "ميهادرين" الإسرائيلي لإنتاج الأفوكادو بالمغرب يثير جدلاً وسط أزمة المياه وتزايد الدعوات لوقف التطبيع    إسرائيل تخرق وقف إطلاق النار وتقتل 11 فلسطينياً من عائلة واحدة في مجزرة جديدة بغزة    واشنطن تسمح بزيادة إنتاج "بوينغ 737 ماكس"    الدفاع المدني ينعى 9 أشخاص في غزة    نهضة بركان يتطلع للقب قاري جديد أمام بيراميدز المصري في السوبر الإفريقي    بالقاضية.. حمزة رشيد يحقق أول فوز له في السلسلة العالمية للمواي طاي    ذكريات دوري الأضواء حاضرة في قمة مولودية وجدة والمغرب التطواني    التحقيق في محاولة انتحار شرطي بعد ارتكابه جريمة قتل    الإحصاء المدرسي ينطلق في المغرب    "الحال" يفتتح فعاليات الدورة 25 من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة    وفاة الفيزيائي تشين نينج يانج الفائز بجائزة نوبل    مغينية: فارق السن والخبرة أثر في النتيجة لكن الأداء كان مشرفا    أمن سطات يوقف أربعيني متورط في قتل زوجته والتمثيل بجثتها    طقس اليوم: سحب وضباب بالسواحل وحرارة مرتفعة في أغلب مناطق المملكة    لاعبو الدوري الإسباني يحتجون على إقامة المباريات في الولايات المتحدة الأمريكية    المنتخب المغربي للفتيات ينهزم أمام البرازيل بثلاثية في مستهل مشاركته في كأس العالم    الدرك الملكي بالجديدة يلقي القبض على شخصين قاما بالتبليغ عن عملية سطو مفبركة    محاولة انتحار شرطي بعد ارتكابه جريمة قتل بسلاحه الوظيفي بالدار البيضاء    مونديال الفتيات: المنتخب المغربي ينهزم في أولى مبارياته أمام البرازيل    لشكر يندد ب"قمع أردوغان لحزب الشعب" ويؤكد أن القوى التقدمية تواجه لحظة حرجة    لشكر: أعضاء الحكومة يختبئون وراء الملك واستقلال القضاء صار "سلبيا"    غموض لافت في مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء: بين دعم الحكم الذاتي وضمان حق تقرير المصير    بولس: الجزائر ترحب بتحسين العلاقات الثنائية مع المغرب وواشنطن سوف تفتتح قنصلية لها قريبا بالصحراء    المصادقة على 344 مشروعا بالشمال    التديّن الشكلي ببلاد المهجر    الخطوط الملكية تعلن عن رحلات مباشرة إلى الشيلي لمساندة "أشبال الأطلس" في نهائي المونديال    السلطات المغربية توقف 5000 مهاجر في الشمال لمنع "الحريك" الجماعي    توقيع اتفاق جديد للتعاون في مجال الصيد البحري بين المغرب وروسيا    تراجع المنتخب المغربي إلى المركز 12 عالميا في تصنيف الفيفا    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    انطلاق فعاليات مهرجان "جسد" للمسرح بمشاركة نوعية    فاطمة الزهراء لحرش توضح بهدوء أسباب طلاقها وتحسم الشائعات    حاتم عمور يلتقي جمهوره في أمسية فنية بالدار البيضاء    احتجاجا على سياسات ترامب.. توقع خروج الملايين للتظاهر في عدة مدن أمريكية تلبية لدعوة حركة "لا ملوك"    ألمانيا تجيز استخدام الشرطة للصواعق الكهربائية في جميع أنحاء البلاد    الأمم المتحدة: 80 في المائة من فقراء العالم معرضون لمخاطر مناخية    طنجة البالية: توقيف 3 قاصرين تورطوا في رشق الحجارة قرب مؤسسة تعليمية    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    وفاة والدة الفنانة لطيفة رأفت بعد معاناة مع المرض    شركات كبرى تحتكر سوق الدواجن بالمغرب والجمعية الوطنية لمربي الدجاج تحمّل الحكومة المسؤولية    إسرائيل ترجح إعادة فتح معبر رفح الأحد وحماس تؤكد "حرصها" على تسليم جثامين بقية الرهائن    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته للنمو في آسيا رغم التوترات التجارية الصينية الأمريكية    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيادة الكاتب العام للإدارة بالوزارات بداية الإصلاح الاداري
نشر في الأيام 24 يوم 19 - 09 - 2015

منذ سنوات خلت دأبت الحكومات المتتابعة على إصلاح وتجديد الإدارة العمومية المغربية. وإذا أمكن للمواطن المغربي أن يلاحظ بعض هذه التطورات فإن الإدارة العمومية المغربية في رمتها ضلت على جمودها وضلت العوائق الواقفة في وجه التغيير والتجديد ثابتة ومتينة.
الإدارة ولا سيما في نطاق الجهوية الجديدة، مدعوة إلى لعب دور مهم وفعال وفي الحالة التي هي عليها فإنه من السهل التنبؤ بالصعوبات التي ستواجه المواطن لاسيما وان الاختصاصات المخولة للجهات تتطلب حنكة إدارية نادرة في الوقت الحالي.
قد يقول البعض هناك وزارة مخصصة لتحديث الإدارة العمومية وهذا شيء ممتاز لو كانت لتلك الوزارة رؤية ثابتة وهدف واضح لأن إصلاح الوظيفة العمومية يتطلب رؤية وهدف محدد ويجب أن يتم الاصلاح على محاور متعددة وسنتطرق في هذا المقال لثلاثة محاور مهمة وتمثل شرطا لا غنى عنه لنجاح أي إصلاح إداري.
التجاذب السياسي
المحور الأول هو إبعاد الإدارة من التجاذب السياسي بمعنى أن الإدارة بمواردها البشرية يجب أن تسير من قبل الكاتب العام للوزارة ويكون تنفيذ المشاريع والقرارات الحكومية من مسؤوليته في حين تكون للوزير مسؤولية إقرار المشاريع ووضع استراتيجية وزارته كما يرجع له الحق في قبول أو رفض مقترحات موظفي وزارته بما في ذلك الكاتب العام. في هذا الإطار ولما يخدل أي مشروع حيز التطبيق يصبح محميا من تدخل الوزير الذي له الحق في الحصول على تقارير حالة المشروع وله الحق في إيقافه. الكاتب العام يصبح له دور اهم في التسيير الإداري للوزارة وفي تفنيد قرارات الحكومة المنتخبة.
تطبيق هذا التغيير يقتضي أن يكون موظفو الإدارة العمومية غير منحازين لأي حزب وان يكونوا غير منتمين سياسيا لأن دورهم هو تفعيل قرارات الحكومة المنتخبة حتى ولو كانوا غير مقتنعين بها وبعيدا عن انطباعاتهم الشخصية. فالحكومة تمتد صلاحياتها من الشعب الذي انتخبها وبالتالي فهي مسؤولة امام البرلمان وأمام الشعب. أما الموظفون فهم، مهما كانت رتبهم، مستخدمون غير منتخبين ويتقاضوا أجورهم من اجل أداء عمل معين. مع كل هذا، للموظفين دور إعطاء النصيحة للحكومة ويرجع لهذه الأخيرة الدور في قبول أو عدم قبول تلك النصيحة.
إذا،إدارة مستقلة عن الأحزاب وغير مسيسة أو متحزبة لأن الحكومات تتغير وتبقى الإدارة العمومية هي العنصر المستمر والذي يمثل بحق، استمرارية الدولة.

تطوير الكفاءات
كل شيء في تغير مستمر ولا يمكن للإدارة العمومية أن تتأقلم مع مناخها الجديد دون وضع برنامج واضح لتطوير كفاءتها على اختلافاتها التقنية والسلوكية.
الكفاءات التقنية يسهل تطويرها فيما تطوير الكفاءات السلوكية يحتاج إلى إطار متكامل يحتوي على سياسات وتعليمات واضحة تضع المواطن في الوجهة وتعمل على تخليق أداء الموظفين في جميع المجالات بما في ذلك الشفافية في التسيير، في التوظيف وفي تدبير المال العام.
وفي هذا النطاق، يجب وضع إطار تعليمي لإرساء برنامج للتدريب المستمر يتوج باختبار للتأكد من تمكن واستيعاب الموظفين لمضامين السياسات والتعليمات الخاصة بمجال عملهم والمسؤوليات المنوطة بهم.

المساءلة
المحور الثالث يخص تثبيت روح المسائلة في أدهنة الموظفين وذلك عبر التطوير المستمر وعبر إخضاع المسؤولين لاتفاق الأداء الوظيفي لجميع الأطر العمومية ولاسيما العليا. حيث يتعهد الإطار بمقتضى اتفاق الأداء الوظيفي بمستوى أدائي معين طبق مؤشرات متفق عليها، ويراجع هذا الاتفاق في منتصف السنة الإدارية لتقويم الأداء وكذا لإدخال أي تعديلات تفرضها الظروف الجديدة.
في اخر السنة يراجع الاتفاق وأداء الإطار وطبقا لمردوديته يقرر اعطاءه أو لا منحة نهاية السنة كما تقرر نوعية المنحة.
المساءلة لا تقتصر على التصرف في الميزانية الممنوحة فحسب بل تتخطاها لتعم مستوى التسيير الإداري بما في ذلك تسيير الموارد البشرية والتوظيف داخل المؤسسة العمومية وهذا الأخير يجب أن يتم طبقا لمعايير عالية كالاستحقاق وليس طبقا للانتماء السياسي أو القبلي أوالعرقي.
نقطة أخرى تبدو ناقصة في الإدارة العمومية المغربية وهي نقطة لا تنفصل عن المساءلة وتهم القيم والاخلاقيات فكما قال الشاعراحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فيجب تقويم اخلاق الموظفين وابعادهم عن فكر الربح الغير مشروع لكي تتغير نظرة المواطنين لموظفي القطاع العام واللذين أصبحوا مؤمنين بأن قضاء حاجاتهم في الإدارة العمومية يتطلب أحد الشرطين التاليين ولربما الإثنين معا: وجود شخص دو نفوذ وسلطة أو دفع مال للحصول على ما هو واجب وحق لهم.
قد يتباها السيد وزير العدل والحريات انه وضع خطا اخضر للتبليغ عن حالات الارتشاء وهذا شيء مستحسن وقد تنتج عنه نتائج إيجابية على المدى المتوسط والقصير ولكن النجاح الأوفر هو في التوعية وفي التربية وهاته تبدأ بالمدارس والجامعات من اجل تكوين نخب متشعبة بالقيم المثلى وتستكمل بدروس توعوية في الإدارة العمومية.
إدخال دروس في القيم والاخلاقيات في برامج التعليم وعلى كل المستويات سيساعد،لامحالة، على ترسيخ هذه القيم في نفوس المواطنين مما سيجعلهم مقتنعين بوجوب أداء عملهم بشرف، بعيدا عن التملق من المسؤولية، عن المحسوبية والارتشاء.

في الختام لابد من القول إن إصلاح الوظيفة العمومية لا يمكن ان يتم بين عشية وضحاها ولكنه لن يتم كذلك إذا لم يكلف بهذه المهمة أناس ذووكفاءات عليا همهم الوحيد هو إصلاح ذات البين وتحسين الخدمات التي يتلقاها المواطنون وليس لقضاء مصالحهم الخاصة أو مصالح حزبهم. وإذا كنت أؤمن بأن الوزراء يجب أن يمثلوا الأحزاب المنخرطة في التسيير الحكومي فإني بالمقابل أؤمن بأن إصلاح الوظيفة العمومية يجب ان يتم خارج اللعبة السياسية وخارج نطاق الأحزاب.
على المغرب، في هذ ا النطاق الابتعاد عن النموذج الفرنسي والاقتراب من النموذج الانجلوسكسوني حيث جعلت معظم هذه الدول الهيئة المشرفة على الوظيفة العمومية تابعة للبرلمان وليس للحكومة لتكون مسؤولة امام ممثلي الشعب وهناك كتب وأبحاث عدة تثبت جدارة هذا الاختيار.

إن أي تطور وتقدم مستقبلي للمغرب هو رهين بمدى فعالية ومهنية وظيفته العمومية على كل مستوياتها: الوطنية والجهوية والجماعية. فما دامت الوظيفة العمومية على حالها فإن أي إصلاحات اقتصادية كانت أم إدارية لن تؤدي إلى النتائج المتوخاة ولربما قد تؤدي إلى عكس ذلك.

الكاتب: هاشم بن الصالح
مدير عام بوزارة الصيد البحري والمحيطات الكندية ومدير عام سابق بالهيئة المكلفة بالوظيفة العمومية الكندية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.