ارتبط تاريخ الحرس الملكي أو الحرس السلطاني ارتباطا وثيقا بتاريخ الدولة المغربية بدءا من الأمراء الأدارسة مرورا بالمرابطين والموحدين ثم المرينيين، وصولا الى السعديين والعلويين. وقد تغير اسم الحرس الملكي بتغير التحولات التي شهدتها هذه المؤسسة عبر العصور، إذ انتقل من الحرس الأسود إلى الحرس الشريف إلى الحرس الملكي، وتأثر في كل مرحلة بتأثيرات دول أجنبية حصل معها التلاقي والتواصل، فكان التأثير العثماني بارزا في المرحلة الأولى، ليعوض بالتأثيرين الفرنسي والإنجليزي في المرحلة الثانية، ولينطبع بهويته المستقلة وخصوصيته المغربية في مرحلة ثالثة.
فقد نشأ الحرس الملكي مع بداية تأسيس الدولة المغربية على يد المولى ادريس الأول ليحيط بعده المولى ادريس الثاني نفسه بحرس انتقى واختار أفراده بعناية بالغة، فكان ذلك بمثابة البدايات الأولى لبروز حرس خاص بالسلاطين الذين تعاقبوا على اعتلاء عرش المملكة ، وقد اختار المرابطون لأنفسهم حرسا أسود ، حيث (جمع يوسف بن تاشفين بواسطة تجار الرقيق في إقليمغانا عددا كبيرا من العبيد، واختار منهم أمهرهم، وزودهم بالسلاح والخيل، ودربهم على جميع فنون القتال، وأنشأ حرسه الخاص الأسود من ألفي رجل، وأنشأ على مثل هذا النمط حرسا خاصا من الأندلسيين يتألف من فتيان من النصارى المعاهدين الذين يحتم عليهم اعتناق الإسلام، وكان يوسف يحبوهم بعطفه وصلاته، وينعم على من امتاز منهم بالإخلاص والشجاعة بمختلف الهبات من الخيل والثياب والسلاح والعبيد).
كما اتخذ الأمراء والملوك الموحدون لأنفسهم حرسا تشكل أساسا من جنود سود بواسل كانوا يحيطون بهم ويحافظون على سلامتهم الجسدية.
أما في عهد السلاطين المرينيين، فقد حافظ الحرس على تركيبته الأساسية من عناصر سود اعتبرهم المؤرخون بمثابة نواة الحرس الأسود لسلاطين المغرب بالرغم من وجود عناصر أجنبية من أكراد ومليشيات مسيحية داخله. في حين شكل السلاطين السعديون حرسا على الطراز العثماني، حيث أحاط السلطان المنصور الذهبي نفسه بحرس تشكل من أندلسيين وأتراك ومسيحيين، وتميز بلباسه الخاص.
وفي عهد السلاطين العلويين قام السلطان مولاي اسماعيل بتأسيس حرسه الخاص المكون أساسا من عبيد البخارى، حيث أوكلت لفرق من هذا الجيش مهمة الدفاع عن أفراك السلطان، والخدمة ضمن حناطي القصور السلطانية. كما تم في إطار الإصلاحات التي قام بها السلطان المولى الحسن لإعادة هيكلة الجيش المخزن، تخصيص هذا الحرس بلباس خاص على الطراز التركي، عادة ما يتكون من سروال أخضر أو أزرق، وبدعية وكبوط أحمر ونعال بنية وطربوش أحمر.
أما في عهد السلطان مولاي يوسف ، فقد تمت اعادة هيكلة "طابور العبيد" المعروف بالحرس الأسود ليكلف بمهمة حراسة السلطان إلى جانب قوات عسكرية فرنسية كلفت بهذه المهمة من طرف سلطات الحماية.
وقد بقي هذا الأمر قائما بعد تولي الملك الراحل محمد الخامس العرش، حيث اتخذت هذه المؤسسة مسمى الحرس الملكي وأصبحت وحدة ضمن صفوف القوات المسلحة تقوم بمرافقة الموكب الملكي في تنقلاته وزياراته.
وقد بقي هذا النظام سائدا، إلى أن تم تغييره بعيد استقلال المغرب في إطار العصرنة التي عرفتها بنية الدولة المخزنية، حيث تحول السلطان إلى ملك يحيط به حراس شخصيون gardes du corps على غرار رؤساء وملوك الدول العصرية . وقد تجسد ذلك في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي أنشأ فرقة من الحراس الأمنيين الخاصين به، وعلى رأسهم حارسه المفضل محمد المديوري . فبعدما تعرض الملك الراحل الحسن الثاني لمحاولتين انقلابيتين كادتا توديان بحياته ، وشعر بأن مهمة الملك محفوفة بالأخطار، كما ذكر ذلك في كتابه "التحدي"، طلب الاستعانة بالخبرة الأمنية للخبير الأمني الفرنسي ريمون ساسيا لتأسيس فرق أمنية خاصة لحمايته الشخصية. وفي هذا السياق، ظهرت إلى السطح السياسي، شخصية الحارس الشخصي للملك الراحل الحسن الثاني محمد المديوري، الذي أصبح بمثابة ظل الملك يتحرك وراءه كلما تحرك، ويتقدم أمامه كلما تقدم، حتى التصقت صورتهما في أذهان العموم كشخصيتين متلازمتين في الظهور والاختفاء. غير أنه بوفاة هذا الملك اختفت صورة هذا الحارس الشخصي من المشهد السياسي وانقطعت أخباره ، حيث تم إعفاؤه من مهامه أشهرا قليلة بعد اعتلاء محمد السادس الحكم .
و منذ ذلك الحين ، ارتبطت تحركات الملك محمد السادس بصورة حارسيه الشخصيين فكري وعبد العزيز الجعايدي، اللذين كانا حارسيه الشخصيين عندما كان وليا للعهد. ونظرا للثقة التي حظي بها عبد العزيز الجعايدي من طرف الملك محمد السادس، أصبح في ذهن المغاربة بمثابة ظل الملك، لا يمكن أن يتخيل أن يتحرك الملك بدونه، حيث كثيرا ما أثار غيابه العديد من التساؤلات حول سبب هذا الغياب، هل هو غضبة ملكية على حارسه، أم هو إعادة إرساله للتكوين بمعهد الشرطة، إلى غير ذلك من الأسئلة. وقد انعكس ذلك مؤخرا عندما تم تعويض الجعايدي بعميد الأمن ابراهيم نضام، الذي أصبح ملازما للملك في تنقلاته سواء داخل المملكة أو خارجها .