بعد أسابيع من عودة المغرب للاتحاد الأفريقي في ظل غياب دام 30 عامًاً، أعلنت القوات المغربية انسحابها من منطقة الكركرات، الأمر الذي دفع البعض للتساؤل عن نية الرباط من هذه الخطوة التاريخية. مراقبون أكدوا أن المغرب تحاول من هذه الخطوة تحويل الحرب من عسكرية إلى باردة، بينما وصف البعض الآخر الخطوة أنها تكتيك لإحراج جبهة البوليساريو أمام المجتمع الدولي.
و كان المغرب قد أعلن قراره بالانسحاب من الكركرات، وهي ضمن المناطق منزوعة السلاح، وتقع بين الحدود الموريتانية والمركز الحدودي المغربي في الصحراء المغربية.
وجاءت تلك الخطوة كمبادرة مغربية للتعبير عن حسن النية ولتجنب المغرب أي تشويش على تحالفاته الجديدة من داخل الاتحاد الأفريقي، ولا سيما أن الرباط تحاول عزل البوليساريو عن المحيط القاري الأفريقي بعد عودتها للاتحاد.
ووافقت القمة الأفريقية التي انعقدت في أديس أباب في يناير الماضي على طلب عودة المغرب لعضوية الاتحاد الأفريقي بعد غياب دام أكثر من ثلاثين عاما.
التحول إلى الحرب الباردة
بدوره قال الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة إن الانسحاب المغربي من الكركرات بمثابة تحول من حرب عسكرية إلى حرب باردة، لافتاً إلى أن الحل لابد وأن يكون دبلوماسيا لأن الوضع الملتهب في المنطقة لا يحتمل غير ذلك.
وأضاف في تصريحات ل "مصر العربية" أنه لا يوجد بلد عربي الآن مستعد للدخول في حرب، تزامناً مع التوتر الداخلي والتهديدات من المتطرفين الذين يتربصون للدخول في الصراع في أي بلد عربي، محذرا من استغلال "داعش" لهذا التوتر للدخول في الصراع على المنطقة الغربية.
وأوضح حسين أن الصراع الحدودي لابد وأن ينتهي لأنه يشكل خطر على المنطقة العربية في ظل اشتعال الحروب بها وتمدد تنظيم داعش الإرهابي خاصة في ليبيا القريبة، داعيا الطرفين إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية التي سبق لها أن فصلت في العديد من القضايا المشابهة.
فخ للبوليساريو
من جانبه يرى الباحث السياسي بالمركز العربي الأفريقي محمود كمال، أن انسحاب المغرب من الكركرات هو تكتيك لاحراج جبهة البوليساريو أمام المجتمع الدولي خاصة أن الجبهة كانت تسعى لإقرار المجتمع الدولي بإدانة المغرب واتهامه بارتكاب جرائم حرب بالتعدي على الصحراء.
وأضاف في تصريحات ل"مصر العربية" أن المغرب أراد بقرار الانسحاب توطيد علاقاته بالدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي الذي عاد إليه بعد أكثر ثلاث عقود، كما أنه سيساعده كثيراً في الاستفادة من إصرار البوليساريو على تواجدها والذي يعتبر خرق لوقف إطلاق النار .
وأوضح أنه في حال أي تصعيد من جبهة البوليساريو فإن المغرب يملك بمقتضى الفصل 51 من ميثاق الأممالمتحدة حجة الدفاع الشرعي عن النفس، بل وسيدعمه في ذلك المجتمع الدولي خاصة الاتحاد الأفريقي.
ولفت إلى أن قرار المغرب بالانسحاب لم يكن الهدف منه إيقاع البوليساريو في هذا الفخ فقط، وإنما كان له أهداف سياسية وأبعاد أمنية أخرى خاصة أن المغرب لديه توترات سياسية بسبب عدم التوافق على تشكيل حكومة منذ الانتهاء من الانتخابات التشريعية في نهاية العام الماضي.