ولمن لا يعرف اسم "بلقشور" (أنظر الصورة)، فيعود لأحد كبار مسيري كرة القدم في المغرب، اسمه بالكامل "عبد السلام بلقشور". ويتقلد منذ أعوام رئاسة العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية… ظهر الشعار في البداية على جدران الأحياء الشعبية في مدينة الدارالبيضاء، قبل أن يتحول إلى وسم "هاشتاغ" انتشر كالهشيم في النار على منصات التواصل الاجتماعي، ليتصدر بسرعة "الترند" المغربي، في حملة منظمة تزعمها جمهور فريق الوداد الرياضي البيضاوي.. إنهم يتهمون السيد عبد السلام بلقشور بالفساد. ثم انضمت إليهم مجموعات أخرى من "ألتراسات كروية" للمطالبة "بضرورة اجتثاث الفساد". واضح أن القصد هنا هو ذلك المتصل باتهامات تخص"التلاعب" في نتائج رياضة كرة القدم الوطنية… الاتهام بالتلاعب والفساد، إذا ما حصل وتأكد في هذه الحالة، فهو لا ينفصل عن الفساد العام الذي يضرب البلاد على مختلف المستويات والزوايا والأركان… حَدِّدْ لي مجالًا واحدًا لم يلمسه الفساد، إن لم ينخره ويعفنه بالكامل… روائح الفساد لم تزكم فقط الأنوف، بل جدعتها حتى أصابت الناس بفقدان القدرة على الشم وتمييز الروائح، الطيب منها والنتن… وقد اندمجت كيمياء كل الروائح في نفحة واحدة، أصبحت من أشهر الأنواع استهلاكًا بيننا… هي مواسم "كوكو فساد " ولا ريب، وقد انطلقت وتفرقعت… تصرخ: "واك واك الفساد يا عباد الله…"!. وقد قام أحدهم بتقديم ترجمتها الكروية: "الوداد.. الوداد.. wac wac يا عباد الله…" … بعدما ألقي القبض على رئيس نادي الوداد سعيد الناصري بتهم الاتجار في البشر والقوادة وترويج المخدرات، وتهم أخرى ثقيلة لا زالت معروضة على القضاء… ولن ننسى وبكل روح رياضية باقي السادة من رؤساء الفرق الكروية.. ومن بينهم محمد بودريقة رئيس الرجاء. فمن أين نبدأ؟ ليكن من آخر "ما غنَّت أم كلثوم"، كما نقول في التعبير المغربي الساخر، وإن انتفت هنا كل مسخرة… من حوافر الفراقشية؟ أم من الرخويات التي برؤوس من دون أرجل؟ أم من شهادات الماستر القلالشية؟ أم من مراكز الدراسات الحزبية الوهمية؟ أم من المحروقات الأخنوشية…؟ أو من فضائح "الجنس مقابل النقاط"؟ أو.. أو.. أو.. أو.. أو.. أوْئوا ما شتم من (أوْءاوات) ولتستبدلوها بالهاوْهوات… فقافلة الفساد تسير وأنتم الكلاب تنبحون.. فانبحوا.. فانبحوا..انبحوا.. عاش الوطن! ولا تغضبوا من وصف الكلاب، فلا يوجد حيوان أوفى من الكلب، وأنتم الأوفياء في السكوت عن الفساد والمفسدين… لله دركم! وأنتم تتفننون في لعق جراحاتكم الناتجة عما ألحقته بكم أنياب ومخالب غول الفساد.. ألا يكفي هذا المشهد المتعفن المريع لإسقاط حكومة أخناتوش وهامان وآمون وكل حلفائه من فراعنة الهيكل المخزني؟! وكل شيء في هذا البلد صار متاحًا للنهب العلني ومنذورًا للسرقة الموصوفة.. حتى ملتمس الرقابة يا ناس تعرض للنشل والاختلاس…! ألم يصلكم تبليغ المحنك المحتَتْرَم المثلث، مختلس حزب بأكمله في واضحة النهار، من يستعد ليتربع ويتمدد ويستطيل ما شاءت له الأقدار المخزنية.. وليتخذ كل الأشكال الهندسية القراقوشية التي لم يسمع باسمها أحد من قبل ولا بعد.. عذركم معكم.. ألستم جميعا من المتخلفين في علوم الهندسة والرياضيات والحساب والجبر… ولا من يجبر بخواطركم المهمومة والمهزومة، وشكاويكم المهملة والمردومة وسذاجتكم المعيبة والموصومة؟!! إنهم لا ينفكون عن المراهنة على ذاكرتنا القصيرة الأمد، بنشر وباء النسيان في الأبدان قبل العقول.. غير أننا ونحن في غمرة النسيان وتلاشي الذاكرات.. تبقى رائحة الفساد تحوم فوق رؤوسنا، تزكم أنوفنا ولا تدعنا نسترخي وندوخ قليلا بنعمة النسيان.. إنها "تلك الرائحة" التي تحدث عنها الأديب المصري الكبير صنع الله ابراهيم (نتمنى له الشفاء)، وقد صاغ تفاصيلها بأسلوب كافكاوي مثير، يعبر عن شعور دائم بالاشمئزاز واليأس والانهزام الذاتي، في مرحلة قلقة متأزمة تسودها عتمة الضباب والاضطراب… ليبقى التنبيه لمعضلة الفساد والإفصاح عن مخاطره بلغة بالصراخ، يمثل آخر آهة من آهات القساوة والتعذيب والآلام… إن ما يرشح على السطح ليس سوى "القشور".. أما ما خفي فأعظم من الكرة ومما يتهم به المسمى "بلقشور"… لا يكفي توقيف واعتقال مرتكبي جرائم الفساد، وليس سهلا القضاء على الفساد، إن لم يتم استئصاله واجتثاثه من الأصل ومن الجذور… لم تكن صدفة حين لجأ صنع الله في "تلك الرائحة" إلى عدم تسمية بطل لقصته، لأن البطل (الباطل) هو حالة طاغية وإحساس عام.. هل نقف أم نعوشنا ونصلي على أرواحنا صلاة الجنازة الوطنية….؟!!.. الله أكبر.. الله أكبر.. جنازة شعب قضى في حادثة سير من حوادث الفساد… لكن صلاة الجنازة لا ركوع بها ولا سجود، كيف نؤديها ساجدين راكعين منبطحين نائمين وسط النعش الأكبر..! أم إنه جرى إعفاؤنا، (مثل أغنام أضحى هذا العام)، ليتولى من سيتولى القيام بالوداع الأخير وليهدينا "صلاة إبراهيمية".. "على حقها وطريقها"، أي كما تقتضي الطقوس وكما يجب…؟! لا حق لك أن تنضم ل "عبس وتولى"… بعد أن أفسدها أصحاب من "عبث وتولى".