عبد الرزاق حمدلله: ابن حي "كاوكي" و"ولد الشعب" الذي كسب "التحدي" وعاد للمنتخب

بين أزقة حي كاوكي الشهير بمدينة أسفي، كان يركض بكرته طوال الوقت، فقد شكلت المستديرة هوايته الموحدة، التي استطاع من خلالها إعالة عائلته المتواضعة، هو لاعب يمتاز بشخصيته القوية، لا يرضى بالتقليل منه، فقد كانت قصته المتذبذبة مع المنتخب المغربي، مثالا قويا على أن عبد الرزاق حمدلله لاعب فريد لا يعرف الاستسلام، هو ابن أولمبيك أسفي أو " ولد الشعب" كما يصفه المغاربة المتعاطفون معه في مساراته الصعبة مع المنتخب، وهو الأسد الذي اخترنا هذا البورتريه لنكشف مسارات لاعب انتقل من أزقة حي كاوكي العتيقة إلى إنجاز الصعود مع أسود الطلس للدور الثاني بكأس العالم.
يعتبره المغاربة من اللاعبين المحليين القلائل الذين قاتلوا من أجل حلمهم في ظروف قاسية، فقد عاش حمدلله بين حي كاوكي بأسفي، هناك لمس عشقه الأول وهو كرة القدم، إذ وجد فترات " الميني فوت" بين أوقات الدراسة، متنفسا للممارسة كرة القدم، التي اتخذ منها وسيلة لتحقيق أحلامه، فقد اعتمد أبناء حيه على قدراته من أجل الفوز بدورات رمضان، وشكل تواجده بتشكيلة الفريق أمرا ضروريا لتحقيق الانتصار.
امتاز حمدلله بقوة بنيته الجسمانية، والتي مكنته من التفوق على زملائه، وشكل التحاقه للفريق الشبان لأولمبيك أسفى، منفذه الأول لتحقيق حلمه بحمل قميص الفريق المسفيوي، واللعب بالبطولة الوطنية، غير أن فتراته بفريق الشبان ستطبع على شخصيته القوية، والرافضة للتهميش، فقد شكل استبعاده الممنهج من التشكيلة الرسمية، مشاحنات بينه وبين مدرب الشبان، إذ وجد استبعاده غير منطقيا نظرا لانضباطه وتنقله الطويل من المنزل إلى الملعب، غير أن حمدلله سيجد من موقفه مالم يتوقعه، إذ سيتم استدعائه للفريق الأول، وهناك ستبدأ رحلة حمدلله نحو تحقيق أهداف لم يكن ليتوقعها أبدا.
في سنة 2010 سيبدأ حمدلله مبارياته الرسمية مع الفريق الأول لأولمبيك أسفي، وسيخلق المفاجأة الكبرى بتحوله للاعب حاسم في جل مبارياته، وسيتحول لأفضل اللاعبين الصاعدين بالبطولة، وهو ما سيجعله يتلقى دعوة من المنتخب الاولمبي التي تلقاها حمدلله ابن حي كاوكي المهمش بمفاجأة كبيرة، سيحول حمد لله كل جهده للفريق المسفيوي وللمنتخب الاولمبي وسيساهم في تأهل الأخير إلى المنافسات الأولمبية التي سيصدم حمدلله بعدم استدعائه لها، وهو ما سيخلق بداخله إحساس التهميش الذي يتلقاه كل لاعب محلي بالمنتخب.
سيجد حمدلله خيبته وقودا لإعطاء أفضل ما لديه، فقد تمكن من أن يصبح في موسم 2012 هداف البطولة، ثم اللعب لأول مرة مع المنتخب المغربي الأول، ثم الانتقال في نفس الموسم للدوري النرويجي بنادي أليسون، الذي حقق معه هداف البطولة في مفاجأة كبيرة.
سيترك حمدلله الأجواء الباردة بالنرويج وسينتقل للدوري الصيني، الذي لم يجد صعوبة في كسر أرقامه القياسية وسيتحول لهداف الموسم، وهو ما جعل بادو الزاكي يوجه النداء له، ثم لينتقل بعدها للخليج الذي سيكسر أرقامه أيضا و شباك الأندية القطرية والسعودية، لكن حمدلله ستلحقه لعنة التهميش من المنتخب بسبب المشاكل التي واجهها مع مدرب المنتخب هيريفي رونار وفيصل فجر، إذ سيترك معسكر كأس افريقيا ويرحل وسط جدل كبير.
غير أن قدوم وليد الركراكي، الرجل الذي وجه لحمدلله رسالة واضحة، وهي أن المنتخب مفتوح لمن يريد تقديم الإضافة، وهي الرسالة التي دفعت حمدلله للتأكيد على جاهزيته لحمل قميص المنتخب، والدفاع عن النجمة الخضراء، وهو ما أوفى به إذ ساهم ولو بدقائقه القليلة في تأهل المنتخب للدور الثاني في إنجاز سيذكره أبناء حي كاوكي قبل الكل.