احتضن فضاء باب الوداية بالعاصمة الرباط، مساء الأربعاء، مهرجان "أقدم قفطان في المغرب" في نسخته الأولى، في مبادرة ثقافية تروم صون التراث الوطني وتعزيز إشعاعه، نظمتها الجمعية المغربية للثقافة والتراث، بتنسيق مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل. واستهل الحفل الذي أشرفت على تقديمه فقراته هانية قسومي بدقيقة صمت ترحما على أرواح ضحايا فيضانات آسفي، قبل عزف النشيد الوطني، في أجواء اتسمت بالفخر والاعتزاز بالهوية المغربية، خاصة أن التظاهرة تتزامن مع تسجيل القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الإنساني لمنظمة "اليونيسكو". وفي كلمة بالمناسبة عبر صلاح الدين عبقري، الكاتب العام بالنيابة لقطاع الثقافة، عن اعتزازه بالمشاركة في هذا المحفل الجمالي والتاريخي، مبرزا أن القفطان المغربي يعد واحدا من أبهى تجليات العبقرية المغربية وأكثرها صمودا عبر الزمن. وأضاف عبقري أن تسجيل القفطان والمعارف المرتبطة به ضمن قائمة "اليونيسكو" يشكل لحظة تاريخية فارقة في مسار حماية الهوية الوطنية، مؤكدا أن هذا الاعتراف "ليس مجرد إجراء إداري دولي، بل شهادة عالمية تقر بأن القفطان هندسة اجتماعية وثقافية ومهارة يدوية تناقلتها الأجيال". وشدد المتحدث ذاته على أن هذا الإنجاز هو انتصار لكل "معلم" وصانع وخياط حافظ على هذا الزي التقليدي من الاندثار، مبرزا أن شعار الدورة "أقدم قفطان" يأخذنا في رحلة عبر الزمن لاستحضار عمق القفطان وتجذره في الذاكرة الجماعية للمغاربة. وأكد المسؤول ذاته التزام وزارة الشباب والثقافة والتواصل، أكثر من أي وقت مضى، بمواصلة "معركة الهوية"، من خلال حماية الملكية الفكرية للموروث الثقافي المغربي ضد كل محاولات السطو والانتحال، ودعم الشباب للحفاظ على موروثهم والترويج للصناعات الثقافية باعتبارها رافعة من روافد الاقتصاد الثقافي، خاتما كلمته بالقول: "من لا ماضي له لا مستقبل له". وتواصلت فقرات الحفل بعرض فيديو تعريفي يوثق لأنواع القفطان المغربي الخاصة بمختلف مناطق المملكة، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، تلاه عرض أزياء مميزة لقفاطين مغربية تقليدية قديمة، أبرزت غنى التراث وتنوعه الجهوي والدلالي، وسافرت بالحاضرين لبعث التاريخ المغربي. من جهتها قالت بشرى النقرة، رئيسة الجمعية المنظمة، إن هذا المهرجان يشكل "حدثا وطنيا نوعيا" يهدف إلى إبراز القيمة التاريخية والجمالية للقفطان المغربي، وإحياء الذاكرة الوطنية من خلال عرض قطع تراثية نادرة توارثتها العائلات المغربية جيلا بعد جيل، إلى جانب تسليط الضوء على الدور المحوري للحرفيين والمصممين في الحفاظ على استمرارية هذا الفن الأصيل. وأضافت النقرة، في تصريح لجريدة هسبريس، أن المغرب "أرض القفطان"، وأن هذا المعطى تعزز أكثر بعد التسجيل الأخير لدى منظمة "اليونيسكو"، وهو إنجاز يفتخر به المغاربة قاطبة، تحقق بفضل جهود الملك محمد السادس ووزارة الثقافة وجميع الفاعلين في القطاع، الهادفة إلى صون التراث المغربي من كل أشكال السطو. واختتم الحفل بوصلة غنائية أدتها المغنية جايلان، قدمت خلالها أغنية "ها وليدي" إلى جانب عملها الجديد "خمسة وخميس"، في لحظة فنية تفاعل معها الحاضرون، مزجت بين الاحتفاء بالتراث وروح المعاصرة.