يبدو أن جبهة البوليساريو لا زالت لم تستسغ بعد حجم الإنجازات المتوالية التي يحققها المغرب، في معركة كسب الدعم الدولي لصالح مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة في مقابل الخسائر التي تحصدها الجبهة وصنيعتها الجزائر. فصارت تخبط خبط عشواء، وتتصرف على نحو يبعث على "السخرية والاستهزاء"، في انكشاف واضح للأزمة التي أصبحت تعيشها قيادة مخيم الرابوني. آخر شطحات الجبهة الانفصالية، تقول إن ما يسمى الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن، قد وقعت اتفاقا للاستكشاف المعدني، يمنح بموجبه رخصة استكشاف لشركة "نوماد إكسبلوريشن" الاسترالية، على مساحة 2000 كيلومتر مربع في منطقة أم أعبانة، الواقعة شرق الجدار الرملي المغربي.
وبحسب ما يروجه إعلام النظام الجزائري، فإن الشركة الاسترالية "نوماد إكسبلوريشن" "تعتزم البدء في دراسات متعددة باستخدام أحدث تقنيات الاستكشاف الحديثة بما في ذلك الاستشعار عن بعد وتحليل الصور الجوية المتعلقة بمنطقة الرخصة وسيتبع هذا العمل الاستكشافي الأولي أنشطة ميدانية بما في ذلك المسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي".
وتعليقا على إعلان جبهة البوليساريو منح الشركة الأسترالية المذكورة ترخيصا للتنقيب عن المعادن شرق الجدار الرملي المغربي، قال البراق شادي عبد السلام، الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، إن "الخبر الذي نشرته وكالة أنباء ميليشيا البوليساريو يندرج في إطار التضليل الإعلامي الذي أصبح استراتيجية متهالكة تلتجئ إليها قيادة الميليشيا في كل مرة تستشعر احتقان الأوضاع داخل المخيمات التي يعيش فيها المحتجزون حاليا في ظل حالة لا إنسانية بسبب الظروف المناخية القاسية في لحمادة".
الكلمة العليا ل"الدرون" المغربية!
وأكد البراق شادي في حديث ل"الأيام24″، أن "الانتصارات الميدانية الكبرى التي يحققها المغرب في قضية الوحدة الترابية عسكريا وديبلوماسيا وقانونيا، يضع قيادة البوليساريو في مأزق سياسي كبير ويحشرها في زاوية الكذب والبهتان، لتبرير فشلها الذريع في الوفاء بوعودها وتهديداتها ووعيدها في التأثير على الوضع القائم وإشعال حرب إقليمية".
وتابع المتحدث أنه "على المستوى العسكري، فإن القوات المسلحة الملكية تفرض حظرا جويا وبريا على مناطق شرق الجدار الأمني إلى غاية الحدود الموريتانية المغربية، حيث أصبحت هذه المناطق "محرمة" على ميليشيات البوليساريو وآلياتهم، وهو ما أثر بشكل كبير على أنشطة التهريب التي تحترفها عناصر الميليشيا"، مشيرا أن "الدرون المغربية أصبحت لها الكلمة العليا في المنطقة وتلعب أدوارا طلائعية في حماية الأمن القومي للوطن".
من جهة أخرى، يرى البراق شادي، أن "الاعتراف الأمريكي والإسرائيلي ونجاح نهج "ديبلوماسية القنصليات" في حشد أكثر من 28 قنصلية في العيون والداخلة كتأكيد على أحقية المغرب وتكريسا لسيادته على الأقاليم الجنوبية، والإجماع الدولي على المقترح المغربي لحل النزاع في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يبرز حقيقة أن الميليشيا اليوم وحاضنتها الجزائر يعيشون في ظل تيه ديبلوماسي متواصل وغير قادرين على تقديم رؤية مغايرة لتدبير الصراع إلا من خلال ترديد شعارات الحرب الباردة".
واعتبر المتحدث أن "اللجوء إلى صناعة الأكاذيب وتضليل الحقائق وترويجها على نطاق واسع، يبقى هو الحل الوحيد أمام نظام شنقريحة لتبرير العملية الممنهجة في تبديد ثروات الشعب الجزائري في صفقات تسليح غبية".
قرار المحكمة البريطانية يحسم المعركة القانونية
وأشار الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، إلى أن الحكم البريطاني الأخير لصالح المغرب القاضي برفض محكمة الاستئناف في لندن لطلب استئناف تقدمت به منظمة غير حكومية داعمة لجبهة "البوليساريو" لإبطال اتفاق شراكة بين المغرب وبريطانيا، حسم المعركة القانونية لصالح المغرب وأنهى عقودا من المضايقات باسم العدالة لمسار المغرب التنموي في الأقاليم الجنوبية".
ولفت المتحدث أن "هذا الحكم الأخير بالإضافة للإعتراف الإسرائيلي، جعل قيادة الميليشيا تعيش في إحباط سياسي وحالة نفسية مهزوزة يجعلها مستعدة للقيام بأي شيء يعتمد على تحوير الحقائق والكذب البواح، محاولة ترويج انتصار سياسي وعسكري وهمي داخل مخيمات الذل والمهانة".
كيان وهمي يعيش الأوهام!
وأشار البراق شادي، أن "ميليشيا البوليساريو منذ 2014 إلى غاية 2023، وزعت 5 رخص تنقيب في مناطق متعددة، لكنها كانت مجرد فقاعات إعلامية توجهها للاستهلاك الداخلي داخل المخيمات"، مشيرا أنه في الشهور السابقة أيضا "طالعنا الدعوة المضحكة التي وجهتها قيادة الميليشيا في تندوف للدول الأوروبية إلى تجديد إتفاق الصيد البحري معها في نكتة سياسية أظهرت حقيقة التخبط الكبير الذي تعيشه الميليشيا".
وأوضح الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، أن "ترويج البوليساريو لأكذوبة التنقيب على ثروات باطنية في الأقاليم الجنوبية بالتعاقد مع شركة وهمية لا وجود لها ولا نشاط تنقيبي سابق لها هي محاولة فاشلة وأسلوب مكشوف وإجراءات مفضوحة للتأثير على الحكم الاستئنافي المنتظر صدوره عن محكمة العدل الأوروبية نهاية السنة، حيث أنه غالبا ومن خلال التراكم القانوني والقضائي من خلال أحكام متعددة سيكون لصالح الأطروحة المغربية".
إلى ذلك، أكد المتحدث أن "مقدم طلب الطعن (جبهة البوليساريو) لا يتمتع بالشخصية القانونية بموجب القانون الداخلي لدول الاتحاد الأوروبي، ولا يخضع للقانون الدولي ولا يفي بالمعايير التي وضعتها محاكم الاتحاد الاوروبي بهدف الاعتراف بالقدرة على رفع دعاوى قانونية".