حذرت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبرانسي المغرب " من خطورة تسريب المرسوم الحكومي المتعلق بدعم استيراد اللحوم الحمراء، قبل صدوره بشكل رسمي، وهو ما أتاح لبعض الأطراف الاطلاع المسبق على محتواه والاستفادة منه بشكل غير مشروع. وأكدت أن هذا التسريب يرقى إلى جريمة استغلال معلومات سرية، ويطرح تساؤلات جوهرية حول عدالة توزيع الدعم الحكومي الذي قُدّر بما يناهز 13.3 مليار درهم.
واعتبرت أن العملية، رغم حجم الميزانية المرصودة، لم تحقق الأثر المنتظر لصالح المواطنين، حيث شابها الكثير من الغموض والاختلالات، مشيرة إلى أن الاستفادة منها لم تكن شفافة، وأن بعض الأطراف حصلت على "أفضلية غير مشروعة" بفضل التسريبات، ما يستدعي فتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية.
وسجلت أن لائحة المستفيدين قد ضمت عددا من البرلمانيين وهو ما جعل بعض الأحزاب تؤكد وجود وزيعة فصلت على مقاس نواب من حزب في الأغلبية
وعبرت الجمعية عن قلقها البالغ من الخروقات الأخيرة التي طالت تدبير المال العام والمعطيات الحساسة للمواطنين، معتبرة أن ما جرى يمثل تهديداً خطيراً للثقة في مؤسسات الدولة، ويمس بمبدأ الشفافية والنزاهة في التدبير العمومي.
"ترانسبرانسي المغرب" عبرت عن انشغالها العميق بالهجمات السيبرانية المتكررة التي طالت عدداً من المؤسسات الحكومية، وعلى رأسها وزارة التشغيل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومصالح الوظيفة العمومية. هذه الهجمات، حسب الجمعية، تسببت في تسريبات واسعة لمعطيات شخصية حساسة، ما يشكّل تهديداً مباشراً لأمن المواطنين الرقمي، ويضرب في العمق مبدأ حماية الحياة الخاصة المنصوص عليه دستورياً.
ودعت الجمعية الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة في هذا الصدد، تشمل إبلاغ المواطنين المتضررين، وفتح تحقيق شفاف في تدبير هذه المعطيات، والوقوف على مكامن الخلل في الأنظمة المعلوماتية، خاصة في ظل غياب معايير صارمة لتدبير البيانات وحمايتها من الاختراق أو التداول غير المشروع.
وفي موضوع آخر، تطرقت الجمعية لعمليات هدم المنازل التي شهدتها عدة مدن مغربية، وخصوصاً بمدينة الدارالبيضاء، حيث تم هدم أحياء كاملة دون تقديم بدائل حقيقية للمتضررين، وهو ما اعتبرته "انتهاكاً لحقوق الملكية وتعسفاً في تطبيق القانون".
وأكدت أن هذه العمليات لا تتماشى مع روح قانون نزع الملكية، وأسهمت في تعميق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية للأسر التي فقدت منازلها، مطالبة بتقديم رؤية واضحة حول سياسات التعمير والتملك، وتوفير تعويضات عادلة تحفظ كرامة المواطنين المتضررين.
وأكدت الجمعية بلاغها على ضرورة كشف نتائج التحقيقات المتعلقة بهذه الملفات الحساسة، بما يعزز مبدأ الشفافية، ويرسخ ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، محذّرة من أن الاستمرار في الغموض واللاوضوح لن يؤدي إلا إلى اتساع رقعة الاحتقان وازدياد فقدان الثقة.