في سياق تتزايد فيه ضغوط أصوات سياسية مؤثرة داخل أوروبا من أجل تصنيف جبهة "البوليساريو" منظمة إرهابية، كشفت صحيفة "Sahel Intelligence" المتخصصة في متابعة مستجدات منطقة الساحل بإفريقيا، أن العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تدرس إغلاق المكاتب التمثيلية للجبهة الانفصالية على خلفية اشتباه الأخيرة في ربط علاقات مع منظمات إرهابية تنشط بمنطقة الساحل وبالشرق الأوسط.
وأفادت الصحيفة استنادا إلى وثائق قالت إنها سرية وتمكنت من الاطلاع عليها، بأن أجهزة الاستخبارات الأوروبية أجرت تحقيقات أوصلتها إلى وجود ارتباطات مالية ولوجيستية مشبوهة بين قادة "البوليساريو" وتنظيمات مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ثم جماعة دعم الإسلام والمسلمين، بالإضافة إلى شبكات خطيرة تنشط في سوريا واليمن وإيران والعراق.
وعلى ضوء نتائج التحقيقات الأوروبية التي استنفرت الحكومات الأوروبية ودفعت مسؤوليها إلى عقد سلسلة من المشاورات الطارئة، سيتم اتخاذ قرار حاسم خلال الأيام المقبلة ضمانا للأمن القومي الأوروبي، علما أن ميزانية هذه التمثيليات تأتي من أموال الشعب الجزائري وجزء من المساعدات الإنسانية الدولية التي تصل إلى الصحراويين بمخيمات "تندوف".
ونقلت صحيفة "Sahel Intelligence" عن مصدر مسؤول في الاتحاد الأوروبي رفض الكشف عن هويته، قوله إنه لا يمكن لأوروبا أن تغض الطرف عن المنظمات المشتبه في علاقتها بالإرهاب أو السماح لها بالاستفادة من أي شرعية أو بنية تحتية على أراضي القارة العجوز.
يأتي هذا في وقت بادرت فيه بعض الدول الأوروبية بالفعل إلى إغلاق فيه ما يسمى بتمثيليات الجبهة فوق أراضيها، من بينها فنلندا، سلوفينيا وهولندا، ما يعكس تراجعا واضحا في الحضور الدبلوماسي للجبهة على الساحة الدولية وسط عزلة غير مسبوقة.
علاقة بالموضوع نفسه، يشار إلى أن سياسيين أوروبيين وأمريكيين يقودون تحركات من أجل تصنيف جبهة "البوليساريو" منظمة إرهابية؛ ففي الوقت الذي أعلن فيه مؤخرا عضو مجلس الشيوخ الأمريكي الجمهوري جو ويلسون، عزمه العمل على تقديم قرار تشريعي بهذا الخصوص، طالب النائب الفرنسي السابق بيير هنري دومون، رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، بالإقرار بالطابع الإرهابي لهذه الجماعة التي تستعملها الجارة الشرقية للمملكة كورقة في معركتها مع المغرب.
من جهته، أعرب النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي نيكولا باي، عن قلقه من التهديد الذي تمثله الجبهة الانفصالية على سلم وأمن المنطقة، عندما قال في تغريدة نشرها الإثنين الفائت عبى حسابه ب"إكس": "البعض يتظاهر بعدم رؤية الطبيعة الإرهابية الحقيقية لجبهة "البوليساريو"، مضيفا: "إن علاقات هذه المنظمة مع حزب الله ينبغي أن تكون كافية لتوضح لهم".
وليست هذه المرة الأولى التي يعبر فيها السياسي الفرنسي ذاته عن موقف مماثل، بل سبق أن أكد شهر فبراير الماضي أن جبهة "البوليساريو"، التي تنازع المغرب في صحرائه بدعم من الجزائر، "ليست حركة تحرير كما يروج البعض، بل ذراع لعدم الاستقرار في شمال إفريقيا، بتواطؤ مع إيران والميليشيات التابعة لها".