على خلفية الأزمة الدبلوماسية بين فرنساوالجزائر، تمضي هذه الأخيرة في تطوير شراكاتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في مجال الطاقة، بهدف تحقيق مزيد من الاكتشافات النفطية والغازية في الصحراء وفي سواحل البلاد، بعيدا عن التعاون الاقتصادي مع باريس. وفي هذا الصدد، استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، وفدا عن شركة شيفرون الأمريكية، بمقر رئاسة الجمهورية وبحضور مدير الديوان بوعلام بوعلام، ووزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، محمد عرقاب، والرئيس المدير العام لشركة سوناطراك، رشيد حشيشي. وفي تصريح عقب الاستقبال، أكد نائب الرئيس للتطوير التجاري ل"شيفرون"، جو كوك، قائلا: "هذا اللقاء يشجعنا إذ أنه يتطابق مع الاتفاق المبدئي من أجل التفاوض ومباشرة العمل، وقد لمسنا أن هناك تجاوبا لمواصلة المباحثات".
وتراقب "شيفرون" السوق الجزائرية منذ مدة، فقد سبق لها سنة 2024، توقيع اتفاقية مع مجمع سوناطراك، من أجل تطوير موارد المحروقات بحوضي أهنات وبركين، الواقعتين جنوب البلاد.
وتُعد هذه المذكرة، وفقا للطرفين، منصة حوار استراتيجية تُمهد لدراسة فرص استغلال الإمكانات المنجمية الكامنة بالحوضين، مع التركيز على الكفاءة التشغيلية، واعتماد التكنولوجيا المتقدمة، وأفضل الممارسات في مجالات الاستدامة والبيئة.
وليست "شفرون" وحدها في المعادلة، فقد وقعت شركة "سوناطراك" الجزائرية بالمثل مذكرتي تفاهم مع وشركة "أوكسيدنتال بتروليوم كوربوريشن" الأمريكية، مؤخرا على هامش المنتدى الجزائري الأمريكي للطاقة 2025، بهدف تعزيز وتوسيع تعاونهما في مجال استكشاف وانتاج المحروقات في الجزائر.
وتتعلق مذكرة التفاهم الأولى، وفقا لذات المصدر، "بتحديد إطار المناقشات المتعلقة بدراسة إمكانيات التعاون في تطوير المكامن الكربوناتية"، أما المذكرة الثانية، فتنص على "تطبيق تقنيات الاستخراج المعزز للنفط، بغرض تعظيم الإنتاج وتعزيز عوامل الاسترجاع النهائي".
وإضافة إلى سعي الجزائر إلى تعزيز تعاونها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في قطاع الطاقة، هناك أيضا اهتمام متزايد بالزراعة، حيث قامت شركة جزائرية خاصة مؤخرا باستيراد 25 ألف بقرة أميركية.
وفي مقابل تزايد وتيرة التعاون الاقتصادي الجزائري الأمريكي، يلاحظ انعكاس الأزمة السياسية بين الجزائروفرنسا على العلاقات الاقتصادية، حيث تراجعت المبادلات التجارية بين البلدين، خاصة وأن الجزائر تحاول الضغط على باريس يإيقاف استيراد بعض السلع والمواد الغذائية الفرنسية لعل أخرها مادة القمح.
وفي هذا الصدد، أوقفت الجزائر استيراد القمح الفرنسي بشكل كامل، مما أغلق فعليا سوقا استراتيجية تبلغ قيمتها 9 ملايين طن سنويا أمام باريس.
ويأتي هذا القرار، حسب متتبعين، في خضم توتر دبلوماسي متصاعد بين البلدين، ويُعد ضربة قوية لجزء كبير من الصادرات الزراعية الفرنسية.
ولم تسجل الجزائر هذا العام أي طلبات استيراد للقمح الفرنسي، وفقا لما نقلته صحيفة "Le Bien Public"، مما يعني إغلاق باب تصدير نحو 9 ملايين طن كانت تمثل حصة كبيرة من المبيعات الفرنسية في الخارج.