التمست محكمة دار البيضاء بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، تسليط عقوبة مشددة مدتها 7 سنوات حبسا نافذا في حق الباحث في التاريخ محمد الأمين بلغيث، في القضية المتعلقة بتصريحاته التي تشكك في الأمازيغية على قناة إماراتية. وتوبع بلغيث الذي رافقه عدد معتبر من المحامين، بجنحة "نشر خطاب الكراهية والتمييز عن طريق تكنولوجيات الإعلام الاتصال وجنحة الترويج عمدا بأي وسيلة كانت لأخبار أو أنباء مغرضة بين الجمهور يكون من شأنها المساس بالنظام العام وجنحة المساس بسلامة وحدة الوطن".
وسبق هذه المحاكمة إسقاط القضاء الجزائري التهم الجنائية في ملف المؤرخ بلغيث الذي حوكم وهو رهن الحبس المؤقت، وهو ما فهم على أنه رغبة في تخفيف عبء هذه المحاكمة بعد الضجة الواسعة التي أثارها حبسه.
وسبق هذه المحاكمة مطالبات بالإفراج عن عنه تحت قبة البرلمان من قبل عدد من النواب تحدثوا عن وطنيته وكونه ابن شهيد وباحث مؤلف في مجاله، وهي معطيات رأى النواب في أنها تشفع له في تجنيبه مصير السجن.
وكان تصريح المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، الذي قال فيه إن الأمازيغية "مشروع أيديولوجي فرنسي-صهيوني"، وإن أصل البربر يعود إلى "عرب فينيقيين"، قد أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية والثقافية في الجزائر.
وجاءت تصريحات بلغيث خلال مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، حين طُلب منه توضيح آرائه المثيرة للجدل حول الهوية الأمازيغية، وما إذا كانت تلك المواقف تمثل طمسا لهوية شعب بأكمله.
وردّ بالقول: "ليست هناك ثقافة. هذا مشروع أيديولوجي صهيوني فرنسي بامتياز. لا وجود لشيء اسمه أمازيغية، هناك بربر، وهم عرب قدماء وفق ما يدين به كبار المؤرخين في الشرق والغرب".
وأضاف بلغيث أن "قضية الأمازيغية تُعد، بإجماع عقلاء ليبيا والجزائر والمغرب، مشروعا سياسيا هدفه تقويض وحدة المغرب العربي، خدمةً لمشروع فرنسي يسعى إلى فرض مغرب فرنكوفوني".
وختم حديثه بالقول: "نحن نعود في أصولنا إلى الفينيقيين الكنعانيين، وهذا هو السر بيننا وبين خصومنا في الداخل والخارج".
وفور انتشار المقطع، واجه بلغيث موجة انتقادات حادة من نشطاء وباحثين وصحافيين، وصفوا تصريحاته بأنها استفزازية وتحمل خلفيات سياسية. وطالب عدد منهم بإحالته للتحقيق بتهمة التشكيك في الثوابت الوطنية، في مقارنة مع قضية الكاتب بوعلام صنصال، الذي يقبع حاليا في السجن بعد أن نُسبت إليه تصريحات اعتُبرت مسيئة للوحدة الترابية الجزائرية.
وتطورت القضية إلى حد التسبب في توتر جديد في العلاقات مع الإمارات. وهاجم التلفزيون الجزائري الرسمي، بضراوة أبو ظبي على خلفية استضافة قناة تابعة لها للمؤرخ وبث تصريحات اعتبرت أنها "استهداف خطير لثوابت الشعب الجزائري العريقة ومحاولة التشكيك في أصولها وتاريخها العميق".