ثمن اتحاد الجمعيات الثقافية والفنية بجهة العيون الساقية الحمراء، مضامين الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يوم الجمعة الماضي، في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة. واعتبر الاتحاد أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله أكد لمختلف الفاعلين السياسيين على ضرورة الالتزام بقضايا الوطن والمواطنين والعمل على تسريع وتيرة التنمية. وأبرز جلالته في هذا الخطاب الخطوط الأساسية لخارطة الطريق التي تضع ضمن أولوياتها العمل على تسريع جهود التنمية بالعالم القروي بما يضمن ولوج المواطنين لمختلف الخدمات. أكدت الفعاليات الثقافية والفنية بالصحراء المغربية المنضوية في الاتحاد، من جهة اخرى، أن المجهودات التي بذلتها الحكومة خلال السنوات الأربع الماضية تميزت بتعزيز البنيات التحتية الثقافية والفنية وإطلاق عدد من البرامج والمشاريع التي ساهمت في المحافظة على الثقافة الحسانية والارتقاء بالوضعية الاعتبارية والمادية للفنانين والفاعلين في القطاع الثقافي من مبدعين في مجالات الأدب والشعر والفنون التشكيلية. واعتبر اتحاد الجمعيات الثقافية والفنية بجهة العيون الساقية الحمراء، أن مختلف التدخلات التي تمت على مستوى قطاع الثقافة ساهمت بشكل كبير في مواجهة الدعايات المغرضة لأعداء الوحدة الترابية حيث شاركت الفرق الفنية وعدد من المبدعين في ملتقيات ومهرجانات دولية عرفت بالثقافة الحسانية وأبرزت المجهودات التي تم القيام بها للمحافظة عليها وتثمينها. اتحاد الجمعيات الثقافية والفنية بجهة العيون الساقية الحمراء، الذي تنضوي تحت لوائه مجموعة من الجمعيات الفاعلة في المجال الثقافي والفني بالأقاليم الجنوبية للمملكة، نوه بالمجهودات التي قام بها محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، بإشرافه على التنزيل الأمثل للمشاريع التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي تهم النهوض بالثقافة الحسانية وحفظ وصيانة التراث الحساني الشفهي منه والمكتوب. وأبرز الاتحاد أن بنسعيد أشرف بصفة شخصية ومن خلال المديريات الجهوية والإقليمية لقطاع الثقافة على تنفيذ مختلف برامج المكون الثقافي من النموذج التنموي الذي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله انطلاقته بالجهات الجنوبية الثلاث. وأوضحت ذات الفعاليات أن هذا المكون شمل النهوض بالثقافة الحسانية من خلال تجميع وطبع كتب ومؤلفات حول الشعر والحكاية الشعبية الحسانية، فضلا عن دعم خلق خزانات وفضاءات للقراءة. ودعا اتحاد الجمعيات الثقافية والفنية إلى وقف الحملات المسعورة والأصوات النشاز التي تحاول تبخيس أعمال وتدخلات مختلف القطاعات الحكومية ومنها وزارة الشباب والثقافة والتواصل مرجحة كفة المصالح الشخصية الضيقة عوض النظر بمنظار المصلحة العليا للوطن. واعتبر الاتحاد أنه من الضروري على الجميع القطع مع الصراعات السياسية التي برزت خلال الأسابيع الأخيرة سعيا للنيل من الحكومة والوزراء المسؤولين عن مختلف القطاعات الحكومية. [12/10 13:26] Mohamed Belmou: باب الرواح تستضيف جديد الفنان المنصوري الادريسي "الزمن المنفلت: محاولة القبض على الجمال في عالم متحوّل" تحت عنوان "الزمن المنفلت"، يقدّم الفنان التشكيلي المنصوري الإدريسي محمد معرضًا فنيًا جديدًا تحتضنه القاعة الوطنية باب الرواح بالرباط يوم 21 أكتوبر الجاري، ابتداءً من الساعة السادسة مساءً. يأتي هذا المعرض كتأمل بصري في فكرة الزمن المنفلت من القيود، حيث تتجسّد اللحظات الهاربة والذكريات المتحوّلة في أعمال تشكيلية تنبض باللون والحركة والتجريب. عبر هذا المشروع الفني، يفتح الفنان المنصوري الإدريسي محمد مساحة للتفكير في علاقة الإنسان بالزمن والوجود، من خلال مقاربات جمالية تجمع بين الحس التأملي والابتكار التشكيلي. "الزمن المنفلت" ليس مجرد معرض، بل تجربة فنية تدعو الجمهور إلى الغوص في عمق اللحظة، واستشعار الجمال الكامن في انسياب الوقت وتحوّلاته. يشكّل معرض "الزمن المنفلت" لحظة فنيّة وتأمّلية في آن، تتقاطع فيها التجربة الجمالية مع الأسئلة الكبرى التي يطرحها الزمن المعاصر، لا بوصفه مجرّد سياق لمرور الأحداث، بل كقيمة متحوّلة، عصيّة على القبض، تفرض ذاتها كموضوع إشكالي في صلب الممارسة التشكيلية. ليس الفنان التشكيلي، كما يُخيّل أحيانًا، كائناً خارج الزمن أو فوقه؛ بل هو ابن لحظته، متجذّر في واقعه، وإن اتخذ من الجمال أداة للمقاومة، ومن الصورة وسيلة للتفكّر في ما يفلت من المعنى. إنّه كائن على الحافة: بين ما كان وما سيكون، بين الثابت والمتحوّل، بين الرغبة في القبض على جوهر الأشياء والانجراف في تيار متسارع من التحوّلات. لقد جاء هذا المعرض أيضًا ثمرة اطّلاع واسع على عدد من الكتابات التي تناولت مفاهيم الزمن والجمال عبر العصور، بدءًا من تنظيرات الفلاسفة والعلماء العرب القدامى، أمثال الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن الهيثم، الذين ربطوا الجمال بالنظام والانسجام والضوء والتناسق العقلي، مرورًا بابن خلدون الذي نظر إلى الزمن من زاوية عمرانية وتاريخية، وصولاً إلى المفكرين المعاصرين، الذين أعادوا مساءلة هذه المفاهيم في ضوء تحوّلات الحداثة وما بعدها. ومن بين هؤلاء، يبرز المفكر المغربي نور الدين أفاية، الذي اشتغل بعمق على قضايا الصورة، والهوية، وتحولات الحس الجمالي في ظل اختلال المرجعيات الثقافية. لقد نبّه أفاية إلى خطورة انزلاق الجمال إلى مجرّد استهلاك بصري مفرغ من المعنى، في زمن تطغى فيه السرعة وتغيب فيه القدرة على التأمل. كما لا يمكن تجاهل إسهامات محمد الشيكر، الذي قدّم قراءات فلسفية دقيقة لمفاهيم الزمن والحداثة، مبرزًا كيف أن الفن، في علاقته بالفكر، ليس مجرد تمثيل، بل تعبير عن توتّر وجودي، وموقع للمقاومة الرمزية في عالم يزداد ابتعادًا عن العمق. في زمنٍ تُعيد فيه التكنولوجيا تشكيل الإدراك، وتُقلقل فيه وسائل التواصل حدود الحقيقة والخيال، يصبح من الصعب أكثر فأكثر القبض على الجمال بوصفه قيمة مطلقة أو تجربة صفائية. فالجمال، في هذا السياق، ليس مفهوماً جاهزًا، بل مسعى دائم ومتوتر لإعادة تشكيل العالم عبر الحسّ والرمز والتجربة البصرية. وهو مسعى يزداد تعقيدًا حين يتقاطع مع اختلالات الواقع: تفاوت اقتصادي صارخ، أزمات وجودية، قلق معرفي، وفقدان للثوابت. هنا، لا يعود الجمال هدفًا جماليًا خالصًا، بل يتحوّل إلى استراتيجية مقاومة: مقاومة التفاهة، والزيف، والتكرار، وتسليع الإحساس. فالفن، بهذا المعنى، هو محاولة يائسة وربما بطولية للإمساك بلحظة صدق، أو بوميض معنى، وسط زمن يتفلّت بسرعة البرق من بين الأصابع. ومن هذا التفلّت بالتحديد يستمدّ المعرض عنوانه ومضمونه: "الزمن المنفلت" ليس مجرد توصيف لحالة، بل تشخيص لتحدٍّ وجودي يواجه الفنان والمفكّر والمجتمع على حدّ سواء. تعمل الأعمال المعروضة في هذا المعرض على مساءلة الزمن لا فقط كخلفية، بل كعنصر حيّ يتداخل مع المادة، والتكوين، والضوء، واللون. فهي تحاول القبض على الجمال لا بوصفه نهاية، بل كفعل مستمرّ، كتوتّر، كمقاومة للابتذال، كبحث مفتوح لا عن الإجابة، بل عن الصيغة التي تسمح بطرح الأسئلة الجمالية بطريقة صادقة ومُجذِّرة في واقع اليوم. بهذا المعنى، يصبح المعرض ساحة يتواجه فيها الفنان مع ذاته وزمنه، ساعيًا إلى بلورة رؤية لا تحبس الجمال في قوالب الماضي، ولا تستسلم لتشظيات الحاضر، بل تقترح فضاءً تأمّليًا يحاول برهافة عالية إعادة وصل ما انقطع، والتقاط ما يفلت، ورسم ما لا يُقال.