أعلن رئيس جنوب إفريقيا السابق، جاكوب زوما، دعمه الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية كحل للنزاع الإقليمي حول الصحراء، في موقف مفاجئ أعيد اعتباره بمثابة اختراق دبلوماسي مغربي لمواقف بريتوريا التقليدية.
وجاء إعلان زوما من العاصمة الرباط، عقب لقاء رسمي جمعه بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بحر الأسبوع الماضي، وهو ما أثار تفاعلات واسعة في الأوساط السياسية والدبلوماسية داخل القارة الإفريقية.
في هذا الصدد، قال المحلل السياسي عبد السلام البراق شادي، إن موقف زوما يحمل "دلالات استراتيجية"، نظرا لمكانته الرمزية وقيادته الحالية لحزب "أومكونتو ويسيزوي"، المصنف كثالث قوة سياسية في جنوب إفريقيا عقب الانتخابات الأخيرة.
واعتبر البراق في حديث ل"الأيام 24″، أن التصريح، الصادر من داخل مركز القرار المغربي، يعكس قدرة الرباط على بناء جسور التواصل مع النخب السياسية الجديدة في جنوب إفريقيا، مؤكدا أن هذا التحول قد يكون بداية لتغير جذري في موقف بريتوريا من ملف الصحراء.
وأضاف المحلل أن دعم زوما لمبادرة الحكم الذاتي يشكل "رسالة سياسية مباشرة" إلى الحزب الحاكم، المؤتمر الوطني الإفريقي، تدعو إلى إعادة تقييم النهج التقليدي المؤيد لجبهة البوليساريو، في ظل التحولات الجيوسياسية والمصالح الاستراتيجية التي باتت تفرض إعادة تموقع.
كما أشار البراق إلى أن هذا التطور قد يشجع قوى وأحزابا سياسية إفريقية أخرى على مراجعة مواقفها من القضية، خصوصا وأن جنوب إفريقيا تُعد من أبرز الفاعلين الدبلوماسيين بالقارة.
وبخصوص السيناريوهات الممكنة لهذا التحول، رجح البراق أربعة مسارات محتملة، من ضمنها: الحياد التدريجي لبريتوريا، دعم صريح لمبادرة الحكم الذاتي، انقسام داخل المؤسسة التنفيذية إذا دخل "أومكونتو ويسيزوي" في ائتلاف حكومي، أو الإبقاء على الموقف التقليدي رغم تنامي الضغط الداخلي.
واختتم بالقول إن دعم زوما يمثل دفعة جديدة للمبادرة المغربية، ويعزز من عزلة الطرح الانفصالي، معتبرا أن المغرب بات يخاطب الفاعلين الحقيقيين داخل النسيج السياسي الجنوب إفريقي من خلال دبلوماسيته النشطة والاستباقية.